قرار المحكمة العليا في بريطانيا بشأن ترحيل طالبي اللجوء الروانديين ممن دخلوا البلاد بطريقة «غير قانونية» ما زال يثير جدلاً في المملكة بين من رأوا أنه «يتفق مع اتفاقيات اللاجئين التي وقعت عليها بريطانيا، ومن اعتبره مصدراً لانتقاد المملكة بشأن حقوق الإنسان». وزيرة الداخلية رحبت بقرار المحكمة، وقالت إن الاتفاقية مع رواندا توفر للأشخاص الذين سيتم نقلهم الدعم المطلوب لبناء حياة جديدة في رواندا، ورأت أن الخطة تشكل ضربة لعصابات تهريب البشر وتحافظ على الأرواح التي تواجه خطر الموت خلال رحلتهم عبر البحر من فرنسا إلى سواحل بريطانيا في زوارق صغيرة وغير آمنة. رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، الذي أعلن عن الخطة لأول مرة خلال فترة حكمه، أشاد بقرار المحكمة، معتبراً أنه الطريق الوحيد للتعامل مع عصابات تهريب البشر التي تستغل البعد الإنساني لطالبي اللجوء، وتمنع إساءة معاملة طالبي اللجوء. غير عملية في المقابل، اعتبرت وزيرة الداخلية في حكومة الظل العمالية إيفيت كوبر خطة الحكومة بأنها غير عملية وعديمة الأخلاق، كما أن الحزب الليبرالي الديمقراطي رأى أن الخطة غير أخلاقية ومكلفة جداً لبريطانيا ودافعي الضرائب، ولن تفعل شيئاً لمواجهة مهربي البشر، بل ستزيد من ابتزازهم لطالبي اللجوء. أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كوين ماري باتريك ديموند قال لـ«البيان» إن القرار مخيب للآمال ويضر بسمعة المملكة المتحدة كدولة تلتزم بحقوق الإنسان، مستنكراً معاملة الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان كسلع وبضائع يتم شحنها إلى دولة أخرى، واصفاً سياسة الحكومة بترحيل طالبي اللجوء بالقاسية التي تسبب معاناة إنسانية كبيرة. ديموند أضاف أن القرار يتعارض مع الالتزامات الدولية لبريطانيا تجاه اللاجئين، وسيؤدي إلى تمزيق العائلات وإطالة فترة الاضطهاد والصدمات. وكانت وزيرة الداخلية السابقة بريتي باتيل وضعت خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا بعد التواصل مع الحكومة الرواندية في أبريل الماضي. وبعد مصادقة البرلمان وموافقة المحاكم عليها، قررت الحكومة ترحيل أول دفعة من طالبي اللجوء، الذين دخلوا البلاد عبر البحر، إلى رواندا خلال يونيو الماضي، لكن الخطوة تعطلت في اللحظة الأخيرة بعد قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن خطة رواندا غير قانونية. المحكمة الأوروبية المحامي المختص في قضايا اللاجئين والقانون الدولي عمار بجبوج قال لـ«البيان» إن قرارات القضاء البريطاني لن تنجح في تطبيق خطة رواندا من دون موافقة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، باعتبارها محكمة دولية وليست تابعة للاتحاد الأوروبي. بل للمجلس الأوروبي الذي يبلغ عدد أعضائه 46 دولة، من بينها 27 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي، أي أن هناك أعضاء في المجلس الأوروبي ليسوا أعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل بريطانيا حالياً بعد خروجها من الاتحاد، وعليه فإن قرارات هذه المحكمة ملزمة للأعضاء، حتى لو لم يكونوا ضمن دول التكتل الأوروبي. بجبوج أضاف أن بريطانيا أمام معضلة، فإما أن تستمر في احترام عضويتها في المجلس الأوروبي وقرار المحكمة الأوروبية، أو الانسحاب من المجلس لرفع قراراته عنها، وهو الإجراء المستبعد، نظراً لأن الاتفاقيات الموقعة تتجاوز قضايا اللاجئين، ومن غير الأخلاقي التراجع عنها بالانسحاب. وعلى الرغم من العراقيل التي تواجه الحكومة البريطانية في تطبيق خطتها، إلا أن تمسك رئيسي الوزراء السابقَين بوريس جونسون وليز تراس، والحالي ريشي سوناك بها يؤكد سعي الحكومة للمضي قدماً في فرضها دون الاستسلام أمام العراقيل الحالية التي تأمل الحكومة أن تتلاشى مستقبلاً. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :