إرهاب يحطم كل الأرقام القياسية

  • 1/20/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أفادت أنباء مؤكدة، بثتها وكالات الأنباء الغربية، أن داعش استطاع الحصول على أرقى ما توصلت إليه تكنولوجيا المعلوماتية، في مجال حماية المحادثات، ونظام الرسائل الخاصة بواسطة النت. فصار التواصل بين أعضائه محمياً من خصومه، وتبين أن هذا النظام تستخدمه الشركات الغربية الكبيرة. ولربما وصل إلى داعش عبر جهة تركية، أو عبر جهة أو جهات لها حساباتها الخاصة، في مواصلة تقدم هذا التنظيم في منطقتنا. وتفيد الأنباء المتداولة عن هذا التنظيم، أن قادته الكبار، يتمتعون بأهلية وخبرة واسعة في المجال العسكري. فهم تخرجوا من كليات الحرب الغربية والشرقية معاً، وبالتالي يتمتعون بمهارات قتالية، ترتقي إلى مستوى كبار القادة في الجيوش الكلاسيكية. والروايات المعروفة، أيضاً وأيضاً عن هذا التنظيم تؤكد أن قادته الكبار، هم من كوادر الجيش العراقي العليا، وبالتالي يتمتعون بخبرة عملانية رفيعة المستوى معطوفة على تجارب قتالية مشهودة في الحرب العراقية الإيرانية. أضف إلى ما سبق القدرة العالية لدى قادة التنظيم، على التخطيط والتنفيذ، والتي تتجاوز ما هو متعارف عليه من الخبرات المحلية، وهنا نتجاوز المجال العسكري إلى المجال السياسي، حيث تنم بعض العمليات الإرهابية عن حسابات دقيقة، ومعرفة بالمكان المستهدف، وعن حسابات ماهرة في اختيار الهدف واختيار التوقيت المناسب لإصابته وتوجيه ضربة قاسية تخلف آثاراً نفسية كبيرة على السكان والبلد والرأي العام. وتتعدى الخبرات التكتيكية للتنظيم، ما هو معروف دولياً عن الحركات الإرهابية أو النظامية، إلى التاريخ وبخاصة تاريخ المنطقة التي يستقر فيها داعش. والراجح أن قيادة التنظيم، استفادت من المنهج الحربي الذي غزا بغداد في القرن الثالث عشر. وتفصح المصادر التاريخية التي تروي تفاصيل حملته، عن أساليب ليست بعيدة عن تلك التي يستخدمها الدواعش. فالمعروف أن هولاكو كان يفتك بالمدن الضعيفة أولاً، ويبيد سكانها، أو القسم الأكبر منهم وكان يتعمد، أن يترك أهالي الأحياء ينقلون أخبار الفظائع، إلى أهل المدن والبلدات التي سيستهدفها المغول، فتضعف أحوالهم النفسية، ويهربون أمام الجيوش المغولية، التي كانت تحتل أراضي شاسعة بواسطة الترهيب، حتى إذا ما وصل إلى بغداد وجد هولاكو مقاومتها ضعيفة ونكّل بأهلها شر تنكيل. ولعل المصدر الآخر في استراتيجية الترهيب الداعشية هو خطط الحشاشين. أي الفرقة الإسماعيلية، التي أنشأها الحسن الصباح في قلعة الموت، الواقعة اليوم جنوب بحر قزوين، في مكان يبعد 100 كلم عن طهران. والقلعة بحسب معاجم البحث، ترتفع أكثر من ألفي متر عن سطح البحر، وهي عبارة عن وادٍ جبلي حصين، يصعب اقتحامه. وقد جعله قائد الحشاشين حصناً منيعاً، كانت تهابه دويلات المنطقة بأسرها، نظراً للأعمال الإرهابية المفاجئة التي ينفذها مناصروه بدقةٍ واحترافٍ عالٍ. وكانت أهدافه متعددة في الفترة التي ظهرت فيها الفرقة. وتؤكد المعاجم، التي تتحدث عن هذه الفرقة، أن الحشاشين حاولوا اغتيال صلاح الدين الأيوبي عدة مرات بعد أن تنكروا بثياب حرسه، وتمكنوا من اغتيال قادة كبار في الجيوش الصليبية، ووصل أحدهم إلى فراش الرازي، ووضع سكيناً على مخدته ليحذّره من استهداف الجماعة أثناء خطبه ودروسه وقد فعل. والواضح حتى اليوم، أن الغربيين يحتفظون برهبة خاصة، من هذه الفرقة، التي كان أعضاؤها يمنحون أنفسهم إلى قائد الجماعة، الذي غالباً ما كان يعدهم بدخول الجنة. وتذكر المصادر التاريخية التي تتحدث عن هذه الفرقة، أن قائدها توصل إلى فرض الحصول على جزية من دويلات المنطقة وقادتها، اتقاءً لشره، وأن الطرف الوحيد الذي تمكن من القضاء عليها يبزها ترهيباً ونعني بذلك المغول. إن استخدام وسائل ترهيب متنوعة في العمليات العسكرية، واللجوء إلى فنون مختلفة في التعذيب الجسدي والقتل غرقاً وحرقاً وذبحاً وخنقاً.. كل ذلك فاق في عنفه ووحشيته كل المراجع الإرهابية المعروفة، بما فيها المراجع الغربية التي لا يمكن اعتبارها منزهة في هذا المجال، فتقنية قطع الرؤوس كانت معروفة على نطاق واسع في حرب الجزائر، تحت الاحتلال الفرنسي، وكذا أيضاً تقنية حرق الناس في المغاور التي تعودوا اللجوء إليها.. خنقاً بالدخان حتى الموت. نخلص مما سبق إلى استنتاج أساسي واستنتاجات فرعية. والأساسي يؤكد أن التفسير الوحيد لانتشار داعش واحتلاله مساحات واسعة في سوريا والعراق، يكمن في الترهيب، ويصح التفسير نفسه على ليبيا، واليمن، وأفغانستان، وغيرها من الدول التي تمكن التنظيم من الحصول على موطئ قدم فيها. والاستنتاجات الفرعية، تتعلق بضعف أعداء التنظيم، في كل مكان، وبخاصة في العراق، الأمر الذي يفسر أيضاً توسعه، ومن بين الاستخلاصات أيضاً، نجاح التنظيم في استخدام أساليب وحوافز جنسية بتغطية شرعية، ناهيك عن إغراء الوافدين بنوع من الاستيطان المجاني، فالمقاتل المحلي والأجنبي في هذه الحالة ستتوفر لديه فرصة الحياة في شقة واسعة، وسط عائلته الشخصية، ووفق طقوس ووسائل دينية تتناسب مع عقيدة الدواعش. صفوة القول أن المنطقة العربية لم تشهد مثل هذا التنظيم في تاريخها، ولم تعرف هذا القدر من الإرهاب في أي من مراحلها المظلمة أو التنويرية على السواء، وبالتالي سيكون من الصعب التصدي له بوسائل طائفية يمكنها أن تشد عضده وتقوي شوكته، أو بالقصف الجوي، الذي يتيح القول لأنصاره إن الغربيين جبناء لا ينزلون إلى الأرض ويفضلون الهرب جواً. والثابت أن التصدي الناجح لهذا التنظيم، يحتاج إلى خطين متقاطعين، الأول ينطوي على إصرار قتالي حتى الموت، وإجراءات إصلاحية في البيئة الحاضنة لداعش كلياً أو جزئياً حتى يخرج كالسمكة من الماء.

مشاركة :