ضرورة إنشاء محتويات رقمية جاذبة للأجيال الجديدة باللغة العربية أكد خبير لغوي أهمية الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية سواء على الفروع التابعة لمنظمة اليونسكو أو على صعيد الجهات الرسمية والأهلية في المجتمع البحريني والعربي، وذلك لأهمية اللغة العربية الكبرى باعتبارها الركيزة الأولى للهوية الوطنية محليا والهوية القومية العربية على صعيد المنطقة العربية، واصفا المحافظة على اللغة العربية بأنها قضية أمن قومي، مشيرا إلى الأهمية الثقافية للغة العربية على مستوى العالم الإسلامي. جاء ذلك خلال احتفاء المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي أمس باليوم العالمي للغة العربية، الذي يحمل شعار «مساهمة اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية»، بحضور عدد من المهتمين بالشأن الثقافي في البحرين. وقال يوسف الصدّيق المترجم التونسي الذي شارك في ترجمة عدد من كتب مشروع نقل المعارف وأشرف على بعضها: «إن هناك أجيال جديدة من مختلف أنحاء العالم تتجه إلى تعلم اللغة العربية إما لاعتبارات عقائدية أو لاعتبارات تعاملية ومصلحية تجارية وسياسية وغيرها». وبشأن التحديات التي تواجه المحافظة على اللغة العربية، دعا الصديق الأهل وأولياء الأمور والأسر إلى الالتفات إلى هذا الجانب وعدم التساهل المفرط مع اللغة العربية، لأن الطالب قد يتحدث الإنجليزية أو الفرنسية في مدرسته ولكن يجب أن يتحدث العربية في بيته، معبرا عن أسفه من تنامي ظاهرة أولياء الأمور الذين يتحدثون مع أطفالهم باللغات الأجنبية. وقال إن الأجيال الحالية هي أجيال رقمية أو اتصالية يعيشون على الشبكة العنكبوتية أكثر مما يعيشون مع ذويهم، من خلال الهواتف الذكية أو الألعاب الإلكترونية، وهذا المحتوى الرقمي يتطلب منا الالتفات إليه باحترافية وجدية، مطالبا بإنشاء محتويات رقمية مهمة جاذبة وغنية وذات دلالة حتى تحظى بإقبال الناشئة على اللغة العربية. وتطرق يوسف الصدّيق المترجم التونسي إلى أن اللغة العربية هي إحدى أقدم اللغات السامية في العالم، مشيرا إلى أن اللغة العربية كانت المصدر الرئيس للمعارف العلمية والإنسانية خلال الفترة من القرن الثامن الميلادي حتى القرن السابع عشر الميلادي، في ظل الزخم الكبير من العلوم والفلسفات والآداب والفنون والعمارة في العالم العربي والإسلامي، لافتا إلى أن الغرب اعتمدوا على الترجمات من العربية لإثراء معارفهم المتنوعة. وأشار إلى أن المدونات الطبية والمدونات الفلسفية التي وضعها العرب ظلت تدرس في الجامعات الأوروبية إما باللغة العربية أو مترجمة حتى بدايات القرن السابع عشر. وكشف الصديق عن أن اللغة العربية تحتل المرتبة الثالثة في مد اللغة الفرنسية بالمفردات والألفاظ بعد اللغة الإيطالية واللغة الإنجليزية، لافتا إلى أن العيب فينا نحن العرب في التفريط في اللغة العربية بخلاف الصينيين واليابانيين الذين يقومون بالتعلم في جميع مراحل التعليم بلغتهم الأصلية. وأشار إلى أن اللغة العربية تبقى بعيدة عن اللغات المعرضة للاندثار بفضل القرآن الكريم. بدوره تحدث علي مزرعة، المؤسس والرئيس التنفيذي للمعهد العربي للبحث الرقمي والمستشار السابق في مجال التصميم المؤسسي للقطاع الحكومي في نيوزيلندا عن خبرة المعهد في نقل المعرفة العلمية وأهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في نشر المعارف باللغة العربية. وبهذه المناسبة قال الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة رئيس مجلس إدارة المركز إن مملكة البحرين وعبر المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي تحتفي باليوم العالمي للغة العربية منذ اعتماده عام 2013م وهو ما يؤكد التزامها تجاه اللغة العربية وتعزيز حضورها لدى النخب المثقفة والجمهور العام على حد سواء، إضافة إلى الترويج لأهميتها كوسيلة لحفظ الثقافة والهوية العربية الأصيلة. هذا وتضمنت احتفالية المركز باليوم العالمي للغة العربية ورشة عمل للخط العربي من تقديم الخطاط جاسم الجاسم، حيث شارك الحاضرون في ورشة العمل وتعلموا أساسيات الخط العربي وتقنياته وجمالياته. من الجدير ذكره أنه كان قد تقرر الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر من كل عام، والذي يوافق تاريخ إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة.
مشاركة :