رحل عن عالمنا، أمس، الناقد والمثقف العربي الكبير الدكتور صلاح فضل، رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وعضو لجنة تحكيم «أمير الشعراء» منذ إطلاق البرنامج في عام 2007، بعد رحلة مليئة بالعطاء العلمي والثقافي والتفاني في خدمة اللغة وآدابها حتى لقب بشيخ النقاد العرب، وتجربة إنسانية باذخة استشعرها كل من اقترب منه وجالسه. ولد فقيد الأدب الكبير بقرية شباس الشهداء بوسط دلتا مصر في 21 مارس عام 1938، واجتاز المراحل التعليمية الأولى الابتدائية والثانوية بالمعاهد الأزهرية. وحصل على ليسانس كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1962، ثم عمل معيداً بالكلية ذاتها منذ تخرجه حتى عام 1965. وأوفد بعد ذلك في بعثة للدراسات العليا إلى إسبانيا، وحصل على دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة مدريد المركزية عام 1972، وعمل في أثناء بعثته مدرساً للأدب العربي والترجمة بكلية الفلسفة والآداب بجامعة مدريد منذ عام 1968 وحتى عام 1972، وفي تلك الفترة تعاقد مع المجلس الأعلى للبحث العلمي في إسبانيا، للمساهمة في إحياء تراث ابن رشد الفلسفي ونشره. وعمل صلاح فضل بعد عودته إلى مصر أستاذاً للأدب والنقد بكُلِّيتي اللغة العربية والبنات بجامعة الأزهر، وأستاذاً زائراً بكلية المكسيك للدراسات العليا منذ عام 1974 حتى عام 1977. وأنشأ خلال وجوده بالمكسيك قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة المكسيك المستقلة عام 1975. وانتقل بعدها للعمل أستاذاً للنقد الأدبي والأدب المقارن بكلية الآداب بجامعة عين شمس منذ عام 1979، ثم رئيساً لقسم اللغة العربية. وانتدب مستشاراً ثقافياً لمصر، ومديراً للمعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد بإسبانيا منذ عام 1980 وحتى عام 1985. وترأس في هذه الأثناء تحرير مجلة المعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد. واختير أستاذاً شرفياً للدراسات العليا بجامعة مدريد المستقلة. ثم انتدب بعد عودته إلى مصر عميداً للمعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون منذ عام 1985 وحتى عام 1988، وعمل أستاذاً زائراً بجامعات صنعاء باليمن والبحرين حتى عام 1994. وحصل على جائزة البابطين للإبداع في نقد الشعر عام 1997، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2000، وجائزة النيل في الآداب لعام 2018. وشارك في اللجنة التنفيذية العليا لمؤتمر المستشرقين الذي عقد في المكسيك 1975، وفي تأسيس مجلة «فصول» للنقد الأدبي، وعمل نائباً لرئيس تحريرها في أوقات متفاوتة منذ 1980 حتى 1990، واختير عضواً شرفياً بالجمعية الأكاديمية التاريخية الإسبانية، كما شارك في تأسيس الجمعية المصرية للنقد الأدبي، وعمل رئيساً لها منذ 1989. وهو عضو المجلس الأعلى للثقافة والإعلام بالمجالس القومية المتخصصة، وعضو شعبتي الثقافة والأدب، وعضو اللجنة العلمية العليا لترقية الأساتذة في الجامعات المصرية، ورئيس اللجنة العلمية لموسوعة أعلام علماء وأدباء العرب والمسلمين بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومستشار مكتبة الإسكندرية منذ عام 2003، وانتخب عضواً بالمجمع العلمي المصري عام 2005، كما انتخب عضواً في مجمع اللغة العربية عام 2003، وأشرف على مجموعة من سلاسل الكتب في الهيئة المصرية العامة للكتاب، مثل: دراسات أدبية، ونقاد الأدب، وأسهم في إقامة عدد من المؤتمرات العلمية والنقدية، وأدارها في مصر وإسبانيا والبحرين. وشارك في كثير من الملتقيات العلمية العربية، وهو عضو لجنة تحكيم برنامج «أمير الشعراء». وكانت للإمارات مكانة خاصة في قلب صلاح فضل حيث كان عضواً في اللجنة العلمية لمركز أبوظبي للغة العربية والهيئة الاستشارية لجائزة الشيخ زايد للكتاب. وشغل الدكتور صلاح فضل منصب القائم بأعمال رئيس مجمع اللغة العربية «مجمع الخالدين». وترك عدداً كبيراً من المؤلفات النقدية الرصينة، والأعمال الأدبية الرفيعة، ويعتبر أحد أبرز النقاد العرب المعاصرين الذين أسهموا في إثراء المدونة النقدية الأدبية خلال العقود الماضية بأعمال كان لها دور كبير في تجديد روح ومناهج النقد الأدبي العربية، والتعريف بالمدارس والنظريات النقدية الغربية المعاصرة.
مشاركة :