أقامت مكتبة الملك عبد العزيز العامة اليوم، معرضًا خاصًا للمخطوطات العربية النادرة التي تتناول علوم اللغة العربية وآدابها وفنونها ومعاجمها، بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام. ويضم المعرض مجموعات نادرة من المخطوطات التي تعنى باللغة العربية، أبرزها: مخطوطة كتاب النوادر لأبي زيد بن أوس الأنصاري (ت 215هـ/ 830م)، وهي واحدة من أقدم وأندر المخطوطات في اللغة العربية، ويتناول الكتاب آلاف الكلمات النادرة الغريبة التي تشكل مستويات متعددة المعاني والتعبير في فضاء المعجمية العربية. وتعرض المكتبة في معرضها كذلك مخطوطة للمعجم الشهير لأبي نصر الجوهري: "تاج اللغة وصحاح العربية"، وهو أقدم ما صنف في العربية من معاجم الألفاظ، مرتب على الأبواب والفصول، كُتبت في عام 591 هجرية. كما يضم المعرض مخطوطة قيمة لعالم اللغة العربية أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، يعود تاريخ نسخها إلى بدايات القرن الخامس الهجري، وهي عبارة عن مجلد يضم عددًا من الرقوق في غير ترتيب، وكتبت بخط أندلسي أسود على رق من جلد الماشية. وبعض الرقوق التي تضمنها المخطوطة بها ثقوب ناتجة عن عمليات شدها قبل الكتابة عليها، ويبلغ عدد رقوق المخطوطة النادرة 58 رقًا، وضبط الكثير من كلماتها بالشكل، كما كتبت بعض العبارات المراد إبرازها بقلم أسود عريض. كما تعرض المكتبة مخطوطتين لكتاب (القاموس المحيط) للفيروز آبادي، كتبت الأولى عام (994هـ)، في حين كتبت الثانية عام (977هـ)، وجاء في الكتاب: "أسميته ب" القاموس المحيط البحر الأعظم، ولما رأيت إقبال الناس على صحاح الجوهري، وهو جدير بذلك، غير أنه فاته نصف اللغة أو أكثر، إما بإهمال المادة أو ترك المعاني الغريبة النادرة". تقوم مكتبة الملك عبد العزيز العامة بدور معرفي متجدد؛ إذ تبدي اهتمامًا كبيرًا بمختلف عناصر الثقافة العربية والإسلامية، وخصصت ضمن برنامجها للنشر العلمي جانبًا كبيرًا لإصداراتها التي تعنى باللغة وبالتراث العربي، وأصدرت في برنامجها للنشر كتبًا في جماليات اللغة العربية والشعر العربي وعددًا من المعاجم. كما أصدرت مجموعة من الترجمات لكتب الرحالة والمستشرقين الذين جابوا شبه الجزيرة العربية خلال بدايات تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود، حتى توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود في 23 سبتمبر 1932م. ومن أبرز ترجمات كتب الرحالة التي أصدرتها المكتبة، تلك الكتب التي ألفها كل من وليم فيسي: "الرياض.. المدينة القديمة"، ومسعود عالم: "شهور في ديار العرب"، وتاكيشي سوزوكي: "ياباني في مكة"، وليوبولد فايس (محمد أسد): "الطريق إلى مكة"، وآر إي تشيزمان: "في شبه الجزيرة العربية المجهولة". وإليزابيث مونرو: "فيلبي الجزيرة العربية"، والليدي إيفيلين كوبولد "الحج إلى مكة"، وأ. غ. شيرباتوف: "الخيل العربية الأصيلة"، وإيف بيسون: "ابن سعود ملك الصحراء". اهتمت المكتبة كذلك منذ نشأتها برصد التراث الحضاري والثقافي والعلمي للحج والحرمين الشريفين، من خلال الكتب والصور النادرة للحرمين الشريفين، والمخطوطات التي كتبت في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والمسكوكات الإسلامية التي سُكت منذ ما يزيد عن الألف سنة، التي تنفرد مكتبة الملك عبد العزيز العامة باقتنائها، ويمثل هذا التراث الفكري ذاكرة متكاملة باللغة العربية للحرمين الشريفين وتوثيق تاريخ المملكة. ومن خلال برنامج وأهداف جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة، تقوم المكتبة بدور كبير في نشر ثقافة اللغة العربية، عبر منح جوائز للترجمة من العربية وإليها بمختلف اللغات، وهي بذلك تقوم بإثراء اللغة العربية بالمصطلحات والمفاهيم العالمية الجديدة في مختلف المجالات، ما يوسع من فضائها المعجمي والمفاهيمي. وقدمت الجائزة للمكتبة العربية أكثر من (30) كتابًا مترجمًا للعربية، من مختلف عناصر المعرفة، وحازت جائزة الملك عبد الله العالمية للترجمة على ثقة مراكز الترجمة والتعليم والجامعات العالمية، واعترافًا دوليًا كبيرًا بأهمية الجائزة وما تقدمه من جهود كبيرة لتفاعل الثقافات واللغات العالمية. كما شكل مركز الفهرس العربي الموحد الذي أطلقته مكتبة الملك عبد العزيز العامة، مطلع إبريل 2007م، لخدمة اللغة والثقافة العربية وتوثيق المنجز الفكري للوطن العربي باللغة العربية وفهرسته، عملًا ثقافيًا ناجزًا؛ فقد وحَّد العمل المكتبي في 22 دولة، كما أنه يوفر الاطلاع على كل المكتبات العربية من أي مكان وفي أي زمان، ويربطها بالثقافات العالمية الأخرى. وفي إطار العناية بإبراز بعض جماليات اللغة العربية وأناقتها في الكتابة والخطوط، أقامت مكتبة الملك عبد العزيز ثلاثة معارض مهمة، أبرزها: "المعرض العالمي للخط العربي"، وعرض مكتبة تضم أكثر من (200) كتاب عن جماليات الخط العربي وفنونه، ولوحات متنوعة بأنواع الخط بواسطة أشهر الخطاطين وأكثرهم تميزًا. والمعرض الثاني هو معرض "المسكوكات الإسلامية عبر العصور"، ويبين طرق الكتابة على العملات بخطوط اللغة العربية، ما يدل على هذا التنوع وحركة الكتابة الدقيقة في صياغة معلومات العملة. والمعرض الثالث هو معرض خاص تضمن مجموعات نادرة من المصاحف الشريفة، إذ تقتني مكتبة الملك عبد العزيز العامة مجموعات من المصاحف الشريفة، كتب معظمها بين القرن العاشر إلى الثالث عشر الهجري، وتتكون من (267) مصحفًا، وتبلغ عدد المصاحف المتحفية 20 مصحفًا، تمثل طرز الفن الإسلامي والمنمنمات العربية والإسلامية.
مشاركة :