اختتم سمو ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أعمال «قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية»، بقوله: «نؤكد للعالم أجمع أن العرب سوف يسابقون على التقدم والنهضة مرة أخرى، وسوف نثبت ذلك كل يوم». منذ إطلاق رؤية 2030 والحكومة منخرطة في عمليات تحول إستراتيجي شاملة، وإن ركزت بشكل كبير على التنمية الاقتصادية وتحقيق التنوع الأمثل في قطاعات الاقتصاد وبما يحقق تنوعاً في مصادر الدخل والاستدامة المالية واستثمار المقومات المتاحة. ومن أجل تحقيق تلك الأهداف التنموية بدأ سمو ولي العهد في عقد شراكات إستراتيجية مع الدول المتقدمة، ومنها الشراكة مع الصين، لضمان تدفق الاستثمارات الأجنبية، وتوطين التقنية، وتحفيز القطاعات الواعدة وتعزيز الصناعة الوطنية وتحويل السوق السعودية إلى إحدى الأسواق الرئيسة عالمياً ورفع تنافسيتها، إضافة إلى تحويل المملكة مقراً إقليمياً للشركات العالمية، وللصناعات الأجنبية من خلال الاستثمارات النوعية. توقيع خادم الحرمين الشريفين، والرئيس الصيني، اتفاقية إستراتيجية شاملة، والمواءمة بين رؤية 2030 ومبادرة الحزام والطريق سترسم مسار الشراكة الإستراتيجية المستقبلية بين البلدين، وتعزّز موثوقيتها والعمل على إنجاز متطلباتها، وهي خطوة رئيسة، وقاعدة للشراكة الصينية العربية الشاملة. فرؤية سمو ولي العهد لا تقتصر على التنمية المحلية، بل تتجاوزها لهدف أسمى وأعم، وهو تنمية المنطقة العربية، لضمان النهوض الشامل والمتوازن بين دولها، وهو هدف نهضوي يحتاج إلى تفهم أكبر من الدول العربية المعنية بتبني أهداف تنموية كبرى والعمل على تحقيق التكامل التنموي والاقتصادي وإزالة كافة المعوقات التي قد تتسبب في تعثر المشروع العربي الكبير. يقود سمو ولي العهد مشروع التنمية العربية، ويسعى بشكل دائم لجمع القادة الخليجيين والعرب مع زعماء الدول الكبرى القادرة على تحقيق الأهداف التنموية من خلال الشراكات الإستراتيجية، ومنها الصين التي حضر زعيمها الرئيس «شي جين بينغ» للسعودية، والتقى الزعماء الخليجيين والعرب في القمة الخليجية الصينية، والعربية الصينية. كان من الممكن أن تركز المملكة على أهدافها التنموية، وتكتفي بالقمة السعودية الصينية، إلا أنها استثمرت تواجد الرئيس الصيني لعقد قمتين مع القادة الخليجيين والعرب، بهدف ربط دولهم بالمشروع التنموي الأعم، وإعادة رسم المستقبل وتحقيق التنمية الشاملة، من خلال شراكة وتعاون اقتصادي عالمي، ضمن رؤية سعودية بُنيت على دراسات اقتصادية بعيدة المدى. الشراكة مع دولة تمتلك القدرات الصناعية، والتكنلوجية، والاستثمارية، إضافة إلى عضويتها الدائمة في مجلس الأمن، أمر غاية في الأهمية، و خطوة ضرورية لتحقيق الأهداف التنموية المستقبلية، وستنعكس نتائجها على المستوى الاقتصادي والصناعي والاستثماري، كما سيكون لها انعكاس على الجانب الأمني، والسياسي، وإن اجتهدت الصين في النأي بنفسها عن الجوانب الأمنية والسياسية. فالشراكات الاقتصادية تعني الانخراط في استثمارات كبرى في الدول العربية ما ينعكس إيجابا على أمنها واستقرارها، ما يجعل الصين أكثر حرصا على تحقيق ذلك الهدف حماية لاستثماراتها ومشروعاتها الإستراتيجية. مشروع «الحزام والطريق» من أهم المشروعات الدولية العابرة للقارات، وهو بخلاف المشروعات الغربية يعتمد في أساسياته على التنمية الاقتصادية، والمصالح المشتركة، كقاعدة للعلاقات الدولية بعيدا عن المؤامرات التخريبية، والاستخباراتية، والتحركات العسكرية. تنويع الشراكات الاقتصادية في عالم يعج بالمتغيرات الاقتصادية، المالية، الأمنية والسياسية، يفترض أن يكون هدفا رئيسا للدول العربية، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الاقتصادات واستثمار المقومات لتحقيق التنمية الشاملة التي لا يمكن للدول العربية تحقيقها بمعزل عن الشراكات الكبرى، وأهمها الشراكة مع الصين. هناك ضعف واضح في المنظومة الاقتصادية العالمية، وربما تعمد قوى غربية لإحداث أزمات عالمية مؤثرة في اقتصادات الدول، وأمنها الإستراتيجي، ما يستوجب العمل لمواجهته وفق رؤية إستراتيجية وشراكات نوعية محققة للتنمية والأمن والاستقرار. قمم الرياض الثلاث هي بداية لشراكة نوعية مع الصين، خاصة وأنها تركز على تحقيق المصالح المشتركة، والتنمية المستدامة والشراكة الإستراتيجية بين البلدان العربية والصين. وهي فرصة مواتية لمن يرغب في اقتناصها والاستفادة منها، والعمل على تلبية متطلباتها، لتحقيق المنفعة والتنمية المستدامة وبناء المستقبل الزاهر والحياة الكريمة للدول والشعوب العربية. صناعة المستقبل هو هدف سمو ولي العهد، الذي بدأت المملكة في قطف طلائع ثماره اليانعة، وهو الهدف الذي يسعى سموه لتنفيذه في الدول العربية تحقيقا للتكامل الاقتصادي والنهضة العربية الشاملة.
مشاركة :