بكين 7 ديسمبر 2022 (شينخوا) في العاصمة القطرية الدوحة، أصبح استاد لوسيل المتلألئ، حيث تُلعب بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 المليئة بالنجوم، معلما جديدا وتُعرض صورته على النسخة الجديدة من الأوراق النقدية فئة 10 ريالات في البلاد. وسيستضيف الاستاد الذي يتسع لـ80 ألف مقعد، وجرى تصميمه وتشييده بشكل مشترك من قبل الصين وقطر، الحفل الختامي للبطولة. وفي شوارع البلد المضيف، توفر 3000 حافلة صديقة للبيئة صينية الصنع وسائل نقل خضراء للحدث وتجربة سفر خضراء للمشجعين القادمين من جميع أنحاء العالم. كما سلطت العناصر الصينية في كأس العالم الضوء على مشاريع رائدة أخرى بين الصين والدول العربية، مما يبرز التعاون المثمر والصداقة طويلة الأمد بينهما. ومن المتوقع الآن أن تزداد العلاقات بينهما قوة مع مشاركة الرئيس الصيني شي جين بينغ في القمة الصينية العربية الأولى واجتماع قادة الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربي، وقيامه بزيارة الدولة إلى المملكة العربية السعودية في الفترة بين 7 و10 ديسمبر الجاري. --ثمار وفيرة في عام 2016، زار الرئيس الصيني شي جين بينغ المملكة العربية السعودية، وأسفر التعاون متبادل المنفعة بين البلدين عن ثمار وفيرة، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية 87.31 مليار دولار أمريكي في عام 2021، بزيادة قدرها 30.1 في المائة على أساس سنوي. وفي المنطقة الأوسع، بلغ حجم تجارة الصين مع الدول العربية نحو 330 مليار دولار في عام 2021، بزيادة سنوية قدرها 37 في المائة. ومن الأمثلة على التعاون شركة ينبع أرامكو سينوبك للتكرير (ياسرف) التي أنشأتها بشكل مشترك شركة أرامكو السعودية وشركة الصين للبتروكيماويات. ومنذ افتتاحها في عام 2016، شهدت الشركة تعاونا تقنيا وتجاريا واستثماريا بين السعودية والصين وأصبحت واحدا من المشاريع التي يتم تشغيلها بشكل سلس في المنطقة. على بعد حوالي 1500 كيلومتر من مدينة ينبع الساحلية في السعودية، يعمل أول نظام نقل لخط السكك الحديدية الخفيفة الكهربائية في مصر، تم تشييده بشكل مشترك من قبل شركات صينية ومصرية، منذ ما يقرب من نصف عام في القاهرة. وقال حسن مهدي، أستاذ النقل والطرق في جامعة عين شمس في القاهرة، إن هذا المشروع هو نواة لمزيد من المشاريع المصرية الصينية في صناعة النقل وتوطين تكنولوجيا النقل في مصر. فيما ذكر ناصر عبد العال، أستاذ اللغة الصينية ونائب عميد كلية الألسن (اللغات) بجامعة عين شمس، أن هذه المشاريع، كأمثلة على التعاون الصيني العربي في إطار مبادرة الحزام والطريق، هي "مسارات مهمة" للدول العربية لتحقيق أهدافها التنموية. وأشار سامر خير أحمد، وهو كاتب وخبير أردني متخصص في العلاقات العربية الصينية، إلى أنه "من المهم أن تقدم الصين خبراتها في تطوير البنية التحتية في العالم العربي في الموانئ والنقل الدولي الذي يربط المنطقة العربية بالعالم، مما سيساعد في جعل المنطقة العربية تستعيد مكانتها كحلقة وصل بين آسيا وأوروبا وأفريقيا". وحتى تاريخه، وقعت الصين اتفاقيات تعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق مع 20 دولة عربية وجامعة الدول العربية. ونفذ الجانبان (الصين والدول العربية) ما يزيد عن 200 مشروع تعاون واسع النطاق في مجالات الطاقة والبنية التحتية وغيرها، استفاد منها قرابة ملياري شخص من كلا الجانبين. ولمساعدة الدول العربية على مكافحة جائحة كوفيد-19، أرسلت الصين خبراء طبيين ولقاحات إليها وتبادلت الخبرات السريرية مع الدول التي كانت في أمس الحاجة إليها. وفي مصر والجزائر والإمارات العربية المتحدة، ساعدت الصين في توطين إنتاج اللقاحات لتلبية الطلب المحلي المتزايد، مما يدل على الصداقة المتزايدة والثقة المتبادلة مع الدول العربية. وقال الرئيس شي في رسالة تهنئة بمناسبة انعقاد القمة الـ31 لجامعة الدول العربية في الأول من نوفمبر إن "الصين مستعدة للعمل مع الدول العربية لتعزيز الدعم المتبادل وتوسيع التعاون في جهد مشترك لبناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك للعصر الجديد، من أجل خلق مستقبل مشرق للعلاقات الصينية العربية وتقديم مساهمات للسلام والتنمية العالميين". -- توسيع نطاق التعاون في بلاد ما بين النهرين في العراق، لطالما هدد التصحر وتملح التربة بدفن مهد واحدة من أقدم الحضارات البشرية. وقال سرمد كامل علي، نائب كبير المهندسين الزراعيين في المجلس الحكومي لمكافحة التصحر في العراق، والذي كان في الصين في عام 2013 للتعلم حول مكافحة الرمال، إن حلمه هو نقل ما تعلمه من الصين إلى العراق وتحويل الصحاري إلى واحات. في العقد الماضي، قاد الرئيس الصيني التنمية الخضراء في البلاد، مما أسفر عن تحقيق نتائج مبهرة. وتحتل الصين المرتبة الأولى عالميا في مجال زرع الغابات ونمو الغطاء الحرجي، حيث ساهمت بربع مساحة الغابات الجديدة في العالم في السنوات الـ10 الماضية. وتواصل البلاد الالتزام بأهدافها المناخية وتنفيذ مشاريع التعاون مع الدول العربية لتوطيد التآزر بين إستراتيجياتها الإنمائية لتحقيق هذه الغاية. وفي مجال الطاقة الجديدة، قامت الصين بتوسيع التعاون مع الدول العربية في مجال الطاقة الشمسية والريحية والكهرومائية، وأنشأت مركزا تدريبيا صينيا عربيا للطاقة النظيفة، والعمل الصيني المصري للطاقة المتجددة، ونفذت مشاريع تعاون مثل محطة الخرسعة للطاقة الشمسية بقدرة 800 ميغاوات في قطر ومنصات للطاقة الشمسية بقدرة 186 ميغاوات في مجمع بنبان للطاقة الشمسية في مصر. وقال الرئيس شي في محادثة هاتفية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أبريل إن الجانب الصيني يدعم مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أطلقتها المملكة العربية السعودية ويرحب بمشاركة السعودية في مبادرة التنمية العالمية. وقال ناصر عبد العال، أستاذ اللغة الصينية ونائب عميد كلية الألسن (اللغات) بجامعة عين شمس في مصر إن مبادرة التنمية العالمية تمنح الصين وشركاءها منصة لتحقيق أهدافها الإنمائية في ضوء أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030. وأعلن الرئيس شي، أثناء ترؤسه للحوار رفيع المستوى حول التنمية العالمية في يونيو، عن نحو 30 إجراء مهما اتخذتها الصين لتنفيذ مبادرة التنمية العالمية، مما دفع تنفيذ أجندة 2030 قدما. وقال أحمد قنديل، رئيس وحدة الدراسات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن المبادرات الصينية تتميز بالحيادية والموضوعية واحترام الأوضاع الداخلية للدول النامية، مع التركيز على رفع مستوى معيشة الشعوب، ولهذا السبب تلقت ترحيبا كبيرا من الدول النامية. وبحلول شهر أكتوبر من هذا العام، أعربت أكثر من 100 دولة، بما فيها 17 دولة عربية، ومنظمة دولية عن دعمها لمبادرة التنمية العالمية، وانضمت أكثر من 60 دولة، من بينها 12 دولة عربية، إلى مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية. -- السلام والتنمية على مدى سنوات، تعاملت الصين والدول العربية مع بعضها البعض بإخلاص، ووقفت جنبا إلى جنب في الكفاح من أجل نيل الاستقلال الوطني، وساعدت بعضها البعض على طريق التحديث. وهي تثمن أكثر من أي وقت مضى السلام والأمن بوصفهما شرطا مسبقا للتنمية. وفي الوقت الذي تشرع فيه الصين في رحلة جديدة لتحويل نفسها إلى دولة اشتراكية حديثة عظيمة من جميع النواحي، فإنها تظل ملتزمة بتقاسم فرص النمو مع الدول الأخرى، وخاصة الدول العربية التي هي في أمس الحاجة إلى التنمية والأمن والاستقرار. وقال الرئيس شي في خطابه في مقر جامعة الدول العربية في عام 2016 إن مفتاح معالجة المشكلات الشائكة هو تسريع التنمية، مشددا على أنه يتعين على الصين والدول العربية تعزيز التعاون والسعي معا من أجل السلام والتنمية للبشرية. وفي رسالة تهنئة أرسلها الرئيس شي بمناسبة انعقاد القمة العربية الـ31 في الجزائر العاصمة الشهر الماضي، قال الرئيس شي إن جامعة الدول العربية، الملتزمة بالسعي إلى تحقيق القوة من خلال الوحدة في العالم العربي، تعمل بنشاط على تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتبذل جهودا حثيثة لصون التعددية والمصالح المشتركة للدول النامية. ويعتقد الخبراء أن دور الصين وخبرتها في التنمية الذاتية، بما في ذلك التصنيع والتحديث، مطلوبان بشكل خاص في إعادة إعمار البلدان التي مزقتها الأزمات مثل سوريا وليبيا والعراق واليمن ولبنان. وقال الخبير الأردني أحمد إن الدول العربية، التي عانت من الإمبريالية التي أعاقت عملية تنميتها رغم توفر الموارد، تريد أن تظهر أن لديها مسارات سياسية مستقلة خالية من التأثير الخارجي القديم، وتريد توسيع تعاونها الاقتصادي بشكل حقيقي مع دول كبرى، مثل الصين. وأضاف أحمد أن "هذه فرصة تاريخية للعرب وعليهم اغتنامها."
مشاركة :