تزامنًا مع القمة الأميركية الأفريقية، التي تنعقد حاليًا في العاصمة الأميركية واشنطن، أصدر مركز «تريندز للبحوث والاستشارات» دراسة جديدة تحت عنوان: «القمة الأميركية الأفريقية في ضوء الاستراتيجية الأميركية الجديدة»، تسلط الضوء على الأسباب الحقيقية لهذه القمة، وتحلل أهداف تلك الاستراتيجية، وآليات تنفيذها، وأهم التحديات التي من المتوقع أن تواجه الأميركيين في سبيل تطبيق تلك الاستراتيجية. وذكرت الدراسة التي أعدها كل نورة الحبسي الباحثة الأولى - مديرة إدارة النشر العلمي، وخالد فياض الباحث الرئيسي بإدارة الدراسات الاستراتيجية، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ترى في هذه القمة واحدة من أهم أولويات السياسة الخارجية الأميركية في الأشهر المقبلة. مبينة أن واشنطن تعتبر القمة الفرصة الأولى لإدارته، لإظهار كيف تنظر إلى مستقبل العلاقات الأميركية الأفريقية على أرضها، وسط التوتر الجيوسياسي المتزايد مع روسيا والصين والجهود المبذولة لإعادة العلاقات الأميركية الأفريقية، بعد التوتر الذي شهدته في عهد الرئيس الأميركي ترامب، بل ترى أنه الاختبار الحقيقي للاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفريقيا بعد الإعلان الذي تم الإخبار عنه في أغسطس الماضي. وتطرقت الدراسة، التي جاءت ضمن البرامج البحثية في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، إلى دور أفريقيا في المعترك الدولي، حيث تعتبر من أشد القارات تأثرًا، مقارنة بغيرها من القارات، بما يحدث من تحولات في النظم الدولية المختلفة. وأشارت الدراسة إلى أن أفريقيا تحولت اليوم إلى مسرح عالمي كبير، إذ تحاول القوى الفاعلة، إقليمية كانت أو دولية، صياغة دور لها من خلالها، مبينة أسباب الحاجة إلى تعامل أميركي جديد مع القارة الأفريقية، حيث تزايدت الأهمية الديمغرافية والاقتصادية والسياسية للقارة الأفريقية، وتزايدت المخاوف الأمنية في القارة الأفريقية، والنفوذ الصيني المتصاعد في القارة، والقوة الصلبة الروسية، والتداخلات الإقليمية الجديدة. وأوضحت الدراسة أنه انطلاقًا من تلك الأسباب، التي تعكس تعدد الأيادي الراغبة والطامعة في لعب دور حقيقي، أصدرت الولايات المتحدة استراتيجية جديدة تجاه أفريقيا، حاولت من خلالها وضع مجموعة من الرؤى والأفكار، تستطيع بها الولايات المتحدة مواجهة التطورات في القارة الأفريقية، بما ينعكس على عودة هذا الدور للقارة الأفريقية بشكل أكثر تأثيرًا وفعّالية. وقد حددت هذه الاستراتيجية لنفسها 4 أهداف هي: تعزيز مجتمعات عادلة ومنفتحة، وتعزيز الجهود الديمقراطية ومعالجة التحديات الأمنية، ودعم التعافي القوي من جائحة كورونا، وتشجيع التكيف مع المناخ وتحولات الطاقة الخضراء. وذكرت الدراسة أن الاستراتيجية الأميركية بشأن أفريقيا وضعت 6 مداخل، لتنفيذ تلك الأهداف وهي: زيادة الانخراط الدبلوماسي الأميركي في المنطقة، ودعم التنمية المستدامة والصمود الاقتصادي، ومراجعة أدوات التعامل مع الجيوش الأفريقية، وتعزيز العلاقات التجارية مع دول المنطقة، وقيادة عملية التحول الرقمي في المنطقة، ومساندة جهود التجديد الحضري بالمنطقة. وحددت الدارسة 4 تحديات تواجه الاستراتيجية الأميركية الجديدة في القارة الأفريقية وهي: الموقف الأفريقي، ودعم الديمقراطية، والتحدي الروسي، والتحدي الصيني. وتوقفت الدراسة عند مستقبل الدور الأميركي في أفريقيا، مشيرة إلى أنه أمام هذه الاستراتيجية وتلك التحديات، فإنه من الممكن القول إن الدور الأميركي يرتبط نجاحه في المستقبل في التعامل مع تلك التحديات، مؤكدة أن التحدي الأمني، والمتمثل في انتشار جماعات الإرهاب وتمكنها من العديد من المناطق غير المحكومة في القارة الأفريقية، يمثل الخطر الأكبر على نجاح القمة الأميركية الأفريقية وتعزيز إنفاذ الاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفريقيا، والتي تتطلب بالفعل استراتيجية متكاملة ذات نفس طويل تتعامل مع القارة الأفريقية انطلاقًا من كونها شريكًا، والتحرر من تلك العلاقة الأبوية السابقة.
مشاركة :