تحوّل مشوار فرنسا في نهائيات كأس العالم إلى انتصار للمدرب ديدييه ديشان الذي فاز على أولئك الذين اعتبروا أنه بقي طويلاً في منصبه، وها هو على أعتاب نهائي ثان توالياً. الفوز على إنجلترا (2-1) ضمن أن فرنسا ستواجه المغرب في دور الأربعة اليوم، ومهما كانت النتيجة هناك، سيكون ديشان حراً في تقرير ما إذا كان يريد تمديد فترة توليه لمنصبه الذي يشغله منذ عشرة أعوام. قال ديشان بعد تحقيق الهدف الذي حدده له رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم نويل لو غريت إن "الكرة الآن في ملعبي وأنا سأقرّر، سأكون هنا في نصف النهائي وبعدها سنرى، كل شيء في وقته". وأضاف أن "الرئيس سعيد، الكثير من الناس سعداء، لكني أريد أن أتذوق طعم العودة إلى المربع الأخير، أفكر في اليوم وليس في أشياء أخرى". عُيِّن ديشان مدرباً للمنتخب على أنقاض فشل مونديال جنوب إفريقيا 2010 وبعد الاستغناء عن خدمات لوران بلان الذي امضى عامين مع "الديوك"، فقاده إلى قمة الكرة المستديرة بالتكريس العالمي الثاني في مونديال روسيا 2018، عقب خسارة نهائي كأس أمم أوروبا 2016 على أرضه أمام البرتغال صفر-1. ولكن منذ التتويج الروسي، تراجعت نتائج فرنسا، مع إقصاء فجائي من ثمن نهائي كأس أمم أوروبا 2021 أمام سويسرا (5-4بركلات الترجيح بعد التعادل 3-3 في الوقتين الأصلي والإضافي)، رغم عودة كريم بنزيمة من العزلة الدولية. ومع توفر زين الدين زيدان الذي يبدو أنه جاهز ليصبح مدرب فرنسا المقبل، يمكن القول إن كأس العالم في قطر كانت التحدي الأكبر لديشان حتى الآن. بدأ أن حامل اللقب قد تأثر بالإصابات التي طالته في البطولة، فحُرم من لاعبي خط الوسط الأساسيين بول بوغبا ونغولو كانتي، ثم من بنزيمة في تدريبات ما قبل المباراة الأولى.تساءل كثيرون عما إذا كانت فرنسا ستمضي إلى مصير الأبطال الثلاثة السابقين، إيطاليا وإسبانيا وألمانيا، الذين خرجوا جميعاً من دور المجموعات التالي بعد حصد اللقب. وقالت صحيفة "لو باريزيان" في افتتاحيتها الأحد "سوف نعترف بأننا شكّكنا في ديدييه ديشان قليلاً، تساءلنا عمّا لو أنه لم يمكث في منصبه طويلاً، وإذا لا يزال يملك سحره". وأضافت "لقد جاء إلى قطر محاطاً ببعض الشكوك. لكن تلك الشكوك تبددت، وكأن شيئاً لا يمكن أن يوقف هذا المنتخب الفرنسي، فرنسا التي تفوز، فرنسا ديشان". وبرز أوليفييه جيرو بشكل مذهل في غياب بنزيمة، حيث سجل المهاجم المخضرم أربع مرات في قطر، بما في ذلك هدف الفوز ضد إنجلترا.قرر ديشان قبل البطولة أن يتخلى عن تجربته مع دفاع مكون من ثلاثة لاعبين، ويعود إلى طريقة 4-3-3، الأهم من ذلك، أنه حلّ معضلة خط وسطه من خلال تحويل المهاجم أنطوان غريزمان إلى أحد أفضل صانعي الألعاب في البطولة. وكان لاعب أتلتيكو مدريد متألقاً مرة أخرى ضد إنجلترا، رغم تراجع لياقته مع انطلاقة كأس العالم ومن دون أي هدف دولي منذ أكثر من عام. وقال النجم الأسبق لـ"الديوك" الذي ظفر بكأس العالم 1998 إلى جانب ديشان، دافيد تريزيغيه لوكالة فرانس برس إن المدرّب وزميله السابق "على دراية بجودة لاعبيه ونجومه، في كأس عالم يحتاج نوعاً ما إلى القليل من النصائح بدلاً من الاضطرار إلى القيام بالكثير من العمل الشاق". وأضاف أن "ديشان فهم لاعبيه وتمكن من إقناعهم جميعاً ببذل أقصى ما في وسعهم". هناك هالة حيال اللاعب السابق البالغ من العمر 54 عاماً والذي يرتبط اسمه بأعظم لحظات المنتخب الفرنسي على مدار ربع القرن الماضي. وكان ديشان قائداً للمنتخب الفرنسي في أول لقب مونديالي في العام 1998، وحصد بطولة كأس أوروبا في العام 2000، قبل أن يظفر بالمونديال كمدرّب في روسيا قبل أربع سنوات. سجلّ المنتخب الفرنسي في البطولات الكبرى مؤخراً هائل، فقد فازوا مرتين من النسخ الست الماضية من كأس العالم، وبلغوا نهائياً آخر من دون الفوز في مونديال 2006. وقادهم ديشان أيضاً إلى نهائي كأس أوروبا 2016، وباتت فرنسا الآن على بعد مباراة واحدة فقط من خوض نهائي كأس العالم.
مشاركة :