أطلقت الحكومة النيجرية عملية تعبئة جنود سابقين وأمنيين متقاعدين لدعم الجيش الذي يقاتل جماعات إرهابية منذ عام 2015 في عدة أجزاء من البلاد. وقالت مصادر أمنية نيجرية في نيامي إنه تم إطلاق أول عملية لتعبئة ألف جندي ودرك سابقين متقاعدين منذ أقل من 5 سنوات، وذلك من أجل مؤازرة «قوات الدفاع والأمن الناشطة على الميدان». وأضافت المصادر أنه سيتم تكليف الجنود الجدد بعمليات تأمين مواقع حيوية، مثل تلك الخاصة بمشاريع التنمية في المناطق الحساسة. يذكر أن العديد من الحركات المسلحة كتنظيم «داعش» وحركة «بوكو حرام» تنشط في مناطق كبيرة من النيجر وخاصة في الحدود مع بحيرة تشاد ونيجيريا. ولا يعرف الكثيرون عن النيجر سوى أنها البلد الذي يتذيل مؤشر التنمية البشرية الذي تصدره الأمم المتحدة، لكن قليلين ربما هم من يدركون الدور الفعال الذي تلعبه الآن تلك البقعة من العالم، في الحرب ضد التنظيمات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل الأفريقي والمنطقة الغربية من هذه القارة بوجه عام. فالولايات المتحدة، ودول غربية أخرى، باتت ترى أن هذه الدولة الأفريقية، تشكل الساحة المثالية لكبح جماح محاولات تنظيميْ «القاعدة وداعش» الإرهابييْن، لتوسيع رقعة نفوذهما، بعيداً عن منطقة الشرق الأوسط، التي مَثّلت لوقت طويل المعقل الرئيس لهاتين الجماعتين الدمويتين، والأجنحة المتفرعة عنهما. وفي الوقت الحاضر، تنشر الإدارة الأميركية نحو 800 من عسكرييها في النيجر، لتقديم التدريب والدعم الاستخباراتي لقوات الأمن هناك، وذلك جنباً إلى جنب مع قوات غربية أخرى، من فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وكندا وألمانيا. وبينما يضطلع العسكريون الفرنسيون الـ 1500 المرابطون في هذا البلد الأفريقي بمهام مشتركة مع قواته، يتولى نظراؤهم الإيطاليون والبلجيك والكنديون تدريب القوات الخاصة النيجرية، وذلك في الوقت الذي يُقيم فيه الجيش الألماني، قاعدة تدريب عسكرية في صحراء النيجر، تسعى دول أفريقية أخرى مثل بوركينا فاسو وبنين، لإرسال عسكرييها للتدرب فيها بدورهم. ويعتبر خبراء أمنيون غربيون، أن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة في النيجر، تستهدف إقامة «جدار واقٍ» للحيلولة دون اكتساب الإرهابيين مزيداً من القوة في الغرب الأفريقي، وهو ما يجعل هذه المنطقة، جبهة رئيسة في الحرب ضد التنظيمات المتشددة، على نحو موازٍ لما يحدث في الصومال، على الجانب الشرقي من القارة. فالإرهابيون، الذين بات لهم موطئ قدم في مالي وبوركينا فاسو وغينيا، خاصة في ظل الاضطرابات والانقلابات التي تشهدها هذه الدول، يكثفون هجماتهم في كوت ديفوار وبنين وتوجو، ويمتد خطرهم كذلك إلى غانا، التي تُصنَّف على أنها من بين أكثر البُلدان الأفريقية استقراراً من الوجهة الأمنية، فضلاً عن اعتداءاتهم في الكاميرون ونيجيريا وغيرهما. بالتزامن مع ذلك، تحقق قوات الأمن المدعومة غربياً في النيجر مكاسب وإن بوتيرة بطيئة، في مواجهة تلك التنظيمات الدموية، كما قال مسؤولون أميركيون ونيجريون، ما يجعل هذا البلد بمثابة «حجر زاوية في جهود تحقيق الأمن الإقليمي».
مشاركة :