هل يَطرح مقتل الجندي الإيرلندي مصير القوة الدولية في جنوب لبنان؟

  • 12/19/2022
  • 15:05
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قبيل مغادرته لبنان بعد انتهاء مهامه قائداً للقوة الدولية العاملة في جنوب لبنان عام 2018 تحدث الجنرال الإيرلندي مايكل بيري (الذي أصبح رئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة إتفاق الحديدة في اليمن) عمّا يعيشه الجنوب حيث يخدم نحو 10 آلاف جندي من الأمم المتحدة تابعين لـ 48 دولة من تسجيلِ «انتقال كبير للغاية إلى بيئة سلمية». وقال انه خلال توليه مهامه بين عامي 2016 و2018 «لم نشهد أي أحداث كبيرة بين الطرفين، وتم الحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان. لقد أصبح ضمان منع الحرب العرَضية، وعدم حدوث أي شيء غير مرغوب فيه بمثابة أمر مفروغ منه بالنسبة إلى "اليونيفيل"، ونحن قادرون على الحفاظ على الهدوء». كان بيري يتكلم استناداً إلى خبرة رجلٍ عسكري خدم في لبنان أربع مرات بدءاً من عام 1982، وتحدّث مراراً عن حبه له، وصولاً إلى تسلمه مهام قائد «اليونيفيل» في مرحلة تطبيق القرار 1701، وهو عرض بإسهابٍ عمل القوة الدولية ومهمتها مع الجيش اللبناني في حفظ الأمن، وتأمين الاستقرار ووقف «الأعمال العدائية» بين إسرائيل و«حزب الله». لكن الأهم كان ما أشار إليه من انعكاس مهام هذه القوة بتعزيز الأمن على «الزيادة في عدد السكان، ورؤية السياح يعودون إلى المنطقة بعدما كانت السياحة أمراً غير مسموح به في جنوب لبنان. وكذلك أيضاً، وفي جميع أنحاء منطقة العمليات، نرى الكثير من الأعمال التجارية، والكثير من الأنشطة الزراعية، والكثير من المباني قيد البناء، والمدارس الجديدة، والكثير من الإزدهار والتقدم الإقتصادي. صحيح أن الوضع ليس مثالياً، ولكن هناك تقدماً، وهذا أمر علينا حمايته، وعلينا ضمان أن يتمتع سكان جنوب لبنان بمستقبل سلمي». العودة إلى خطاب بيري، وهو عسكري ايرلندي متمرّس في مهام القوات التابعة للأمم المتحدة وعمِل في مناطق نزاع عدة، تعكس اهتمام «اليونيفيل» ليس في حفظ الأمن فحسب بل في تعزيز كل أوجه الحياة الإجتماعية في لبنان وتأثير حفظ الأمن عليها. والقوة الإيرلندية التي ينتمي إليها الجندي شون روني الذي سقط أخيراً بنيران استهدفتْه في منطقة العاقبية، تتألف من 343 جندياً، وهي من أقدم الدول المشاركة في «اليونيفيل» منذ عام 1978، إلا انها إنسحبت عام 2001 لتعود عام 2007 – 2008، فيما بقي عدد من الضباط الايرلنديين يخدمون في مقر القيادة في الناقورة، وقد سقط لهذه القوة في الجنوب اكثر من 45 جندياً على مدى سنوات الخدمة في أحداث متفرقة. وتشكل الوحدة الإيرلندية، عسكرياً وإجتماعياً وطبياً، وجهاً من وجوه عمل القوة الدولية العاملة في الجنوب منذ عام 1978، إلى أن تغيرت مهمتها بعد حرب يوليو 2006 والشروع في تنفيذ القرار 1701. ولا شك أن ما تحدث عنه رئيس الوزراء الايرلندي عن عمل جنود بلاده في «بيئة معادية» يعكس جانباً أساسياً من الأزمة التي عاشتها «اليونيفيل» تدريجاً بعد تنفيذ الـ 1701 وصولاً إلى تعديل بعض مهامها عند التجديد لها أخيراً في أغسطس الماضي. منذ أن وصلت القوة الدولية الى لبنان وحتى تنفيذ الإنسحاب الإسرائيلي عام 2000، تغيّرت مهامها وتبدّلت طبيعة انتشارها في مناطق الجنوب. آنذاك كانت قصة الجنود الدوليين تستحوذ على اهتمام الجنوبيين ووسائل الإعلام. هم استوطنوا مناطق الوجود الإسرائيلي وتوزَّعوا مناطق عمل، بحسب القطاعات، لكن الناقورة حيث مقر قيادتهم، تحولت إلى ما يشبه «عاصمة دولية» وقُبْلَة الأنظار. ففيها انشغل الجنوبيون وسكان ما كان يُعرف بالشريط الحدودي، ببناء حياة إجتماعية وإقتصادية ربطاً بالقوة الدولية، التي ساهمت في تأمين مئات الوظائف والأعمال لأبناء المنطقة، الذين عملوا على إقامة أسواق تجارية وشغلوا وظائف إدارية مع القوة الدولية، الأمر الذي ساهم في تعزيز دورة الحياة الإقتصادية يوم كانت الدولة اللبنانية غائبة عن المنطقة. إضافة إلى أن سنوات وجود القوة الدولية الأولى شهدت ترابطاً اجتماعياً عبر زيجات مختلطة بين الجنود الدوليين والفتيات الجنوبيات. وفي سنوات الخدمة الطويلة عملت القوة الدولية على دعم عملها العسكري بنشاطات اجتماعية ورياضية وتربوية وصحية، وتقديم خدمات في شتى المجالات خدمة لأبناء الجنوب على اختلاف انتماءاتهم. قد تكون المرحلة التي أعقبت القرار 1701 هي الأكثر أهمية في تاريخ وجود القوة الدولية في الجنوب، لأنها عملياً تولت حفظ الأمن بالمشاركة مع الجيش اللبناني الذي انتشر لأول مرة في المنطقة الحدودية وإنفاذاً للقرار الدولي. هذه المرحلة شهدت في سنواتها الأولى تطبيعاً كاملاً للوضع ولم تُسجَّل أي خضات على مستوى العلاقة مع «حزب الله»، ولا سيما في المرحلة التي شهدت تحديداً للخط الأزرق. لكن تدريجاً مع عودة نشاط «حزب الله» في المنطقة حدثت سلسلة مواجهات بين «الأهالي»، وهو الاسم الذي يتلطى خلفه الحزب، وبين القوة الدولية لمنع تسيير دورياتهم والقيام بأعمال تفتيش في مناطق نفوذه. مرات عدة اعترض «حزب الله» تحت عنوان «أهالي» على أعمال تفتيش روتينية تقوم بها القوة الدولية، متذرعاً بأنها تسلك طرقاً غير المعتمَدة رسمياً أو تتحرك بمعزل عن الجيش اللبناني الذي يفترض أن يواكبها. وأخيراً لعبت القوة الدولية دوراً في توصل لبنان وإسرائيل إلى إتفاق على ترسيم الحدود البحرية عبر رعايتها المفاوضات غير المباشرة، تمهيداً لتنقيب البلدين عن الغاز، وقد جرى توقيع الإتفاق في مقر قيادة «اليونيفيل» في الناقورة. وإذا كان الحادث الأمني الذي وقع ليل الأربعاء يأتي بعد أشهر قليلة على التعديل الذي طرأ على تجديد مهمة القوة الدولية، فإنه فتح الباب أمام إجتهادات حول هذا التعديل الذي كان رفضه «حزب الله»، وحول إحتمالات الذهاب إلى مناقشة مستقبل القوة الدولية جنوباً، خصوصاً في ضوء إعادة «حزب الله» تعزيز حضوره في الجنوب. قبيل مغادرته لبنان بعد انتهاء مهامه قائداً للقوة الدولية العاملة في جنوب لبنان عام 2018 تحدث الجنرال الإيرلندي مايكل بيري (الذي أصبح رئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة إتفاق الحديدة في اليمن) عمّا يعيشه الجنوب حيث يخدم نحو 10 آلاف جندي من الأمم المتحدة تابعين لـ 48 دولة من تسجيلِ «انتقال كبير للغاية إلى بيئة سلمية». وقال انه خلال توليه مهامه بين عامي 2016 و2018 «لم نشهد أي أحداث كبيرة بين الطرفين، وتم الحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان. لقد أصبح ضمان منع الحرب العرَضية، وعدم حدوث أي شيء غير مرغوب فيه بمثابة أمر مفروغ منه بالنسبة إلى "اليونيفيل"، ونحن قادرون على الحفاظ على الهدوء».كان بيري يتكلم استناداً إلى خبرة رجلٍ عسكري خدم في لبنان أربع مرات بدءاً من عام 1982، وتحدّث مراراً عن حبه له، وصولاً إلى تسلمه مهام قائد «اليونيفيل» في مرحلة تطبيق القرار 1701، وهو عرض بإسهابٍ عمل القوة الدولية ومهمتها مع الجيش اللبناني في حفظ الأمن، وتأمين الاستقرار ووقف «الأعمال العدائية» بين إسرائيل و«حزب الله». لكن الأهم كان ما أشار إليه من انعكاس مهام هذه القوة بتعزيز الأمن على «الزيادة في عدد السكان، ورؤية السياح يعودون إلى المنطقة بعدما كانت السياحة أمراً غير مسموح به في جنوب لبنان. وكذلك أيضاً، وفي جميع أنحاء منطقة العمليات، نرى الكثير من الأعمال التجارية، والكثير من الأنشطة الزراعية، والكثير من المباني قيد البناء، والمدارس الجديدة، والكثير من الإزدهار والتقدم الإقتصادي. صحيح أن الوضع ليس مثالياً، ولكن هناك تقدماً، وهذا أمر علينا حمايته، وعلينا ضمان أن يتمتع سكان جنوب لبنان بمستقبل سلمي». تجارة الخطف «تنتعش» في لبنان منذ يوم الزوبعة الأميركية في الفنجان الصيني... لا حرب في الأفق منذ يومين العودة إلى خطاب بيري، وهو عسكري ايرلندي متمرّس في مهام القوات التابعة للأمم المتحدة وعمِل في مناطق نزاع عدة، تعكس اهتمام «اليونيفيل» ليس في حفظ الأمن فحسب بل في تعزيز كل أوجه الحياة الإجتماعية في لبنان وتأثير حفظ الأمن عليها. والقوة الإيرلندية التي ينتمي إليها الجندي شون روني الذي سقط أخيراً بنيران استهدفتْه في منطقة العاقبية، تتألف من 343 جندياً، وهي من أقدم الدول المشاركة في «اليونيفيل» منذ عام 1978، إلا انها إنسحبت عام 2001 لتعود عام 2007 – 2008، فيما بقي عدد من الضباط الايرلنديين يخدمون في مقر القيادة في الناقورة، وقد سقط لهذه القوة في الجنوب اكثر من 45 جندياً على مدى سنوات الخدمة في أحداث متفرقة.وتشكل الوحدة الإيرلندية، عسكرياً وإجتماعياً وطبياً، وجهاً من وجوه عمل القوة الدولية العاملة في الجنوب منذ عام 1978، إلى أن تغيرت مهمتها بعد حرب يوليو 2006 والشروع في تنفيذ القرار 1701. ولا شك أن ما تحدث عنه رئيس الوزراء الايرلندي عن عمل جنود بلاده في «بيئة معادية» يعكس جانباً أساسياً من الأزمة التي عاشتها «اليونيفيل» تدريجاً بعد تنفيذ الـ 1701 وصولاً إلى تعديل بعض مهامها عند التجديد لها أخيراً في أغسطس الماضي.منذ أن وصلت القوة الدولية الى لبنان وحتى تنفيذ الإنسحاب الإسرائيلي عام 2000، تغيّرت مهامها وتبدّلت طبيعة انتشارها في مناطق الجنوب. آنذاك كانت قصة الجنود الدوليين تستحوذ على اهتمام الجنوبيين ووسائل الإعلام. هم استوطنوا مناطق الوجود الإسرائيلي وتوزَّعوا مناطق عمل، بحسب القطاعات، لكن الناقورة حيث مقر قيادتهم، تحولت إلى ما يشبه «عاصمة دولية» وقُبْلَة الأنظار. ففيها انشغل الجنوبيون وسكان ما كان يُعرف بالشريط الحدودي، ببناء حياة إجتماعية وإقتصادية ربطاً بالقوة الدولية، التي ساهمت في تأمين مئات الوظائف والأعمال لأبناء المنطقة، الذين عملوا على إقامة أسواق تجارية وشغلوا وظائف إدارية مع القوة الدولية، الأمر الذي ساهم في تعزيز دورة الحياة الإقتصادية يوم كانت الدولة اللبنانية غائبة عن المنطقة. إضافة إلى أن سنوات وجود القوة الدولية الأولى شهدت ترابطاً اجتماعياً عبر زيجات مختلطة بين الجنود الدوليين والفتيات الجنوبيات. وفي سنوات الخدمة الطويلة عملت القوة الدولية على دعم عملها العسكري بنشاطات اجتماعية ورياضية وتربوية وصحية، وتقديم خدمات في شتى المجالات خدمة لأبناء الجنوب على اختلاف انتماءاتهم.قد تكون المرحلة التي أعقبت القرار 1701 هي الأكثر أهمية في تاريخ وجود القوة الدولية في الجنوب، لأنها عملياً تولت حفظ الأمن بالمشاركة مع الجيش اللبناني الذي انتشر لأول مرة في المنطقة الحدودية وإنفاذاً للقرار الدولي. هذه المرحلة شهدت في سنواتها الأولى تطبيعاً كاملاً للوضع ولم تُسجَّل أي خضات على مستوى العلاقة مع «حزب الله»، ولا سيما في المرحلة التي شهدت تحديداً للخط الأزرق.لكن تدريجاً مع عودة نشاط «حزب الله» في المنطقة حدثت سلسلة مواجهات بين «الأهالي»، وهو الاسم الذي يتلطى خلفه الحزب، وبين القوة الدولية لمنع تسيير دورياتهم والقيام بأعمال تفتيش في مناطق نفوذه.مرات عدة اعترض «حزب الله» تحت عنوان «أهالي» على أعمال تفتيش روتينية تقوم بها القوة الدولية، متذرعاً بأنها تسلك طرقاً غير المعتمَدة رسمياً أو تتحرك بمعزل عن الجيش اللبناني الذي يفترض أن يواكبها.وأخيراً لعبت القوة الدولية دوراً في توصل لبنان وإسرائيل إلى إتفاق على ترسيم الحدود البحرية عبر رعايتها المفاوضات غير المباشرة، تمهيداً لتنقيب البلدين عن الغاز، وقد جرى توقيع الإتفاق في مقر قيادة «اليونيفيل» في الناقورة.وإذا كان الحادث الأمني الذي وقع ليل الأربعاء يأتي بعد أشهر قليلة على التعديل الذي طرأ على تجديد مهمة القوة الدولية، فإنه فتح الباب أمام إجتهادات حول هذا التعديل الذي كان رفضه «حزب الله»، وحول إحتمالات الذهاب إلى مناقشة مستقبل القوة الدولية جنوباً، خصوصاً في ضوء إعادة «حزب الله» تعزيز حضوره في الجنوب.

مشاركة :