الرباط - شغل المنتخب المغربي لكرة القدم 'أسود الأطلس' الصحافة العالمية واحتلت تغطيات أخباره وانتصاراته صدارة الصحف ووسائل الإعلام الدولية بكل صنوفها مرئية ومسموعة ومكتوبة، مسلطة الضوء على نجاح لم يأت من فراغ وعلى روح وطنية عالية لدى الفريق. ومنذ اتضح أن المنتخب المغربي سيتواجه مع نظيره الفرنسي عقب إطاحته بمنتخب البرتغال، كان النزال الكروي المرتقب الشغل الشاغل خاصة لدى الصحافة الفرنسية التي راوحت في تناولها للمباراة مساء اليوم الأربعاء، بين الكروي والسياسي مع تزامن ذلك مع جهود تبذلها باريس لتصحيح مسار العلاقات مع الشريك المغربي بعد فتور فجره بداية تقليص عدد التأشيرات للمغاربة واتهامات للرباط ودول مغاربية أخرى بعدم التعاون في إعادة رعاياها المقيمين بشكل غير قانوني. وبالنسبة للمواجهة الكروية تسلطت الأضواء على الروح الوطنية لدى لاعبي المنتخب المغربي وكيف نجح هؤلاء في صناعة الفارق في كل مباراة يخوضونها وكيف أن العزيمة والروح القتالية لا تخفت بل تزداد توقدا. النجاح الكروي وفق بعض التحليلات والقراءات لم تكن بمعزل عن حالة التحول التي يشهدها المغرب في مختلف المجالات التنموية وكأن الرياضة والبنية التحتية المتصلة بها كانت جزء من المقاربة التنموية المغربية التي يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس. وفي إحالة لهذا التفصيل، إشارات واضحة لمسار ناجح رياضيا رسمه المغرب بتأمين الرالي الدولي الذي عبر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أراضيه من الناظور إلى معبر الكركرات في الصحراء المغربية إلى موريتانيا وصولا وصولا إلى دكار العاصمة السينغالية. وإن كان الحدث رياضيا بامتياز إلا أن نجاح المغرب سلط الضوء على فشل جبهة البوليساريو الانفصالية التي أطلقت تهديدات في حال مرور الرالي الدولي بالصحراء وأن الرباط التي فككت بدبلوماسية هادئة عرفت كيف تتعامل مع تلك التهديدات وأمنت بنجاح عبورا آمنا وهو أيضا أمر لم يأت من فراغ. وبعد هذا النجاح بشقيه الرياضي والدبلوماسي، رسم أسود الأطلسي ملحمة أخرى على أرض ملاعب المونديال بثبات لم يأت صدفة وبثقة واقتدار يعزوها كثيرون إلى قيادة سياسية لا تغفل أعينها عن الرياضة كدبلوماسية أخرى بنكهة كروية جعلت المغرب في قلب الاهتمامات الدولية الرسمية والشعبية. وكانت الصحف الفرنسية قد خصصت مساحات واسعة على صدارة صفحاتها ونشراتها وبرامجها التفلزيونية الرياضية وحتى السياسية منها. وبين حديث عن فريق يكتب التاريخ من جديد في عالم كرة القدم وبين حديث عن الروابط الثقافية والدبلوماسية وعلاقات تاريخية بين المغرب وفرنسا توزعت التحليلات والقراءات الفرنسية للحدث. صحيفة 'ليبراسيون'، خاضت في الجانب السياسي والرياضي لأول مباراة ستجمع 'أسود الأطلس' بـ "الديكة"، متحدثة عن علاقات ثنائية وماض مشترك لبلدين شريكين. وكتبت "فرنسا والمغرب، شعبان على أرضية مشتركة". وتابعت أن مباراة الأربعاء ستكون لها نكهة خاصة بالنسبة لشعبي البلدين وللمغاربة الناطقين بالفرنسية والفرنسيين من أصول مغربية، مضيفة أن هذه المباراة "تثير مشاعر قوية للغاية في كلا البلدين". ولم تغفل صحيفة 'لاكروا' أن اللقاء بين المنتخبين الفرنسي والمغربي يجري بعد نحو عام من توتر في العلاقات بين البلدين في ما يتصل بأزمة التأشيرات وملف الصحراء المغربية، موضحة أنه يأتي أيضا عشية زيارة وزير الخارجية الفرنسية للمغرب غدا الخميس وهي الزيارة التي تعتبر تحضيرية لزيارة أخرى سيقوم بها الرئيس الفرنسي للرباط على وقع الأزمة الصامتة ودعوات قوية في فرنسا تطالب ماكرون بإزالة سوء الفهم وإعادة العلاقات بين البلدين إلى مسارها الصحيح. وقالت "المملكة المغربية بأكملها تعيش على إيقاع مآثر أسود الأطلس، مثل إفريقيا والعالم العربي... راهن المغرب الذي يواجه فرنسا في نصف النهائي على كرة القدم لتوسيع نفوذه منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. صحيفة 'لومانيتي' ذهبت سريعا إلى هدف واحد وهو أن "مباراة المنتخب الفرنسي أمام شقيقه المغربي المتواجد على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، يجب أن يكون لحظة رياضية عظيمة ولحظة عظيمة للشعبين المغربي والفرنسي". وشددت على أن المباراة يجب أن تكون "لحظة صداقة بين شعبينا واحتفال للجميع وليس فرصة لتعزيز خطابات الكراهية والعنصرية خاصة بن مزدوجي الجنسية". والمباراة التي ستقام مساء الأربعاء بملعب البيت بمدينة الخور هي أول مواجهة بين أسود الأطلس وفريق "الديكة" إذ لم يسبق لهما أن التقيا إلا في خمس مواجهات ودية. وأجمعت الصحف الفرنسية على أن المباراة لن تكون سهلة وأن فرنسا تواجه خصما يكتب التاريخ وفريق سطّر ملحمة منذ بداية مشواره في المونديال وصولا إلى عبوره لنصف النهائي متصدرا مجموعة تضم منتخبات كرواتيا وبلجيكا وكندا، قبل أن يهزم إسبانيا في دور الثمن وينهي آمال البرتغال في مباراة ربع النهائي.
مشاركة :