أرست الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا أسسًا اقتصادية جديدة، وفتحت الباب أمام مجلات لم يكن لها وجود من قبل، وعلى رأس هذه المجالات كان اقتصاد الفضاء. وترسخت أقدام اقتصاد الفضاء بعدما هبط نيل أرمسترونج على القمر لأول مرة في 1969، ومنذ ذلك التاريخ تغير المشهد، وتبدلت النظرة للفضاء، إذ سارعت باقي دول العالم للوصول للفضاء، بجانب كلًا من أمريكا وروسيا. واستمر هذا التطور، فلم يعد اقتصاد الفضاء حكرًا على الحكومات وحدها بل دخل القطاع الخاص أيضًا إلى الصورة، بعد انخفاض التكاليف مقارنة بالأوقات السابق، ففي مايو 2020 دخلت شركة سبيس إكس التاريخ كأول شركة خاصة ترسل بشرا إلى الفضاء، وبالرغم من أن هذا لا يمثل إنجازا تقنيا، فإنه أول مؤشر على الخطوات المتسارعة التي يخطوها اقتصاد الفضاء. وأشارت التقديرات إلى أن هناك أكثر من عشرة آلاف شركة حول العالم ونحو خمسة آلاف من كبار المستثمرين يشاركون في صناعة الفضاء، بقيمة إجمالي وصلت إلى 469 مليار دولار في عام 2021 بارتفاع نسبته 9 % عن 2021. ويستحوذ سوق الفضاء التجاري منها على 75% أي 278 مليار دولار، وأما نسبة الإنفاق الحكومي فبلغت نحو 16% بقيمة 59 مليار دولار، في حين استحوذت النفقات الحكومية الأخرى على 33 مليار دولار بإجمالي 9%. وبحلول 2030 يتوقع أن ينمو اقتصاد الفضاء العالمي بنسبة 75%، ليصل إلى 642 مليار دولار أمريكي، ثم إلى تريليون دولار بحلول 2040 مع ازدهار وتنامي فرص وإمكانات الأعمال بصناعة الفضاء. رفعت الهند إجمالي انفاقات على الفضاء إلى 36%، وأما الصين فرفعت انفاقها على صناعة الفضاء بنحو 23% وضخت الولايات المتحدة استثمارات بزيادة قدرها 18%، وبما يعادل 12% من الإنفاق العالمي على الفضاء. وأما القطاع الخاص فيحاول اقتناص الفرصة فقد تجاوز تمويل القطاع الخاص للشركات العاملة في قطاع الفضاء عشرة مليارات دولار في 2021، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق، كما أنه زاد بمقدار عشرة أضعاف على مدار العقد الماضي. منذ نوفمبر2021 وحتى الآن، صنع العالم نحو 1736 قمرًا اصطناعيًا لرصد الأرض، وما يحدث بها من متغيرات، ولكن العدد الذي تم إطلاقه بالفعل هو 160 قمرًا للقيام بمهمة رصد الأرض، بعوائد وصلت إلى 25 مليار دولار، وفقًا لتقرير Euroconsult. وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022 تم إطلاق 72 صاروخا وإدخال 1022 مركبة فضائية محددة في الفضاء، وتشير التقديرات إلى أن نحو 90% من أكثر من 1000 مركبة فضائية تم إطلاقها هذا العام وتم دعمها من قِبل الشركات التجارية وأبرزها مئات الأقمار الصناعية للإنترنت "Starlink" التي أطلقتها شركة "SpaceX" والتي يملكها الملياردير الأمريكي "إيلون ماسك".
مشاركة :