رغم التقدم الحضاري الهائل في كل المجالات، والإنجازات الباهرة في كل الميادين، اختراعاً واكتشافاً وتصنيعاً، ووسائل اتصالات ومرئيات، ومراكب فاخرة، وطائرات نفاذة، وسفن ومراكب، وغير ذلك الكثير والكثير، إلا أنها لم تستطع أن تضمن للإنسان سعادة نفسية تامة، واطمئناناً كلياً، وهدوءً روحياً كاملاً، وهي عناصر مهمة للإنسان وغاية ومراد وهدف، إن أكبر ما قدمته الحضارة المعاصرة، هو الإيمان المطلق والثبات التام، كونه ثروة كبيرة تجعل الإنسان غاية في السعادة والاطمئنان والسرور والحبور، ولكون الإيمان يمنح الإنسان عنصر الثقة، وعنصر الثبات، وعنصر الاستقرار النفسي، والهدوء القلبي، إن التعلق بالله وحده، والثقة به، والرجاء منه، يضيء شعلة السعادة في النفوس، ويحيي فيها ربيع الهدوء والاطمئنان، إن الإيمان يطرد التشاؤم، وينبذ الخوف واليأس والأسى، ويفتح أبواب الأمل، ونوافذ السعادة، قال الشاعر: ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد وتقوى الله خير الزاد ذخراً وعند الله للأتقى مزيد إن المؤمن الحق لا يخاف ولا يقلق، لا يقنط ولا يعصي، ولا يأسى على ما فات، ولا يهتم بما هو آتٍ، فهو في معية الله وفي كنفه ورعايته، إن المؤمن إيماناً حقيقاً يكون صافياً من جميع الشوائب، قلبه مطمئن، ونفسه هادئة، وصدره منشرح، يحسن إلى الخلق، ويرفق بهم، ويعمل بما يرضي الله وينفعهم، ينظر إلى ما هو أسفل منه، ولا ينظر لما فوقه، لا تعتريه الأوهام والتهيؤات ولا ينشغل بها، يعتمد ويتوكل على الله في كل شؤونه وأموره، إن الإيمان بالله وحده، يمنح الإنسان سعادة كبيرة، ويساعده على اتخاذ قرارات صحيحة وتصبح حياته ذات هدف وقيمة ومعنى، بعيداً عن التوتر والقلق والاضطرابات النفسية، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، إن السعادة ليست في كثر المال ووفرته، وليست في القصور والمراكب، ولا سطوة الجاه، ولا المنفعة الدنيوية، ولا في بهرجة الحياة ومتعها وزخرفها، ولا في العلم المادي البحت، السعادة الحقيقية في الإيمان، حيث صفاء النفس، وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر، وراحة الضمير، إن الإنسان لا يفلح ولا ينجح ولا يسر ولا يطيب ولا يهدأ ولا يطمئن إلا بالإيمان بربه وعبادته والتعلق به والتوكل عليه والاستعانة به والإقبال عليه ظاهراً وباطناً، إن الإيمان بالله منهج وروح وحياة، ينبغي أن يتعلمه الإنسان ويفقه ويعيه، لأن الإنسان بدون إيمان كالشجرة اليابسة التي ليس فيها حياة ولا روح، سوى أنها تصلح حطباً ووقوداً للنار.
مشاركة :