أثار المنتخب المغربي انبهار واحترام الجميع بإنجازه التاريخي في بطولة كأس العالم 2022 لكرة القدم المقامة حاليًا في قطر، كونه أصبح أول منتخب عربي يصل للمربع الذهبي بالمونديال، ولم تتوقف الإشادة بالروح الحماسية والقتالية لدى لاعبي "أسود الأطلس" تحت قيادة المدير الفني الوطني هشام الركراكي. وتحدث هشام زاهد، اللاعب المغربي السابق والمدير الفني الحالي لفريق الشمال القطري، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن مشوار المنتخب المغربي في المونديال وسر نجاح وليد الركراكي في قيادة الفريق لإنجاز هائل سطر اسمه بأحرف من ذهب. وتحدث زاهد في البداية عن ارتفاع سقف طموحاته بشكل تدريجي لمشوار المغرب في المونديال قائلا :"قبل دور المجموعات كنت أتوقع أو أتمنى التأهل لدور الستة عشر، وهو ما نجح فيه المنتخب المغربي، وبعدها كنت أشير إلى أن المنتخب المغربي سيذهب إلى ما هو أبعد من دور الستة عشر، لأنه قدم صورة جيدة خاصة أنه تأهل من صدارة المجموعة وبنتائج جيدة." واستهل المنتخب المغربي مشواره في المونديال بالتعادل سلبيا مع منتخب كرواتيا، وصيف بطل كأس العالم 2018، ثم فاز على منتخبي بلجيكا 2 / صفر وكندا 2 / 1 ليتأهل إلى دور الستة عشر من صدارة المجموعة السادسة. وبعدها أصبح أول منتخب عربي ورابع منتخب إفريقي، بعد الكاميرون والسنغال وغانا، يتأهل لدور الثمانية بالمونديال بعدما تغلب على إسبانيا 3 / صفر بركلات الجزاء الترجيحية إثر التعادل سلبيا في الوقتين الأصلي والإضافي، ثم أصبح أول منتخب إفريقي يصل للمربع الذهبي بفوزه على البرتغال 1 / صفر مساء السبت. وقال زاهد: "قبل مواجهة دور الستة عشر، كان لدي إيمان قوي بأنه سيتأهل لدور الثمانية، وبعدها استمر سقف الطموح في الارتفاع، فقد رشحت المغرب في أكثر من حديث للوصول إلى النهائي." وأضاف :"المباريات التي أداها ببسالة وشراسة قتالية وانتظام تكتيكي تظهر أن الفريق يحظى بشخصية البطل، ربما لا يضاهي المنتخب المغربي منتخبي إسبانيا والبرتغال اللذين يحملان إنجازات أوروبية كبيرة، لكنه نجح على مستوى المنتخبات العربية أن يقدم صورة رائعة." وتابع :"حقق المنتخب المغربي هذا الإنجاز بمساندة كبيرة في قطر، فقد حظي بدعم سمو الأمير تميم بن حمد أمير قطر والأمير الوالد (الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني)، وحظي بمساندة كبيرة من قبل الجماهير، وأرى أن ما قدمه ربما يعتبر رد جميل للجماهير المغربية." وعن توقعاته لمواجهة المنتخب الفرنسي في الدور قبل النهائي، والمقررة بعد غد الأربعاء، قال زاهد :"بالتأكيد لن تكون مباراة سهلة، حالها كحال المباريات السابقة للمنتخب المغربي في هذه البطولة لكن وليد الركراكي أعد العدة لهذه النسخة الاستثنائية للمونديال، هو مدرب استثنائي والمنتخب يضم لاعبين استثنائيين قدموا أداء استثنائيا، أنا متفائل بوصول المغرب للنهائي." وأضاف :"منتخب فرنسا يشكل عائقا في طريقنا نحو النهائي، لكن تاريخيا، كانت مبارياتنا مع فرنسا حماسية وثأرية، ورغم أن فرنسا هي حاملة اللقب، فهذا لا يمنع أن نحاول ونرفع سقف الطموحات بالنسبة للمنتخبات العربية ونخرج من قوقعة الأدوار الثانوية في البطولات الكبيرة." وتابع :"المنتخب المغرب يمثل العرب وإفريقيا بأكملها في البطولة، وأعتقد أنه سيقدم صورة جيدة في المباراة أمام المنتخب الفرنسي." وعن مدى الحذر المتوقع من جانب المنتخب الفرنسي خاصة بعد هزيمته في دور المجموعات أمام منتخب تونس، قال زاهد :"أكيد الحذر سيكون حاضرا، بغض النظر عن هزيمته أمام تونس، وكان فوز منتخب تونس مستحقا، المنتخب الفرنسي كان متأهلا فأراد المدرب (ديديه ديشان) إراحة بعض اللاعبين وربما كان هذا سوء تقدير منه، لكن المؤكد أن المنتخب الفرنسي سيكون حذرا للغاية." وأضاف :"قوة منتخب المغرب تكمن بشكل كبير في دفاعه، في التكتل الدفاعي وتقارب الخطوط إضافة للروح القتالية لدى لاعبيه، أعتقد أن المنتخب الفرنسي مهيأ لحقيقة أن المنتخب المغربي لن يكون خصما سهلا بالنسبة له." وعن دور المنتخب المغربي في كسر الحاجز النفسي بشكل أكبر لدى المنتخبات العربية والإفريقية أمام المنتخبات الأوروبية الكبيرة :"المنتخب المغربي استثنائي في كل شيء، ولم ينكسر الحاجز لدى المنتخبات العربية والإفريقية فقط، أعتقد أن المنتخبات الآسيوية أيضا تمكنت من ذلك، تلك الفرق أصبحت تعرف أن هناك إمكانية لمقارعة المنتخبات العالمية الكبيرة، طالما تواجد الرغبة والحضور الذهني والالتزام التكتيكي." وأضاف :"أرى أن من الأسباب الكبيرة في نجاح هذه الفرق هو تواجد مدربين محليين، فقد رأينا في دور الستة عشر فقط أن 15 من الفرق الستة عشر يدربها محليون، وتمثل الاستثناء الوحيد في المدرب البرتغالي باولو بينتو المدير الفني لكوريا الجنوبية، وهذا يثبت أن المدرب المحلي للمنتخب له قيمة فيما يتعلق بالتحفيز وإشعال روح الوطنية في اللاعبين وفي قربه من عقلية اللاعب." وتحدث زاهد عن دور الاتحاد المغربي قائلا :"بالتأكيد كان للاتحاد المغربي، تحت الرعاية السامية من قبل الملك محمد السادس، دورا، وكان هناك اجتهاد وتوفيق بالنسبة للرئيس الحالي للاتحاد فوزي لقجع." وأوضح :"يمكننا رؤية تطور واضح في مستوى الكرة المغربية على مستوى الرجال والسيدات عبر الفوز بالألقاب الإفريقية للفئتين على مستوى الأندية، كذلك استجاب الاتحاد للمطلب الجماهيري الأهم وهو تغيير المدرب وإرجاع اللاعبين الذين افتقدناهم في فترة سابقة إلى المنتخب." وأضاف :"أعتقد أن لقجع تصرف بذكاء عندما عين الركراكي على رأس الجهاز الفني للمنتخب والدليل يتمثل في النتائج التي تحققت، كي نتحدث بشكل مباشر، أود أن أقول إن وحيد خليلودزيتش (المدرب السابق للمغرب) حقق صورة جيدة، حيث قاد الفريق لدور الثمانية بالبطولة الإفريقية الماضية وقاد المنتخب للتأهل للمونديال." وأضاف :"لكن كنا نفتقد الروح القتالية في المنتخب والروح الأسرية الموجودة حاليا في الفريق، الدور الذي لعبه وليد الركراكي من حيث الإعداد الذهني والتكتيكي واضح، وليد نجح في وضع توليفة جيدة من اللاعبين مع نمط تكتيكي نجح فيه بجدارة، بدليل أنه وصل بالفريق للدور قبل النهائي، مستعرضا أفضل دفاع في المونديال." وأوضح :"شباك المنتخب المغربي لم تهتز خلال البطولة الحالية سوى بهدف وحيد وكان هدفا عكسيا (سجله نايف أكرد بالخطأ في مرمى منتخب بلاده خلال المباراة أمام كندا)، وهذا يثبت أن الفريق يتقدم بخطى ثابتة والاتحاد المغربي نجح بشكل كبير في خطوة تعيين الركراكي والجهاز الفني المعاون له." وعن دور أكاديمية محمد السادس التي أنشأت في عام 2007 ودورها في نجاح الكرة المغربية بشكل عام :"بالتأكيد هي تجربة ناجحة، هي تحت إشراف الاتحاد وبرعاية الملك محمد السادس، لقد أخرجت عددا من اللاعبين مثل النصيري وأوناحي ونايف أكرد، لاعبون في أندية بارزة بأوروبا، وكانت هناك اتفاقية بين الأكاديمية وعدد من الفرق أغلبها فرنسية، أعتقد أن الأكاديمية نجحت في هدفها وتقدم عملا جيدا، وكذلك كل الأكاديميات في المغرب." وعن مستقبل المنتخبات الإفريقية والعربية خاصة في مونديال 2026، قال زاهد: "هذا الإنجاز التاريخي الذي تحقق هو عبء ومسؤولية على كل المنتخبات العربية والإفريقية، يجب أن نخرج من الدور الثانوي الذي عشناه في الفترة الماضية." وأضاف: "لفترة طويلة لم تصل سوى ثلاثة منتخبات إفريقية إلى ربع نهائي المونديال (وكان المنتخب المغربي هو الرابع في النسخة الحالية)، أعتقد أنه آن الأوان لأن نخرج من الأدوار الثانوية ونؤمن بفرصنا كفرق تتمتع بقوة ونتأهل للأدوار المتقدمة، ما تحقق كان نتيجة جهد وأعتقد أن المنتخبات الآسيوية أيضا ستؤدي أدوارا جيدة في المستقبل." وعن طريقة احتفال لاعبي المنتخب المغربي مع أفراد من عائلاتهم عقب المباريات: "كان هذا من أدوار الاتحاد المغربي، لقد نجح في صنع الجو الأسري في المنتخب، وحرص كذلك على تواجد عائلات اللاعبين والتفاعل مع الأباء والأمهات، لأن ذلك يشكل دعما قويا للفريق، تواجد الأهل يشكل حافزا ودفعة معنوية كبيرة." وعن كلمة السر في نجاح وليد الركراكي مع المنتخب المغربي، قال زاهد: "السر واضح، وهو علاقته الجيدة مع اللاعبين وقربه منهم، هو يتفاهم معهم بعقلية اللاعب المغربي سواء المحلي أو المحترف، كان الركراكي لاعبا محترفا في إسبانيا وفرنسا، هو يعرف كل اللاعبين بطريقة صحيحة، وإتقانه للهجات العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية ساعده كثيرا في التواصل أيضا." وأضاف :"لا يوجد حاجز خوف بينه وبين اللاعبين، قربه من اللاعبين والشحنات المعنوية التي منحهم إياها ومنحها أيضا للجماهير المغربية كانت رائعة... المفتاح الأساسي للركراكي والطاقم المساعد هو العلاقة الجيدة باللاعبين وطريقة توظيفهم ومدهم بالحماس والرغبة والقتالية، ترى الروح لديه في المباراة وكأنه هو الذي يلعب، قربه من اللاعبين وتفاعله أدى دورا بارزا."
مشاركة :