نظمت هيئة الأدب والنشر والترجمة اليوم مؤتمر النشر الرقمي تزامناً مع معرض جدة للكتاب، المقام بمركز “سوبر دوم”، وقد تناول خلاله عدد من المختصين والكتّاب والناشرين، جملةً من الموضوعات المتعلقة بالنشر الرقمي ودوره في تسهيل التعلم والقراءة لا سيما لفئة ذوي الإعاقة، إضافةً إلى خلق الفرص، ومواجهة تحديات التعلم من خلال النشر الرقمي، وقضايا النشر التقليدي والرقمي والنشر الذاتي، والذكاء الاصطناعي وكيفية توظيفه في مجال الطباعة والنشر. وفي جلسةٍ بعنوان “النشر الرقمي يسهل التعلم والقراءة”، أدارها رئيس مجلس إدارة جمعية الترجمة الدكتور محمد البركاتي، بمشاركة الدكتور مايكل جونسون نائب رئيس “بنتش”، ولورا برادي مدير الوسائط المتعددة في House of Anansi Press، ونورة الجبالي مستشارة هيئة الأشخاص ذوي الإعاقة، والدكتور مهنا المهنا مستشار في شؤون وكلاء الجامعة الجامعة بوزارة التعليم، والدكتور محمود مسرورة مستشار خدمات مكتبة نسيج وإدارة المعرفة. حيث أكد المتحدثين أهمية دور النشر الرقمي والقنوات الرقمية في وصول الكتب لجميع فئات المجتمع على اختلاف تطلعاتهم وثقافاتهم وميولهم، وخصوصًا فئة الأشخاص ذوي الإعاقة وكيفية خدمته لهم، في العصر الذي تتسارع فيه صناعة المحتوى وتقنية المعلومات. وأكدت المستشارة نورة الجبالي، أن الهيئة وصلت لمرحلة الوعي والفهم وتوفير المحتوى السهل واليسير، حيث أُنشئت الهيئة في العام ٢٠١٩م؛ لتهتم بخدمة ذوي الإعاقة، وحل الفجوات الموجودة، من خلال توفير منصة تسهل الوصول للمواقع والتطبيقات والمحتوى المكاني، كما عممت الهيئة على جميع الجهات الحكومية بأن تكون كل التعاملات بلغة الإشارة، مع وجود تطبيقات تخدم ذوي الإعاقة، منها “مواءمة” و”إشارة”. في حين أشار جونسون، إلى أنهم يعملون مع الجمعيات الخيرية ويدعمونها من أجل تسهيل الوصول إلى جميع الفئات وضمان إيصال التعليم لهم بيسر وسهولة، خصوصًا ذوي الإعاقة منهم، كما أوضح أنهم يعملون على تزويدهم بالمحتوى الرقمي، ولكن مازال هناك شح في المحتوى، مضيفاً: “إننا محتاجون للوعي ثم الوعي بالمؤسسات التعليمية، حيث مازلنا نعاني من مشكلات التقنية، وعلينا إدخال الذكاء الصناعي في كل المنتجات حتى نستطيع الوصول لأكبر شريحة قابلة للتعلم، ومساعدة ذوي الإعاقة”، وشدد الدكتور مهنا المهنا أن الوصول الرقمي سهّل حياة الأشخاص الذي يعانون من مشاكل بصرية. وعن واقع النشر الرقمي وأحواله ومدى انتشاره والإقبال عليه، ناقش مختصون في جلسةٍ بعنوان “خلق الفرص ومواجهة تحديات التعلم من خلال النشر الرقمي”، أدارها الكاتب والناشر إبراهيم آل سنان، الذي مهد الجلسة بالحديث عن تخوف بعض الكتاب والناشرين من الكتب الرقمية، بسبب ضياع الحقوق، متسائلاً عن الحلول المطلوب إيجادها للقضاء على هذه المخاوف، في حين أوضح مدير إدارة حق المؤلف إبراهيم عسيري أنه في ظل البنية التحتية والتشريعية والقانونية والسياسات المُقرة والاتفاقيات الدولية، أضحى النشر الرقمي آمنًا ومحفزًا ومشجعًا. وناقش عدد من المتخصصين، في الجلسة التي حملت عنوان “تقنيات جديدة في القراءة الإلكترونية”، الابتكارات المتتالية في طرق تقديم المحتوى الرقمي، وطرق إنتاج الكتب ونشرها وترويجها، وقد أدارها مؤسس قناة ظل كتاب سامي البطاطي، بمشاركة عدد من المتخصصين في مجال النشر الرقمي، حيث ذكرت المدير الإقليمي لشركة المفكرون الصغار روان الشدفان، أن الطلاب الذين يستخدمون المنصة الرقمية التابعة لهم تطورت قدراتهم بنسبة ٣٠%، موضحة أن هناك تغيرًا كبيرًا بعد كورونا، حيث إن أبرز التحديات كانت تكمن في ارتفاع أسعار الكتب في الوطن العربي، وصعوبة أن يتوصل الأهل لمستويات عالية لأبنائهم في القراءة، فكانت المنصة القرائية هي الحل، مؤكدة أن القادم هو الجمع بين الأجهزة الإلكترونية التي تقدم الكتاب الرقمي والتعليم عن طريق البشر. وعن دور المساعد الشخصي الذكي في التصفح والقراءة بالصوت، تناول مختصون ومعنيون بالتطبيقات الذكية أهم القضايا المتعلقة به، في جلسةٍ بعنوان “كيف يُغير المساعد الشخصي الذكي طريقة قراءتنا”، تحدث فيها كل من الرئيس التنفيذي لتطبيق رفوف عمار مرداوي، واستشاري النشر الرقمي علي عبدالمنعم، ومدير النشر والترجمة في العبيكان محمد الفريح، فيما أدارها الرئيس التنفيذي لـProject voice برادلي مبروك. وقد أوضح عمار مرداوي، أن المساعد الذكي أسهم بشكل كبير في إحداث نقلة نوعية للأجهزة الذكية، وكانت له أدوار كبيرة في إنتاج الكتب الرقمية، داعيًا الحضور إلى الاستثمار في الذكاء الصناعي “لا سيما وقد عُولجت الآن الصعوبات والمشكلات، بل تعدى الأمر إلى الوصول إلى ابتكارات جديدة، فالذكاء الصناعي ليس محصورًا فقط في إنتاج كتاب رقمي”. وشكّل الصراع بين النشر التقليدي والإلكتروني حضورًا في المؤتمر من خلال جلسة بعنوان “منصات تسويق المحتوى الرقمي”، شارك فيها كل من الرئيس التنفيذي لمجموعة مادتومادتو محمد بازيد، والمؤلف والمدرب عادل باهميم، إضافةً إلى الشريك المؤسس لدار دون للنشر أحمد مهني، فيما أدارة الجلسة الحوارية الدكتور عادل الزهراني. واستهلّ الزهراني الجلسة بمقدمة عن ماهية النشر الإلكتروني، وحضوره في الساحة، ليفسح المجال أمام المشاركين الذين أجملوا في الحديث، متطرقين إلى الطرق التي يسلكها الناشر والمؤلف لتسويق لكتبهم، مع تزايد النشر العالمي، والممارسات التي تتم لتوسيع قاعة القراءة والتسويق الرقمي، وكيفية الوصول من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لجمهور القراء، إضافةً إلى الحديث عن الاستراتيجيات التي تربط القراء بالكتب التي يحبونها. وضمن جلسات مؤتمر النشر الرقمي، ناقشت جلسة “فرص النشر الذاتي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، عددًا من القضايا المتعلقة بالنشر الذاتي، بحضور نخبة من المتخصصين والناشرين، حاورهم مدير ناشر نيوز محمد العطار، حيث أوضح خبير ومؤلف تحالف المؤلفين المستقلين مايكل لارون، أن النشر الذاتي مثل عملية الإسكان في أمريكا، مضيفًا: “هناك العديد من الناشرين لديهم القدرة لإخراج كتبهم للعالم، وبالتحدث عن المميزات في النشر الذاتي فهو يعطيك انطباع القراء عن كتابك ومدى تقبلهم له، وأيضًا الأرباح ستكون لنفس المؤلف بما يعادل ٩٠٪”، مبينًا أن من أهم شروط النشر الذاتي أن تكون النسخة ذات جودة عالية، وذات محتوى جاذب للجمهور، إضافةً إلى التسويق بشكل جيد. وفي جلسةٍ بعنوان “المحتوى الرقمي للأطفال لجيل قارئ ومثقف”، ناقش مختصون أهم التحديات المعاصرة لتوفير المحتوى الرقمي للأطفال بمختلف الخيارات، مؤكدين أن المبتكرين يطورون اليوم طرقًا جديدة في مجال تكنولوجيا النشر لتثقيف الجيل القادم وإشراكه في قراءة الكتب، أدار الندوة مؤسس منصة فهمان نايف أبا حسين، وشارك فيها كل من مؤسس أنمي ثيرابي حسين بن سهلان، والرئيس التنفيذي لمنصة لمسة بدر ورد، والرئيس التنفيذي لمنصة الهدهد علي الشعالي، إضافةً إلى الرئيس التنفيذي لمنصة عصافير عمرو أبو حميدان. وشهد المؤتمر إقامة ورشتي عمل عن النشر الرقمي، قدم الورشة الأولى الناشران روبن لاي وكارلو كارينو، اللذان تحدثا عن الإنتاج الصوتي للكتب، والتحول من أشرطة الكاسيت والأقراص المدمجة إلى المحتوى الرقمي القابل للتنزيل ومنصات البث التي أدت إلى نمو غير مسبوق في هذا المجال، في حين تناولت الورشة الثانية، التي قدمها المؤلف ومؤسس منصة عالم موازٍ أحمد فؤاد، ومديرة تسويق دار تنمية للنشر عُلا الديب، كيفية تعزيز العلاقة بين المؤلفين وبائعي الكتب بالتجزئة، في ظل وجود ملايين الكتب وتصفح القراء للمحتوى الرقمي، وسعي دور النشر لإبراز إصداراتهم بشتى الوسائل المتاحة.
مشاركة :