حرب متواصلة - هكذا تحول روسيا الشتاء إلى سلاح ضد الأوكرانيين!

  • 12/12/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تتزايد الهجمات الروسية ضد البنى التحتية في أوكرانيا الأمر الذي ألقى بظلاله على سبل الحياة في البلاد. وعلى وقع ذلك، بات مئات الآلاف من الأوكرانيين بلا كهرباء أو إمدادات للتدفئة. مراسل DW جان فيليب شولتس التقى مع عدد منهم. بولينا وصديقاتها، أطفال أوكرانيات في خاركيف، سعيدات بسقوط الثلج على عكس الكبار، الذين يخشون على حياتهم من برودة الطقس في ظل الحرب الروسية. مع سقوط ندفات الثلج الأولى، ترى الطفلة الأوكرانية بولينا وصديقاتها أن هذا الوقت هو أجمل أوقات العام، مع كتابة أمنياتهن لهدايا عيد الميلاد، لعلّ "بابا نويل"، يحققها لهن مع سقوط الثلوج على قريتهن، الواقعة في منطقة خاركيف. لكن على وقع الغزو الروسي، غادر معظم الأطفال القرية النائية، التي تقع على الطرف الشمالي الشرقي لمنطقة خاركيف، خاصة مع اشتداد القصف الروسي، فيما أغلقت مدرستهم أبوابها منذ مدة طويلة. تزايد القلق مع بدء فصل الشتاء وبعفوية، قالت بولينا ذات العشرة أعوام "يمكننا الآن البدء في التزحلق على الجليد وخوض معارك بكرات الثلج"، مضيفة أنها قامت وصديقاتها بصنع أول "سنومان" (رجل الثلج)، مع أنف من الجزر.   ويبدو أن بولينا وصديقاتها سعيدات الحظ إذ إن رجل الثلج الذي صنعنه سيصمد لوقت طويل مع توقعات الطقس بانخفاض درجات الحرارة إلى 12 درجة مئوية تحت الصفر خلال الأيام المقبلة. ورغم ذلك، فإن حماس بولينا وصديقاتها يقابله مخاوف تسود كبار السن والشباب في المنطقة إذ يرون  صعوبة العيش مع انخفاض درجات الحرارة   وقد لا تُكتب لهم النجاة خلال الأشهر المقبلة مع انقطاع الكهرباء وإمدادات التدفئة وعن ذلك، قالت إيرينا، السيدة المتقاعدة التي تعيش في ضواحي مدينة إيزيوم، "إن الجو يزداد برودة كل ليلة حتى أني لا أرغب في معرفة ما تحمله الأيام المقبلة؟" وتعيش إيرينا في شقة في بناية مؤلفة من ستة طوابق تعود للحقبة السوفيتية، فيما قالت إن المبنى أصيب عدة مرات بنيران المدفعية منذ بداية الحرب، ما دفع جميع السكان إلى مغادرة المبنى، لكنها اضطرت إلى البقاء رغم خطورة الأمر. تقول إيرينا إن الشتاء يزداد صعوبة بمرور الوقت وتساءلت "أين يمكنني أن أذهب؟"، مضيفة "أحتاج على الأقل إلى سيارة للمغادرة وبعض الأموال. لا يستطيع غالبية كبار السن المغادرة فضلا أنه من المؤكد أن المنازل سوف تتعرض للسرقة إذا غادر الجميع". وقد أنفقت إيرينا ما تبقى معها من أموال على شراء نوافذ جديدة للشقة التي تعيش فيها بعد أن دمر الضغط الناجم على الانفجارات كافة النوافذ. وقد أدى القصف إلى تدمير منظومة التدفئة المركزية للمبنى الشهر الماضي فيما قدم متطوعون لإيرينا مدفأة كهربائية يمكنها استخدامها خلال الشتاء، بيد أن هذه المدفأة لا يمكنها تدفئة شقتها بالكامل. يشار إلى أن روسيا ضاعفت استهدافها مرافق البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، حيث أصبح انقطاع التيار الكهربائي أمرا شائعا بشكل متزايد في مناطق كثيرة من البلاد. وبنبرة يعتصرها الأسى، قالت إيرينا "لم يكن لدينا كهرباء لمدة يومين. ليس لدينا أي خيار سوى  ارتداء الكثير من الملابس  في ظل هذا الطقس البارد واستخدام ما تبقى من الغاز لصنع بعض الشاي الساخن". كبار السن لن يغادرون ويعد كبار السن من الفئات التي تواجه مخاطر كبيرة في العيش في المناطق القريبة من جبهات القتال مع انخفاض درجات الحرارة. ورغم ذلك، لا يرغب الكثير منهم في المغادرة حتى لو كان لديهم أقارب قد يساعدوهم على الإخلاء أو نقلهم إلى مناطق أكثر أمنا. وكانت من بين هؤلاء والدة أوكسانا ميلنيك، التي كانت تعيش حتى وقت قريب في قرية متاخمة لمنطقة تحتلها روسيا في شرق  أوكرانيا . فعلى مدار الأسابيع الماضية، سعت أوكسانا إلى إقناع والدتها ذات السبعين عاما بضرورة مغادرة القرية، خاصة مع تصاعد وتيرة المعارك وقرب فصل الشتاء، بيد أن محاولتها باءت بالفشل إذ أصرت والدتها بداية على البقاء. تعرض ثلث المباني في مدينة إيزيوم إلى التدمير بما في ذلك المرافق الطبية وفي ذلك، قالت أوكسانا "إنها كانت تعتقد أنه بمقدورها النجاة وأن الحرب سوف ستنتهي قريبا، لكن يدرك الجميع الآن أن الأمر ليس كذلك". وفي نهاية المطاف، قررت أوكسانا شد الرحال والمغادرة عن متن سيارتها القديمة من طراز "لادا" واستطاعت إقناع والدتها بضرورة المغادرة فيما كان طريق الهروب محفوفا بالخطر؛ إذ كان يتعين عليهما اجتياز طريق يربط المناطق الخاضعة لسيطرة أوكرانيا بتلك التي يسيطر عليها الروس. وقالت "لقد أوضحت لها مرارا وتكرارا أن الأمر بات  مسألة حياة أو موت  وسألتها عن جدوى بقائها في ضوء عدم وجود شقة أو سيارة أو أي شيء. الأمر يتعلق بحياتنا في نهاية المطاف". الأمان و الدفء في زابوريجيا وفي طريق الهروب، علقت السيارة في الوحل عدة مرات، فيما جرى توقيف الأسرة في نقاط تفتيش روسية وأوكرانية عديدة، ونظرا لأن  السيارة قديمة، تعرض محركها للعديد من المشاكل. لكن في نهاية المطاف، انتقلت الأسرة إلى الوجهة النهائية بالوصول إلى مدينة زابوريجيا في جنوب شرق أوكرانيا، حيث جرى إنشاء مركز إنساني خصيصا لاستقبال النازحين من الأراضي التي تحتلها روسيا. أما فيما يتعلق بأوكسانا ووالدتها، فإن مدينة زابوريجيا تعد أول مكان يشعران فيه بالأمان والدفء. مع بداية الحرب، كانت أوكسانا يساورها بعض الشكوك حيال الاعتقاد بأن روسيا تستخدم الشتاء كسلاح ضد المدنيين في أوكرانيا، لكنها تدرك الآن أن شكوكها لم تكن في محلها. وقالت "أدعو الرب أن يرحلوا بسلام، يجب أن يغادروا حتى لا يموت المزيد من الناس". اضطرت أوكسانا ووالدتها إلى مغادرة قريتهما في شرق أوكرانيا مع اشتداد القصف ورغم أن أوكسانا ووالدتها لا يعرفان ماذا تحمل الأيام المقبلة؟ إلا أنهما يرغبان  في الانتقال إلى مدينة أوديسا  لتوافر شقة هناك، لكن الأمر ليس بالسهل إذ تتعرض المدينة الساحلية، كحال معظم المدن الأوكرانية، لقصف روسي ما يعني أن العيش فيها سيكون محفوفا بالخطر. و رغم ذلك، ترغب الأسرة في الانتقال إلى أوديسا، التي تطل على البحر الأسود، لأن الطقس بها ليس شديد البرودة مقارنة بمناطق شرق أوكرانيا. جان فيليب شولتس / م ع

مشاركة :