خلال توقعاته السابقة في حزيران/يونيو، أعرب البنك الدولي عن قلقه حيال نمو الصين التي كانت لا تزال تفرض سياسة "صفر كوفيد" الصارمة والمعيقة جدا للنشاط الاقتصادي. لكن الصين أحدثت بشكل مفاجئ تحولا جذريا مطلع كانون الأول/ديسمبر بتخليها عن غالبية القيود المعمول بها منذ ثلاث سنوات تقريبا مع تسجيل أولى الإصابات في ووهان في وسط البلاد نهاية العام 2019. لكن يخشى خبراء من أن تكون الصين غير مستعدة جيدا لموجة الإصابات الناجمة عن رفع القيود في حين لا يزال ملايين من المسنين ومن هم في وضع صحي ضعيف، من دون تلقيح. وفي ظل هذه الأجواء، رأى البنك ان إجمالي الناتج المحلي في ثاني أكبر اقتصاد عالمي سيسجل نموا نسبته 2,7 % ومن ثم 4,3 % العام المقبل. ويشكل ذلك تراجعا واضحا مع التوقعات السابقة للبنك الدولي الذي رأى في حزيران/يونيو أن إجمالي الناتج المحلي الصيني سينمو بنسبة 4,3 % خلال 2022 و8,1 % في 2023. وبلغ النمو العام الماضي 8,1 % مقارنة ب2020 حين عرف النشاط شللا في بداية الجائحة مع إجراءات الاغلاق التام في ووهان. وشدد البنك الدولي على أن "آفاق النمو في الصين عرضة لمخاطر كبيرة" ذاكرا خصوصا "المسار غير المؤكد للجائحة". زيادة التلقيح وتعاني العاصمة بكين البالغ عدد سكانها 22 مليون نسمة خصوصا من موجة غير مسبوقة من الإصابات منذ بدء الجائحة وقد انتشرت بشكل سريع جدا في الأيام الأخيرة. وتفيد شهادات ان المستشفيات تواجه أعدادا كبيرة من الحالات في حين أن ثمة نقصا في أدوية العلاج في الصيدليات. ورأى البنك الدولي ان "الجهود الهادفة إلى زيادة التلقيح ولا سيما المجموعات المعرضة أكثر من غيرها، قد تسمح بإعادة فتح (البلاد) بطريقة أكثر أمانا وأقل اضطرابا". وخوفا من الإصابة بكوفيد، يلزم الكثير من الصينيين منازلهم الأمر الذي يؤثر سلبا على الاستهلاك في حين أغلقت الكثير من المتاجر أبوابها. ورأى البنك الدولي كذلك أن النمو رهن كذلك "بسلوك الأسر والشركات" في الأسابيع والأشهر المقبلة. وبموازاة ذلك تشهد البلاد أزمة عقارية غير مسبوقة فيما يشكل هذا القطاع محركا للنمو الصيني. "توتر متواصل" ويعاني هذا القطاع الذي يشكل مع قطاع البناء أكثر من ربع إجمالي الناتج المحلي الصيني، منذ أقرت بكين إجراءات في العام 2020 لخفض مديونية الشركات. فبعد تسجيل ارتفاع هائل على مدى سنوات، تراجعت المبيعات العقارية في الكثير من المدن. ويكافح الكثير من المقاولين العقاريين للاستمرار الأمر الذي يضعف قطاع البناء الذي يضم آلاف الشركات. وحذر البنك الدولي من أن "التوتر المتواصل في القطاع العقاري قد يكون له تداعيات على الاقتصاد الكلي وأخرى مالية، أوسع". ومن الأسباب الأخرى التي تثقل كاهل الاقتصاد الصيني، الحرب في اوكرانيا والتضخم فضلا عن التباطؤ في الطلب على المنتجات المصنعة في ظل خوف من حصول ركود عالمي. وكانت الصين حددت في مطلع السنة الحالية هدفا بتحقيق نمو نسبته 5,5 % في 2022 لكن الكثير من خبراء الاقتصاد باتوا يعتبرون ذلك غير قابل للتحقيق. وهذه النسبة إن تحققت ستبقى أسوأ اداء للبلاد في غضون أربعة عقود باستثناء العام 2020 الذي تأثر ببدايات الجائحة.
مشاركة :