أكدت جامعة الدول العربية أهمية وضع خطة تحرك لضمان المشاركة الفعالة للمرأة في الوساطة لحل النزاعات وتحقيق الأمن وبناء السلام. جاء ذلك في كلمة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة اليوم الأربعاء، في افتتاح الجلسة الحوارية حول “مأسسة عمل الشبكة العربية للنساء وسيطات السلام” والذي تنظمه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية (قطاع الشئون الاجتماعية – إدارة المرأة) بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة على مدى يومين بالقاهرة. وأكدت السفيرة أبو غزالة، أهمية الجلسة الحوارية، لبحث سبل مأسسة الشبكة العربية للنساء وسيطات السلام على المستويين الإقليمي والوطني، للدفع بأجندة المرأة والسلام والامن، التي تتصدر الأجندة العالمية وتقع ضمن أولويات الجامعة العربية، مشيرة إلى أن المنطقة العربية لاتزال تعاني من النزاع والاحتلال وعدم الاستقرار، وتدفع فيه النساء الثمن الأعلى لتبعاته. وقالت إنه في ظل التحولات التي شهدتها المنطقة والعالم أجمع خلال الربع قرن الماضي، برزت أهمية مشاركة المرأة في عمليات صنع السلام والوساطة باعتبارها واحدة من أبرز الملفات المطروحة على طاولة مباحثات السلام. وأضافت السفيرة أبو غزالة إن هناك حزمة اعتبارات توجب المشاركة الفعالة للمرأة في الوساطة لحل النزاعات وتحقيق الأمن وبناء السلام، كونها أكثر قرباً من جميع فئات النساء والأقدر على تمثيلهن، والأكثر الماماً بأشكال العنف المرتبط بالنزاع الذي يقع على النساء خلال النزاع والأضرار المترتبة عليه، والأكثر إحاطة باحتياجات النساء والأطفال، مشيرة إلى أن مشاركة المرأة تعزز فرصة صياغة حلول متوازنة ومستدامة. وأكدت أن محور “المشاركة” في أجندة المرأة والسلام والأمن له أهمية خاصة، حيث يتقاطع مع المحاور الثلاثة الأخرى، فمن خلال مشاركة النساء في جهود السلام، يساهمن في وقاية جميع مكونات المجتمع وحمايته وإغاثته وتعافيه، وفى ظل ما تشهده المنطقة العربية من نزاعات، لا يمكن صياغة حلول عادلة للنساء والفتيات إلا بمشاركة المرأة، معربة عن أسفها لأن المرأة لاتزال مستبعدة إلى حد كبير من المشاركة في عمليات الوساطة ولازالت قدراتها في تحقيق الأمن وبناء السلام في المنطقة غير مستغلة. ونوهت أبو غزالة إلى أنه كان لجامعة الدول العربية توجها إيجابيا بشأن تنفيذ أجندة المرأة والسلام والأمن على المستوى الإقليمي والعربي في ضوء قرار مجلس الامن 1325 والقرارات اللاحقة له، وفق رؤية شاملة طويلة المدى لضمان تحقيق ركائزه الأربع، بالتعاون مع المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية، موضحة أن هذا الاهتمام تجسد في إعداد الاستراتيجية الإقليمية للمرأة والأمن والسلام وخطة عملها التنفيذية المعنونة بـ”حماية المرأة العربية: الأمن والسلام” الذي تم اعتمادهما من قبل مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في سبتمبر 2015، حيث شكلت الاستراتيجية الإقليمية إطاراً توجيهياً لوضع الخطط الوطنية على المستوى الوطني، واستندت عليها البرامج والمشاريع التي تم تنفيذها في المنطقة العربية. وأشارت إلى تشكيل “لجنة الطوارئ” لحماية النساء أثناء النزاعات المسلحة بالمنطقة العربية، والمراجعات الإقليمية بشأن تنفيذ القرار 1325، واعداد “الاستراتيجية العربية للوقاية والاستجابة لمناهضة كافة اشكال العنف في وضع اللجوء وخاصة العنف الجنسي ضد النساء والفتيات ” وخطة عملها. وأكدت أبو غزالة أن جامعة الدول العربية تسعى أيضاً إلى بناء القدرات الإقليمية في مجال المرأة والأمن والسلام من خلال زيادة الوعي العام، ودعم الجهات الوطنية الحكومية لتنفيذ الأجندات العالمية ووضع خطط وطنية لتنفيذها. وأوضحت أن تأسيس الشبكة العربية للنساء وسيطات السلام، التي هي محور اجتماع اليوم، جاء استجابة لتحدي محدودية مشاركة المرأة في الوساطة وحل النزاعات في المنطقة العربية، لتكون منصة إقليمية فعالة للوساطة وبناء الأمن والسلام الإقليمي والدولي، من خلال اعتماد أعلى مستوى من المعرفة الفنية وتطبيق الممارسات الفُضلى، وتوفير برامج بناء القدرات المتعلقة بالوساطة للمؤسسات الوطنية في الدول العربية ذات الصلة. وشددت أبو غزالة أن اطلاق الشبكة العربية للنساء وسيطات السلام هي مبادرة جادة لترجمة ودعم الجهود الحثيثة والرصينة للنساء في الوساطة من أجل السلام على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، مشيرة إلى أن هذه الشبكة تتمتع بطبيعة فريدة، حيث أنها شبكة حكومية تتألف من دبلوماسيين رفيعي المستوى من وزارات الخارجية تم ترشيحهم من قبل الدول الأعضاء. وقالت إن جامعة الدول العربية حرصت على أن يكون لهذه الشبكة إطار يوضح مهامها وآلية عملها، فتم اعداد استراتيجية وخطة عمل لها ليكونا أيضًاً إطارا توجيهيا لإنشاء شبكات للوساطة على الصعيدين المحلى والوطني، يضمن تحقيق التكامل مع الشبكات الإقليمية القائمة، واعتمدهما مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في مارس 2021. ونوهت أبو غزالة بحرص الجامعة العربية على انضمام الشبكة العربية للنساء وسيطات السلام في التحالف العالمي للنساء وسيطات السلام الذي يتكون من خمس شبكات إقليمية لوساطة النساء بجانب الشبكة العربية، لتتمكن النساء من المشاركة بخبراتهن الخاصة في الوقاية من النزاعات وتسويتها بالطرق السلمية، والتعلم من دروس النساء في الشبكات الإقليمية المختلفة، معربة عن سعادتها لوجود ممثلين عن هذه الشبكات الإقليمية ،في الاجتماع ،لعرض تجاربهم حول تأسيس الشبكات. وأوضحت أن الجامعة العربية عكفت بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة على توفير 3 مراحل من برنامج بناء القدرات الموجهة لعضوات الشبكة حول النوع الاجتماعي والوساطة بالتعاون مع “مؤسسة كلينجندال الهولندية “في المرحلة الأولى و”مركز جنيف للسياسات الأمنية “في المرحلة الثانية، و”مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام “في المرحلة الثالثة. وقالت أبو غزالة إنه استكمالاً لجهود تعزيز إشراك المرأة العربية في عمليات بناء السلام، تقدمت جامعة الدول العربية في يونيو الماضي بمقترح خلال كلمتها أثناء جلسة مجلس الأمن التي ترأستها ألبانيا حول المرأة والأمن والسلام، بشأن العمل على إطلاق قرار جديد لمجلس الأمن حول المرأة والوساطة الدولية، وذلك في إطار تعزيز التعاون المستمر بين المجلس وجامعة الدول العربية في مجال حفظ السلم، والذي يتوج بالدورة السنوية التي يعقدها مجلس الأمن لبحث التعاون بين الجانبين. وتابعت:”نجتمع على مدار يومين، بمشاركة ممثلي منظمات إقليمية ودولية، وممثلي الدول العربية، أعضاء شبكات إقليمية وسيطات سلام، وخبراء متخصصين في مجال الوساطة والمرأة والأمن والسلام، بهدف تعزيز مأسسة الشبكة العربية للنساء وسيطات السلام على المستويين الوطني والإقليمي، بعد انجاز خطوات هامة في مسيرة إنشائها، من أجل صياغة رؤية لتفعيل عمل الشبكة تُحدد الأمور الهيكلية والتنظيمية الخاصة بها والأهداف المرجو تحقيقها”، مؤكدة أن نجاح هذا المسعى، يتطلب الخروج من هذه الجلسة الحوارية بتوصيات تسهم في مأسسة الشبكة وتفعيل عملها. وأوضحت أن طبيعة التحديات المطروحة في هذه المرحلة تضعنا جميعاً أمام مسؤوليتنا وتفرض أهمية وضع خطة تحرك تجعل المرأة مؤثرة في ملف الأمن والسلم والوساطة”، لافتة إلى أن الجلسة الحوارية تهدف إلى تعزيز مأسسة عمل الشبكة العربية للنساء وسيطات السلام على المستويين الوطني والإقليمي، واتاحة الفرصة للنقاش وتبادل الخبرات ولاستعراض خبرات وتجارب الشبكات العالمية الأخرى المؤسسية والخبراء في هذا المجال، وتعزيز التعاون بين الشبكة العربية وشبكات التحالف العالمي . ويأتي تأسيس الشبكة العربية للنساء وسيطات السلام عام 2019 كآلية وساطة إقليمية ضمن جهود جامعة الدول العربية المبذولة لتعزيز دور المرأة في تحقيق السلم والأمن إقليمياً وعالمياً من خلال إشراك النساء في عمليات السلام والتفاوض، في ضوء مواجهة التحدي محدودية مشاركة المرأة في الوساطة وحل النزاعات في المنطقة العربية، وضمن إطار دعم جامعة الدول العربية للجهود المبذولة لتسوية النزاعات المسلحة، ووقف إطلاق النار، واستعادة السلم، وسيادة القانون.
مشاركة :