الاتحاد الأوروبي قلق من تعميق علاقات تركيا مع روسيا

  • 12/12/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تشعر حكومات غربية بقلق متزايد إزاء تنامي العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا. ويحذر مسؤوليون غربيون من أن تواجه تركيا ردا عقابيا بسبب توفيرها منصة لموسكو من أجل الالتفاف على العقوبات الغربية. بروكسل – يشعر الاتحاد الأوروبي بقلق إزاء حفاظ تركيا على شراكة وثيقة مع روسيا، على الرغم من الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية القاسية ضد موسكو. وقال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، في رسالة إلى البرلمان الأوروبي الأحد، إن تعميق العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا يمثل “مصدر قلق كبير”. وأضافت الرسالة أن من دواعي القلق أيضا استمرار سياسة تركيا المتمثلة في عدم الانضمام إلى الإجراءات التقييدية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي ضد روسيا. وأوضح بوريل، وفقا للتقرير، أن الاتحاد الأوروبي وتركيا يشكلان اتحادا جمركيا، يمنح حرية حركة البضائع التي تشمل السلع “ذات الاستخدام المزدوج”، وهي السلع التي يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية. وحذر بوريل من أن تركيا من المهم ألا تساعد روسيا في الإفلات من العقوبات. جوزيب بوريل: تعميق العلاقات بين تركيا وروسيا مصدر قلق كبير جوزيب بوريل: تعميق العلاقات بين تركيا وروسيا مصدر قلق كبير ويعتزم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التحدث إلى نظيريه الروسي والأوكراني في نهاية الأسبوع، لمناقشة “تعزيز” صفقة ممر الحبوب في البحر الأسود التي ترعاها الأمم المتحدة. وتأتي المكالمات الهاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وسط مشاكل عالقة في اتفاق يوليو، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا. ويسمح الاتفاق، الذي تم تمديده مؤخرا حتى منتصف مارس، بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممر البحر الأسود. وتبدو أنقرة من خلال دورها في الأزمة الأوكرانية الرابح الأكبر دوليا، في لعبها دور الوسيط بين موسكو وكييف. وساهمت تركيا، إلى جانب الأمم المتحدة، في التوسط في الاتفاقيات بين روسيا وأوكرانيا، والذي ترجم بتوقيع اتفاقية الحبوب في إسطنبول، ما مهّد الطريق لأوكرانيا لتصدير نحو 22 مليون طن من الحبوب والأسمدة ومنتجات زراعية أخرى عالقة في موانئها على البحر الأسود. وحاولت تركيا أداء دور الوسيط في النزاع الروسي – الأوكراني عبر اجتماع وفدي البلدين في إسطنبول، حيث كادت الوساطة أن تؤدي إلى نتيجة إيجابية لولا الضغوطات الأميركية – البريطانية على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وإقناعه بضرورة مواصلة الحرب. ويشير مراقبون إلى أن أردوغان لم يكن ليفوّت هذه الفرصة النادرة من دون أن يقدم نفسه، وبلده، على أنّه الطرف الوحيد القادر على مواصلة الاتصال مع نظيره الروسي، إضافة إلى نقل رسائل متبادلة بينه وبين القادة الغربيين. ويلفت هؤلاء إلى أن أردوغان يعلم أنّ تركيا، كعضو في حلف الناتو، لا تسمح للدول الغربية وواشنطن على وجه الخصوص بممارسة ضغوط غير مقبولة عليها. وتثير زيادة الصادرات التركية إلى روسيا مخاوف غربية، وأبدت بعض دول الاتحاد الأوروبي قلقها من النمو التجاري السريع بين موسكو وأنقرة. ومن مايو إلى تيوليو، بلغت قيمة الصادرات التركية إلى روسيا 2.04 مليار دولار، بزيادة 642 مليون دولار عما كانت عليه في تلك الأشهر نفسها من عام 2021، وفقا لبيانات التصدير التي جمعتها وزارة التجارة ومعهد الإحصاء التركي. وفي الشهر الماضي وحده، ارتفعت قيمة الصادرات إلى روسيا بنسبة 75 في المئة على أساس سنوي، من 417 مليون دولار في يوليو 2021 إلى 730 مليون دولار. وكانت الزيادة البالغة 313 مليون دولار بين يوليو 2021 ويوليو 2022 هي الكبرى لأي دولة تصدر تركيا إليها، فيما ارتفعت حصة روسيا من إجمالي صادرات تركيا في يوليو إلى 3.9 في المئة من 2.6 في المئة قبل 12 شهرا. مسؤولون أوروبيون يصفون سلوك تركيا مع روسيا في الحرب الأوكرانية بأنه "انتهازي للغاية" ودفعت الحرب المستمرة في أوكرانيا تركيا وروسيا إلى التقارب، في خطوة تبدو كما أنها جاءت في سياق خرق العقوبات الغربية المفروضة على روسيا. فقد كانت لأثر التداعيات المالية للحرب المستمرة في أوكرانيا أهمية خاصة على اقتصادي تركيا وروسيا، وأصبحت أنقرة منفذا رئيسيا لبعض رؤوس الأموال الروسية التي لا يمكن استثمارها في أي مكان آخر، بسبب العقوبات. ويحذر مسؤولون أوروبيون من أن تتحول تركيا إلى منصّة تجارة لموسكو، واصفين سلوك تركيا مع روسيا في هذا التوقيت بأنه “انتهازي للغاية”. وكذلك، يتزايد قلق واشنطن من استخدام الحكومة والشركات الروسية أنقرة للالتفاف على العقوبات والقيود المالية والتجارية الغربية المفروضة، ردّا على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. والتقارب بين بوتين وأردوغان برز في لقاء سوتشي في أغسطس الماضي، حيث تمّ الاتفاق خلاله على أن يتم دفع إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا جزئيا، وأن يتم التسديد بالروبل. ويبدو أنّ الرئيسين الروسي والتركي ناقشا خلال اللقاء إحياء مشروع خط أنابيب “ترك ستريم” الذي كان قد توقف. واعتبر ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي، أنّ “الشركاء الأوروبيين يجب أن يكونوا ممتنين لتركيا لتأمينها نقل الغاز الروسي من دون توقف”، مشيدا في الوقت نفسه بدور أنقرة في “المرحلة الجديدة والفرص المستجدّة”. وأعلن نوفاك أنّ تركيا من الممكن أن تصبح مركزا لتصدير مصادر الطاقة الروسية، بما في ذلك إلى أوروبا، مشيرا إلى أن إمكانيات نقل الغاز عبرها واعدة للغاية. خخ ويقول محللون إن تركيا تستفيد من الوضع القائم عبر تدخلها في هذه الأزمة مباشرة، وحصلت على موقعية مهمة من خلال اتفاقية الحبوب، واللقاء الذي حصل في أنطاليا بين الروس والأوكران، إضافة إلى اللقاءات الأخرى التي تمّ تأسيسها في تركيا. وعلى الرغم من سعي جميع الدول ومحاولتها للتقريب بين روسيا وأوكرانيا، فإن كل هذه المحاولات لم تنجح، فيما نجحت العلاقات الروسية – التركية في هذه المرحلة العصيبة، واستفادت أنقرة بشكل كبير من خلال اللعب على حبال العقوبات الأميركية الغربية. وتشير تقارير غربية إلى وجود عشرات الآلاف من رجال الأعمال والشركات الروسية التي نقلت فعالياتها وأعمالها إلى تركيا، وخصوصا إلى إسطنبول وجنوب البلاد، وبحر إيجة وأنطاليا. وتعمل تركيا على تسهيل عمليات تمرير وتهريب الأموال الروسية عبر التجارة العالمية، بواسطة شركات تركية تلعب دور الوسيط، حيث تستفيد روسيا من كل هذه التسهيلات. كما أنّ تركيا استفادت من الدبلوماسية الروسية الدولية في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، والجمعيات والمؤسسات العالمية، والتحالفات الدولية، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمات حقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب، ووقوف موسكو إلى جانب أنقرة، من خلال الدعم المتبادل بينهما. وكذلك، استفادت أنقرة من جهتها بشكل أساسي من الخلاف القائم بين الناتو وروسيا، ورغبة الدول التي شعرت بأنّها بحاجة كبيرة إلى الانضام إلى الناتو كالسويد وفنلندا، ووضعت تركيا الفيتو عليهما.

مشاركة :