التونسيون يصوتون في انتخابات برلمانية وسط مقاطعة واسعة من المعارضة

  • 12/17/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وسط دعوات للمقاطعة يصوت الناخبون التونسيون على انتخاب برلمان جديد وفق دستور يمنح الرئيس سعيّد صلاحيات واسعة. وفيما يقول المنتقدون إن الانتخابات ستسفر عن برلمان بلا صلاحيات، يرى البعض أنها ستسهل علاقات تونس مع شركائها. يحق لأكثر من 9.2 مليون ناخب المشاركة في الاقتراع لانتخاب 161 نائبا جديدا، لكن هنا مقاطعة واسعة لهذه الانتخابات يتوجه التونسيون إلى مراكز الاقتراع السبت (17 ديسمبر/كانون الأول 2022) لانتخاب برلمان مجرّد من سلطات فعلية في انتخابات تشريعية تشكل الحجر الأخير في بناء نظام رئاسي يسعى قيس سعيّد إلى إرسائه منذ ان قرّر احتكار السلطات في البلاد صيف 2021. تأتي الانتخابات بعد أشهر من الاضطرابات السياسية والمصاعب الاقتصادية في تونس ، مهد انتفاضات  الربيع العربي  2011-2010، ويتنافس فيها ما مجموعه 1055 مرشحاً. وبدت الحملة الانتخابية التي استمرت ثلاثة أسابيع باهتة، كان ظهور المرشحين خلالها محدوداً ومن دون أن يطغى عليها أي طابع تنافسي، بينما غاب عنها السجال الانتخابي في وسائل الاعلام. ويتكوّن البرلمان الجديد من 161 نائباً بعد أن تقلص عدده من 217. وسيحل محل البرلمان السابق الذي جمّد سعيّد أعماله في 25 تموز/يوليو 2021 وحلّه لاحقا واحتكر السلطات في البلاد، مبرراً قراره آنذاك بالانسداد السياسي وتواصل الأزمات السياسية في البلاد إثر خلافات متكررة بين الأحزاب في البرلمان. وتبدو هذه الانتخابات مفصلية بالنظر إلى الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي في البلاد. ويظل الشغل الشاغل لـ 12 مليون تونسي، بما فيهم تسعة ملايين ناخب مسجل، ارتفاع تكاليف المعيشة مع تضخم يبلغ حوالي 10% واستمرار فقدان بعض المواد الغذائية المتكرر على غرار الحليب والسكر. برلمان بلا صلاحيات لكن هذا البرلمان الذي سيتم اعلان نتائج انتخابه بعد دورة ثانية بين شباط/فبراير وآذار/مارس القادمين، سيكون مجرّداً من السلطات استناداً إلى الدستور الجديد الذي تم إقراره إثر استفتاء شعبي في تموز/يوليو الفائت ولم يشارك فيه نحو سبعين في المئة من الناخبين. وبموجب هذا الدستور، لن يكون بوسع نواب البرلمان إقالة الرئيس ولا إسقاط الحكومة إلاّ بتوفر شروط "من الصعب جدّا" تحقيقها، حسب الخبير السياسي حمادي الرديسي. في المقابل يمكن لمجموع النواب تقديم مقترحات ومشاريع قوانين لكن يبقى للرئيس الأولوية في ذلك. وينص القانون الانتخابي الجديد على الاقتراع الفردي ويحل محل انتخاب اللوائح، ما يضعف مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات. وقد نتج عن ذلك ترشح شخصيات غير معروفة غالبيتها دون انتماءات سياسية. شخصيات محهولة ويقول أستاذ العلوم السياسية حمزة المؤدب لوكالة فرانس برس ان "هذا التصويت اجراء شكلي لاستكمال النظام السياسي الذي فرضه قيس سعيّد بتركيز السلطات بين يديه". ويضيف أن "التونسيين يعلمون أن البرلمان لن يكون له وزن سياسي وسيتم تجريده من كل السلطات"، متوقعا إقبالا "ضعيفا جدا" على صناديق الاقتراع. ويرى المؤدب أنه "لا يوجد جو انتخابي (...) إنه ليس بحدث"، ويؤكد على أن المترشحين غير معروفين لعامة الناس و"مبتدئون في السياسة، وغير قادرين على التعبئة في سياق اقتصادي متدهور للغاية". ويعتبر هاميش كينير المحلل في مكتب "فيريسك مابلوكروفت الدولي"، أن الانتخابات "ستسهل مع ذلك علاقات تونس مع شركائها الخارجيين الرئيسيين، من خلال إنهاء 17 شهرًا من عدم اليقين الدستوري" منذ احتكار سعيّد للسلطات في البلاد. ويقول إنه سيكون من الأسهل الحصول على مساعدات من المانحين الدوليين "بفضل عودة وضوح الرؤية السياسية بشكل أكبر، حتى لو كانت الشرعية الديموقراطية للانتخابات التشريعية ضعيفة".   وترشح للانتخابات 1085 شخصاً غالبيتهم غير معروفين. وذكر "للمرصد التونسي للانتقال الديمقراطي"، أن نصف المرشحين أساتذة (نحو 26%) وموظفون حكوميون بمستوى متوسط (نحو 22%). "إعادة تشكيل نظام سياسي أحادي" قاطعت غالبية الأحزاب السياسية في تونس وفي مقدمتها   حزب النهضة  ذو المرجعية الاسلامية والذي كان مسيطراً على البرلمان منذ 2011، الانتخابات وقالت إنها لن تعترف بنتائجها. ويرى المؤدب في هذا السياق أن الهدف هو "إعادة تشكيل نظام سياسي أحادي، كما يريد الرئيس سعيّد، لا يشرك فيه الاتحاد العام التونسي للشغل ولا المجتمع المدني ولا حتى الأحزاب". وهاجم الاتحاد الذي يمثل الثقل النقابي في البلاد، مؤخراً انتخابات الرئيس واعتبرها من دون "طعم ولا لون". قرّرت منظمة "بوصلة" التي تراقب النشاط البرلماني في البلاد منذ 2014، عدم مواصلة عملها الرقابي على البرلمان مبررة قرارها برفضها ان تكون "شاهد زور على برلمان كرتوني". وقالت هذه المنظمة غير الحكومية إنها لا تريد "إضفاء الشرعية على هيئة وهمية يتم إنشاؤها فقط لدعم توجيهات الرئيس". في آذار /مارس الماضي، حل الرئيس قيس سعيد البرلمان، كجزء من سلسلة من الإجراءات التي أدانتها المعارضة باعتبارها "انقلاباً". وفي العام الماضي، أطاح سعيد، وهو أستاذ قانون سابق، بالحكومة وأعلن تعليق أجزاء من دستور عام 2014 الذي قلص سلطات الرئيس لصالح البرلمان ورئيس الوزراء. وفي تموز/ يوليو من العام الجاري، تمت الموافقة في استفتاء على دستور جديد مثير للجدل يمنح سعيد سلطات أوسع. وشارك نحو 30 في المائة من حوالي 9.2 مليون ناخب مؤهل في التصويت. ع.ح./ع.ج.م. (ا ف ب، د ب أ)

مشاركة :