أعادت واقعة ذبح زوج لزوجته بالشارع في محافظة الشرقية (دلتا مصر) «جرائم القتل الأسري» إلى الواجهة مجدداً، وتزامنت الواقعة مع اتهام فتاة بـ «قتل» والدتها بمحافظة بورسعيد، ما دفع خبراء إلى الإشارة إلى «اتساع نطاق الجرائم الأسرية» والتي طالت معظم أفراد الأسرة بعدما كانت مقتصرة على «الزوج والزوجة»، إذ يعتقد علماء الاجتماع والطب النفسي أن «ثمة تغيّرات اجتماعية ونفسية» تحتاج إلى دراسات جديدة خاصة مع تكرار هذه الوقائع. وسط صدمة المارة بمدينة ههيا في محافظة الشرقية، قام رجل بذبح سيدة في الشارع باستخدام «سكين»، وإصابة شخص آخر بجرح قطعي، وقامت أجهزة الأمن بضبط المتهم وبحوزته سلاح الجريمة، والذي تبين من التحقيقات المبدئية، وفقاً لوسائل إعلام محلية، أنه زوج الضحية. وتم نقل الشخص المصاب إلى مستشفى ههيا المركزي لتلقي العلاج اللازم، فيما نُقل جثمان الضحية إلى «المشرحة» انتظاراً لتحقيقات النيابة، ومعاينة الطب الشرعي. وبالتزامن مع الواقعة، أمرت النيابة العامة بحبس فتاة وجارها الشاب في منطقة الفيروز الجديدة بمدينة بورفؤاد، ببورسعيد 4 أيام على ذمة التحقيقات، لاتهامهما بقتل والدة الفتاة. وترى الدكتورة سامية خضر، أستاذة الاجتماع بجامعة عين شمس، أن أبرز أسباب (جرائم القتل الأسري) هو «تغير القيم الاجتماعية التي كانت تحكم سلوكيات الأفراد»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «التفكك الأسري هو من بين أسباب هذه الجرائم، فلم يعد الترابط العائلي كما كان بالماضي، إذ اختلفت علاقة الزوج بزوجته والأب بالأبناء والأم بأبنائها، حتى أنه في أحيان كثيرة يمكن القول إنهم يتعاملون كالغرباء، فتقع جرائم القتل لأسباب واهية، سواء كاختلاف في وجهات النظر حول أمر ما، أو خلافات حول الميراث مثلاً». ولفتت خضر إلى أن «المنظومة السلوكية الاجتماعية التي كانت تجعل الأفراد بشكل عام أكثر تحضّراً وإنسانية تغيّرت كثيراً، وهو ما جعل السلوكيات العنيفة بشكل عام تنتشر في المجتمع، وبالطبع تزداد هذه السلوكيات العنيفة بين أفراد الأسرة نتيجة الاحتكاك الدائم والتفاعلات اليومية». وقضت محكمة جنايات بورسعيد «شمال شرقي مصر» في 6 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بالإعدام شنقاً لشاب بتهمة قتل شقيقته، بعدما أصدرت المحكمة حكمها في جلسة سابقة بإحالة أوراقه إلى مفتي الجمهورية لاستطلاع الرأي الشرعي حول حكم الإعدام، وتعود وقائع القضية إلى 12 أغسطس (آب) الماضي، عندما فوجئ الجيران بقيام الشاب بذبح شقيقته على سلم المنزل. وربط الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي والمخ والأعصاب بين تكرار وقائع «القتل الأسري» وما وصفه بـ «انهيار الوعي الثقافي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المجتمع بشكل عام يعاني انهياراً غير مسبوق - حسب وصفه - في الوعي الثقافي، وتحوّل أفراده بشكل عام، والأفراد داخل الأسرة إلى جزر منعزلة تعجز عن التواصل، وللأسف سوف يؤدي الانهيار الاجتماعي إلى زيادة الجرائم الأُسرية». لكن فرويز اعتبر أنه «توجد أمراض نفسية مرتبطة تدفع الشخص لارتكاب جرائم القتل الأسري، منها (الفصام) و(الشخصية التشككية) لأن هذه الأمراض تخلق أفكاراً مرضية تدور حول فكرة الانتقام، فيمكن مثلاً أن يقوم شخص بقتل زوجته أو ابنته لمجرد سماعه كلاماً عاماً من شخص آخر حول تأخرها خارج المنزل، أو يقوم أخ بقتل شقيقته لمجرد الاستمتاع بتعاليه الذكوري»، على حد تعبيره.
مشاركة :