«كوفيد» لم يعد وباءً لغير الملقحين بعد الآن

  • 12/14/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تلقى الأميركيون أولى جرعات لقاحات «كوفيد - 19» في ديسمبر (كانون الأول) 2020، ما يعني الاقتراب الآن من بداية العام الثالث من مرحلة لقاح الوباء. برغم ذلك، هناك المئات ممن يفقدون حياتهم في كل يوم. من هؤلاء؟ تطرح البيانات إجابة مباشرة: إنهم كبار السن. رغم أنه من غير المريح أحياناً القول بذلك، فإن مخاطر الوفاة بسبب «كوفيد» قد انحرفت بصورة كبيرة حسب العمر طوال فترة الوباء. رسمت تقارير الوفيات الأولى الناجمة عن فيروس كورونا من الصين نمطاً تأكد سريعاً في كل مكان بالعالم: لدى السكان السذج مناعياً، تعرض المسنون، لعدة آلاف من مرات، للوفاة من العدوى عن سواهم الأصغر سناً. لكن الانحراف صار أكثر مأساوية في واقع الأمر الآن - حتى في ظل التطعيمات الجماعية وعودة العدوى - مما كانت عليه الأوضاع في أي مرحلة سابقة على مدى السنوات الثلاث الماضية. منذ بداية الجائحة، شكل الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر نسبة 75 في المائة من جميع الوفيات الأميركية بسبب «كوفيد». وقد انخفض هذا المعدل لأقل من 60 في المائة في سبتمبر (أيلول) 2021. واليوم، يُشكل الأميركيون البالغة أعمارهم 65 عاماً فأكثر نسبة 90 في المائة من وفيات «كوفيد» الجديدة، وهي نسبة كبيرة بصفة خاصة، نظراً لأن 94 في المائة من كبار السن الأميركيين يحصلون على التطعيم. مع ذلك، تبدو هذه الحقائق متناقضة مع الروايات التي سردناها حول محفزات التعرض لفيروس كورونا. حذر جو بايدن، في يناير (كانون الثاني)، من أن المرض والوفاة اللذين يهدد بهما المتغير «أوميكرون» يشكلان «وباء لدى غير الملقحين». لكن في ذلك الشهر، الذي توفي فيه حوالي 85 ألف مواطن أميركي، بلغت نسبة وفيات غير الملقحين 59 في المائة من إجمالي تلك الوفيات، بانخفاض عن نسبة 77 في المائة المسجلة في سبتمبر السابق، وفقاً لتحليل مؤسسة «كايزر فاميلي». وبلغت نسبة الوفيات بين كبار السن في يناير نحو 74 في المائة. على مدى الأشهر التالية، انخفضت نسبة وفيات غير الملقحين لأكثر من ذلك، وصولاً إلى 38 في المائة في مايو (أيار) 2022، كما ارتفعت نسبة الوفيات بين الأشخاص الملقحين والحاصلين على الجرعة المعززة بصورة ملحوظة، من 12 في المائة في يناير 2022 إلى 36 في المائة في أبريل (نيسان). ظلت تلك المستويات ثابتة تقريباً طوال الصيف، خلال تلك الفترة كانت الوفاة تلحق عدداً من الأميركيين المعززين مماثلاً لسواهم من غير الملقحين. استمرت نسبة الوفيات بين كبار السن في التصاعد: في أبريل، كانت نسبة 79 في المائة من الوفيات الأميركية من بين البالغين 65 عاماً أو أكبر. وبلغت النسبة 90 في المائة بحلول نوفمبر (تشرين الثاني). كما أكدت العديد من المداولات على «تويتر» بشأن «مُغالطة مُعدل الأساس»، فإن هذا ليس راجعاً إلى عدم فاعلية اللقاحات، فإننا نعلم أيضاً من «مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» أن اللقاحات تعمل بصورة جيدة للغاية. تشير تقديرات فاعلية المعززات ثنائية التكافؤ المحدثة إلى أنها تُقلل من خطر الوفاة من «كوفيد» لدى الأميركيين الذين تزيد أعمارهم عن 12 عاماً بأكثر من 93 في المائة مقارنة مع السكان غير الملقحين. وهذا مُعامل كبير للغاية. غير أنها ليست القصة الكاملة، أو أن البالغين الملقحين الأكبر سناً باتوا لا يُشكلون الآن نسبة أكبر من الوفيات الناجمة عن «كوفيد» مقارنة بغير الملقحين. تنشأ هذه الظاهرة عن عدة عوامل أخرى لا تحظى غالباً بالاهتمام الكافي. أولاً، هناك حقيقة بسيطة مفادها أن عدد الأميركيين الذين يتلقون اللقاح هم أكثر من غيرهم، وأن كبار السن من الأميركيين - الأكثر عُرضة للإصابة بأمراض شديدة - هم الأكثر عُرضة للتطعيم من سواهم. كما أنه يعكس جزئياً عدد الأميركيين الأقل، بما في ذلك كبار السن، الذين حصلوا على المعززات من الذين تلقوا اللقاحات الأولية: نسبة 34 في المائة، مقارنة بنسبة 69 في المائة. عدد أولئك الذين حصلوا على المعززات ثنائية التكافؤ المحدثة لا يزال أقل - بنسبة 12.7 في المائة فقط من الأميركيين فوق سن الخامسة. أخيراً، اللقاحات ليست فعالة بين كبار السن، نظراً لأن الجهاز المناعي يَضعُف مع تقدم العمر. ومن الصعوبة البالغة تدريب أجهزة المناعة القديمة، وتقل فرص التدريب بسرعة أكبر. لدى الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و79 عاماً، على سبيل المثال، خفض التطعيم من خطر الوفاة بسبب «كوفيد» أكثر من 87 في المائة، مقارنة مع غير الملقحين. وهذا انخفاض كبير للغاية بكل تأكيد، لكنه أقل من الانخفاض البالغ 15 ضعفاً الذي لوحظ بين أولئك الذين تلقوا اللقاح، ثم المعززات ثنائية التكافؤ بين إجمالي السكان. وبالنسبة لأولئك البالغة أعمارهم 80 عاماً فما فوق، يكون التخفيض من التطعيم وحده أقل من أربعة أضعاف. هذه صفقة جيدة جداً بالطبع. لكنها تعني أيضاً أنه نظراً لانحراف العمر الأساسي، فإن الأشخاص الملقحين في أواخر الثمانينات من أعمارهم لديهم مخاطر مماثلة للوفاة بسبب «كوفيد» مثل الأشخاص غير الملقحين أبداً في السبعينيات من أعمارهم. ما يعني، وجود بعض المخاطر الحقيقية. وإذا كان من المريح في أي وقت سابق القول بأن المستويات غير المقبولة من الوفيات الأميركية كانت وباء من غير الملقحين، فمن المؤكد أنه من الدقة الآن وصف الحصيلة المستمرة من الوفيات باعتبارها وباء من كبار السن. إذن لماذا لسنا كذلك؟ أحد الأجوبة أننا نفضل ألا نرى تلك الوفيات على الإطلاق، بالنظر إلى خط الأساس لعدة مئات من الوفيات يومياً كنوع من ضجيج الكواليس أو الخلفية السقيمة وإنما الباهتة. لا نحتاج إلى فهم من يموت أو لماذا يموت جزئياً، لأننا لا نريد أن نأخذ في الاعتبار حقيقة أن حوالي 300 أميركي يموتون الآن بسبب «كوفيد» في كل يوم، بوتيرة حادة تبلغ نحو 100 ألف حالة وفاة سنوياً، مما يجعله ثالث سبب رئيسي للوفاة في البلاد. هذا هو التطبيع في العمل، لكنه نمط مألوف أيضاً: فنحن لا نتتبع تماماً صعود وهبوط السرطان أو أمراض القلب كذلك. هناك إجابة أخرى أن الدولة - جزئياً لتعزيز السلوك الجيد، وجزئياً لإلقاء اللوم على الآخرين بسبب المعضلة العامة - أمضت الكثير من الوقت في التركيز على ما يمكنك فعله لحماية نفسك، مما تركنا معوزين لكثير من المفردات لوصف ما تبقى من نقاط الضعف والتعرض الأساسية الحتمية. رفض التطعيم كان له أثر السرطان في التجربة الأميركية لسنوات «كوفيد» - وهذا لا يمكن إنكاره. لكننا أصبحنا نشعر بالارتياح عند المساواة بين الاختيارات الشخصية والمخاطر الفردية، حتى أن تحديد نقاط الضعف صار يبدو وكأنه اتهام بانعدام المسؤولية. وأين يترك ذلك كبار السن؟ في وباء غير الملقحين، ماذا تقول إلى أو عن 41 في المائة من الأميركيين الذين لقوا حتفهم في يناير ممن حصلوا على لقاحاتهم؟ أو ما يقرب من 60 في المائة منهم الذين توفوا هذا الصيف؟ كما أن الكثيرين منا قد انصرفوا بسبب الخطاب الرافض منذ بداية الوباء، عندما أشار أولئك، الذين يقللون من التهديد القائم، إلى المخاطر غير المتناسبة التي يتعرض لها كبار السن كسبب لعدم القلق الشديد بشأن الحد من الانتشار. قد تكون أميركا بأسرها متقدمة في السن، في غياب القدر الكبير من التعاطف مع رفاهة أصحاب الثمانين من العمر ومن بلغوا التسعين فعلاً. ولكن الاستماع إلى المعلق المحافظ بن شابيرو أو دان باتريك، نائب حاكم تكساس، وهما يستبعدان عن طيب خاطر وفاة كبار السن في عام 2020، ربما جعل الموضوع برمته يبدو من المحرمات إلى درجة كبيرة بالنسبة لبقيتنا أكثر بكثير مما كان عليه الأمر بخلاف ذلك. * خدمة «نيويورك تايمز»

مشاركة :