هل سيغير الهيدروجين الأخضر قواعد اللعبة؟

  • 12/14/2022
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يشير‭ ‬تقرير‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬المتجددة‭ (‬إيرينا‭) ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬خطط‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المصدرة‭ ‬للهيدروجين‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050م‭. ‬وتظهر‭ ‬النتائج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50%‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬تنوي‭ ‬استخدام‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬لإنتاج‭ ‬الهيدروجين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬كذلك‭ ‬بالهيدروجين‭ ‬الأخضر‭. ‬أما‭ ‬بقية‭ ‬الدول‭ ‬فهي‭ ‬إما‭ ‬مازالت‭ ‬محايدة‭ ‬بالطرق‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬استعمالها،‭ ‬أو‭ ‬أنها‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬تقنية‭ ‬احتجاز‭ ‬الكربون‭ ‬وتخزينه‭ ‬مع‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭. ‬ولذا‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يشهد‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬تحولاً‭ ‬كبيراً‭ ‬نحو‭ ‬تطبيقات‭ ‬إنتاج‭ ‬وتخزين‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬كمصدر‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬قبل‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تبعات‭ ‬هذا‭ ‬التحول،‭ ‬أن‭ ‬نتناول‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬المقصود‭ ‬بالهيدروجين‭ ‬الأخضر؟‭ ‬ يتم‭ ‬إنتاج‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬كوقود‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬عملية‭ ‬تسمى‭ ‬التحليل‭ ‬الكهربائي،‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تمرير‭ ‬تيار‭ ‬كهربائي‭ ‬لفصل‭ ‬جزيئات‭ ‬الماء‭ ‬إلى‭ ‬ذرات‭ ‬هيدروجين‭ ‬وأوكسجين‭. ‬حيث‭ ‬تكون‭ ‬الكهرباء‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬أحد‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬ويكون‭ ‬المنتج‭ ‬الثانوي‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬الماء‭. ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬العملية‭ ‬بأكملها‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الكربون‭ ‬وانبعاثاته،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬كونها‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‭. ‬وبهذا‭ ‬فإن‭ ‬إنتاج‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬يعد‭ ‬أفضل‭ ‬الطرق‭ ‬الممكنة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البيئية‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬الهيدروجين‭ ‬بالمقارنة‭ ‬بطرق‭ ‬إنتاج‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬يسمى‭ ‬بالهيدروجين‭ ‬الرمادي‭ ‬أو‭ ‬الهيدوجين‭ ‬الأزرق‭. ‬والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬إنتاج‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الأنواع،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬أن‭ ‬تقنيات‭ ‬التحليل‭ ‬الكهربائي‭ ‬للمياه‭ ‬مكلفة‭ ‬نسبيا،‭ ‬وبالأخص‭ ‬أنها‭ ‬تتطلب‭ ‬مياه‭ ‬محلاة‭ ‬عالية‭ ‬النقاء‭. ‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬قطاع‭ ‬إنتاج‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التوقعات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬كلفته‭ ‬سوف‭ ‬تنخفض‭ ‬في‭ ‬العشر‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والشركات‭ ‬توليه‭ ‬اهتماماً‭ ‬كبيراً‭. ‬فقد‭ ‬تعهدت‭ ‬وزارة‭ ‬الطاقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020م‭ ‬بتقديم‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬لتطوير‭ ‬أبحاث‭ ‬تقنيات‭ ‬إنتاج‭ ‬الهيدروجين‭ ‬وخلايا‭ ‬الوقود‭. ‬كما‭ ‬تظهر‭ ‬دراسة‭ ‬أوروبية‭ ‬حديثة‭ ‬أن‭ ‬إيداعات‭ ‬براءات‭ ‬الاختراع‭ ‬لتقنيات‭ ‬إنتاج‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬زادت‭ ‬بمعدل‭ ‬18%‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2005م،‭ ‬وهذا‭ ‬يظهر‭ ‬حجم‭ ‬الاهتمام‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التطبيقات،‭ ‬وبالأخص‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يتوجه‭ ‬بشكل‭ ‬متسارع‭ ‬نحو‭ ‬التطبيقات‭ ‬الصديقة‭ ‬للبيئة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬خطط‭ ‬واعدة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحياد‭ ‬الصفري‭ ‬الكربوني‭.‬ ودول‭ ‬الخليج‭ ‬ليست‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬التغيرات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬تمتلك‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬30%‭ ‬من‭ ‬احتياطات‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام،‭ ‬و20%‭ ‬من‭ ‬احتياطات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭. ‬وذلك‭ ‬يؤهلها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لاعباً‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬تواصل‭ ‬دورها‭ ‬الريادي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الحيوي،‭ ‬فينبغي‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تواكب‭ ‬المتغيرات‭ ‬السريعة‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع،‭ ‬وأن‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬وتيرة‭ ‬استثماراتها‭ ‬في‭ ‬الصناعات‭ ‬الواعدة،‭ ‬والتي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أهمهما‭ ‬تطوير‭ ‬إنتاج‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬مشروع‭ ‬إنتاج‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نيوم‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬يحق‭ ‬لجميع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬أن‭ ‬تفخر‭ ‬بها،‭ ‬حيث‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬أكبر‭ ‬منشأة‭ ‬متجددة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لتحويل‭ ‬الهيدروجين‭ ‬إلى‭ ‬الأمونيا‭. ‬وتبلع‭ ‬كلفة‭ ‬المشروع‭ ‬حوالي‭ ‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025م‭. ‬ومؤخراً‭ ‬كذلك،‭ ‬أطلقت‭ ‬سلطة‭ ‬عمان‭ ‬رؤيتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر،‭ ‬والتي‭ ‬تسعى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬إنتاج‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬سنويا‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030م،‭ ‬وإلى‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬ملايين‭ ‬طن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2050م‭.‬ وعلى‭ ‬العموم‭ ‬فإن‭ ‬توجه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬نحو‭ ‬التطبيقات‭ ‬الحديثة‭ ‬سيتطلب‭ ‬وقتاً،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬جريئة‭ ‬لتغير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصناعات‭ ‬القائمة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالصناعة‭ ‬النفطية‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬التنافسية‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬المحلية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬زيادة‭ ‬إدماج‭ ‬دور‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وتكريس‭ ‬بيئة‭ ‬جاذبة‭ ‬للاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة،‭ ‬ودعم‭ ‬الابتكار‭ ‬وتنمية‭ ‬قدراتها‭ ‬البشرية‭. ‬ويمكن‭ ‬للهيدروجين‭ ‬الأخضر‭ ‬أن‭ ‬يلعب‭ ‬دوراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬التخطيط‭ ‬له‭ ‬وفق‭ ‬رؤية‭ ‬شمولية‭ ‬مشتركة‭ ‬لأجل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مكملاً‭ ‬وداعماً‭ ‬لخطط‭ ‬التحول‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬دولنا‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭. ‬ { مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الطاقة‭ ‬والبيئة‭ - ‬مركز‭ ‬البحرين‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬والطاقة ‭ ‬

مشاركة :