قمة الأردن تعزز نفوذ فرنسا وتقدم حلولا 'استعراضية' لأزمات مستعصية

  • 12/20/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عمان - تشكل القمة الإقليمية التي يستضيفها الأردن ويحضرها الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون ومسؤول السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى جانب انريكي مورا المنسق الأوروبي للمفاوضات النووية الأميركية الإيرانية غير المباشرة إلى جانب ممثلين عن دول الجوار العراقي، فرصة بالنسبة لفرنسا التي تحاول تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط وتقدم نفسها وسيطا لحلحلة الأزمات في المنطقة. لكن مصادر محلية ومحللون رأوا أن نتائج لن تكون بمستوى الانتظارات وأنها ستكون شبيهة بمؤتمر بغداد 1 رغم القضايا الملحة المطروحة التي تشمل أمن العراق وسيادته والملف النووي الإيراني والعلاقات الإيرانية السعودية. ويشارك في هذه القمة إلى جانب الرئيس الفرنسي العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وعدد آخر من وزراء الخارجية العرب. ودعا ماكرون الثلاثاء في هذا المؤتمر الإقليمي، العراق إلى إتباع مسار آخر بعيدا "عن نموذج يملى من الخارج"، في إشارة إلى إيران التي تتمتع بنفوذ كبير في هذا البلد. وقال في كلمته خلال افتتاح القمة المنعقدة على شواطئ البحر الميت (50 كلم غرب عمان) "أريد أن أؤكد لكم تمسك فرنسا عبر تاريخها وعملها الدبلوماسي باستقرار المنطقة"، داعيا إلى إتباع "مسار بعيد عن أشكال الهيمنة والإمبريالية وعن نموذج يُملى من الخارج". واستغلت إيران بدورها المؤتمر للدفاع عن نفسها مع تعثر جهود إحياء الاتفاق النووي. ودعا وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان القوى الغربية إلى تبني منهج "بناء" لإحياء اتفاق 2015. وأضاف أثناء اجتماعه مع مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنه يتعين على بقية أطراف الاتفاق اتخاذ "القرار السياسي الضروري" لإنقاذ الاتفاق. وأعلن بوريل أنه التقى وزير الخارجية الإيراني على هامش القمة الإقليمية التي يستضيفها الأردن في السويمة على شواطئ البحر الميت وطلب منه وقف قمع التظاهرات في إيران وإنهاء الدعم العسكري لروسيا. ويأتي هذا الاجتماع في وقت وصلت فيه المفاوضات النووية بين طهران والقوى الكبرى إلى طريق مسدود. وحضر اللقاء منسق الاتحاد الأوروبي لهذه المحادثات إنريكي مورا وعلي باقري كبير المفاوضيين الإيرانيين، بحسب مصدر دبلوماسي إيراني. وقال بوريل في تغريدة على تويتر "لقاء ضروري مع الوزير الإيراني في وقت تتدهور فيه العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإيران"، مضيفا "شددت على ضرورة الإنهاء الفوري للدعم العسكري لروسيا والقمع الداخلي في إيران". وأوضح أن الجانبين اتفقا على "إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة وإعادة" إحياء الاتفاق النووي على أساس محادثات فيينا. وأكد الوزير الإيراني أن بلاده "مستعدة لحل أي سوء تفاهم بالتعامل المباشر مع الجانب الأوكراني"، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية. وأدان في الوقت نفسه، "نهج الدول الغربية في دعم المشاغبين وفرض عقوبات غير مشروعة" على بلاده "بذرائع كاذبة لحماية حقوق الإنسان". وتتهم دول غربية إيران بتوفير طائرات مسيّرة تستخدمها روسيا لاستهداف منشآت الطاقة في أوكرانيا ضمن النزاع المستمر منذ فبراير/شباط. وفرضت أطراف عدة منها واشنطن والاتحاد الأوروبي، عقوبات إضافية على طهران بسبب هذا الملف. وكان الوزير الإيراني رأى الاثنين أن القمة الإقليمية قد تشكّل "فرصة" لتحريك المباحثات المتعثرة منذ أشهر بشأن إحياء الاتفاق النووي. وأبرمت إيران مع القوى كبرى في عام 2015، اتفاقا بشان برنامجها النووي أتاح رفع عقوبات عنها لقاء خفض أنشطتها وضمان سلمية برنامجها، إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 وأعادت فرض عقوبات على طهران التي ردت بالتراجع تدريجا عن معظم التزاماتها. وبدأت إيران وأطراف الاتفاق، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي ومشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات لإحيائه في أبريل/نيسان 2021. وتعثر التفاوض مطلع سبتمبر/أيلول 2022، مع تأكيد الأطراف الغربية أن الرد الإيراني على مسودة التفاهم كان "غير بنّاء". وقال أمير عبداللهيان الذي يمثّل بلاده في القمة، إن هذه المحطة "ستشكّل فرصة جيدة بالنسبة إلينا لاستكمال هذه المباحثات". وخلال الأسابيع الماضية تراجع التركيز على ملف المباحثات النووية في العلن، بينما تشهد إيران منذ 16 سبتمبر/أيلول احتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق على خلفية عدم التزامها قواعد اللباس الصارمة. وأثارت التحركات توترا إضافيا بين إيران ودول غربية عدة أبدت دعمها للمحتجين وفرضت عقوبات على طهران بسبب "قمع" السلطات للاحتجاجات. والخصمان الإقليميان السعودية وإيران من بين الدول التي تحضر المؤتمر الإقليمي برعاية فرنسية أردنية والرامي إلى إيجاد منتدى لبحث مشكلات المنطقة. ويأتي المؤتمر استكمالا لتجمع سابق انعقد في بغداد في أغسطس/آب 2021 كان يهدف إلى إظهار الدعم للعراق. وقال مسؤول بالرئاسة الفرنسية "الفكرة هي رؤية المسار الذي يمكننا سلوكه سعيا لتقريب وجهات نظر الأطراف" في إشارة إلى دول المنطقة، مضيفا "الفكرة من النسق الذي اتبع في بغداد هي جمع الفاعلين الرئيسيين بالمنطقة لتبادل وجهات النظر وبحث سبل تحقيق تقدم على الصعيد السياسي". ومن بين الحاضرين وزيرا خارجية السعودية وإيران، الغريمتان الإقليميتان اللتان قطعتا العلاقات في 2016، لكن لم ترد أنباء حول إذا ما كانا سيعقدان اجتماعا ثنائيا. واستضاف العراق خمسة اجتماعات بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين منذ العام الماضي، كان آخرها في أبريل/نيسان، لكنها لم تسفر عن أي انفراجة في العلاقات. ودعمت طهران والرياض أطرافا متقابلة في حروب بالوكالة في أنحاء المنطقة، من اليمن إلى سوريا وغيرهما. ويرى محللون أن المؤتمر جزء من مساعي ماكرون للحفاظ على وجود فرنسي في الشرق الأوسط حيث يشعر بعض حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، لا سيما السعودية، بالإحباط جراء ما يرون أنه فك ارتباط تدريجي من جانب واشنطن.

مشاركة :