قضايا "الهامش" في الأردن تستحوذ على 'مؤتمر بغداد2'

  • 12/21/2022
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

عمان/طهران - حازت قضايا 'الهامش' في 'مؤتمر بغداد 2' الذي استضافه الأردن برعاية فرنسية وبحضور أوروبي لافت، على اهتمام أكبر من تلك التي عقدت من أجلها القمة الإقليمية والتي يتصدر العراق وأمنه وسيادته عنوانها الرئيسي، فكان للأوروبيين لقاءات مطولة ومباشر مع الوفد الإيراني برئاسة وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان وكبير المفاوضين النوويين، فيما دار حديث ودي بين عبداللهيان ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في أول لقاء مباشر بين الوزيرين في خضم توترات كامنة وجمود في المحادثات غير المباشرة بين طهران والرياض التي ترعاها بغداد. وجدد المشاركون في القمة بالإجماع بما في ذلك الوفد الإيراني دعمهم لأمن وسيادة العراق في تصريحات تبدو بروتوكولية أكثر منها فعلا دبلوماسيا وسياسيا لدعم أمن وسيادة العراق الذي يتعرض لهجمات تشنها إيران وتركيا على معاقل للمتمردين الأكراد (الجماعات الإيرانية الكردية المسلحة ومتمردي حزب العمال الكردستاني) في شماله. وبدا أن الاهتمام بقضايا ملحة تشكل أضلاع الأزمات الإقليمية في المنطقة بداية بملف إيران النووي وصولا إلى المحادثات المتعثرة بين إيران والسعودية، أكبر من قضية أمن العراق وسيادته رغم أن القمة تعقد في نسختها الثانية تحت اسم 'مؤتمر بغداد 2' وانتهت بتصريحات مماثلة لتلك التي صدرت عن 'مؤتمر بغداد1'. وسعى الأوروبيون إلى استكشاف الموقف الإيراني من إحياء الاتفاق النووي بعد أن تعثرت المفاوضات النووية غير المباشرة في فيينا في حين تراجع الاهتمام بدفع جهود إنعاش الاتفاق في مقابل تركيز أوروبي على القمع الدموي للاحتجاجات وملف المعتقلين الأجانب الذين تحتجزهم طهران وبعضهم يواجه اتهامات بالضلوع في ما تسميه السلطات الإيرانية بـ"مؤامرة خارجية".   وحمل الوفد الإيراني القوى الغربية المسؤولية عن تعثر المفاوضات مبديا في الوقت ذاته انفتاحا على إعادة إنعاش المحادثات، لكن واشنطن قالت إنها لا تركز في هذه الفترة على إعادة إحياء المفاوضات بينما ترخي أعمال العنف والقمع بحق المحتجين الإيرانيين بظلال ثقيلة على استئناف محادثات فيينا، في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الشريكة في 'خطة العمل المشتركة" الانخراط في سياسة العقوبات على الجمهورية الإسلامية دون أثر يكبح أنشطة طهران النووية ولا حملة القمع المستمرة. وأبدت إيران والسعودية في أول لقاء مباشر بين وزير خارجيتهما على هامش قمة الأردن، انفتاحهما على مواصلة المفاوضات غير المباشرة المتوقفة منذ أشهر بسبب خلافات بين القوتين الإقليميتين من جهة وبسبب تردي الوضع الأمني والسياسي في العراق في الأشهر الماضية حين تصاعد التوتر بين قوى الإطار التنسيقي (الذي يضم القوى الشيعية الموالية لإيران) والتيار الصدري قبل أن ينسحب الزعيم الشيعي مقتدى الصدر من العملية السياسية لتؤول السيطرة والهيمنة للقوى المنافسة التي شكلت حكومة برئاسة محمد شياع السوداني. واختتم اجتماع الأردن الذي نظمته فرنسا بهدف دعم الاستقرار في العراق والمنطقة بصفة عامة، أعماله أمس الثلاثاء بدون أي أنباء عن اجتماع ثنائي بين السعودية وإيران. لكن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أعلن الأربعاء أنه أجرى "حديثا وديا" مع نظيره السعودي على هامش القمة الإقليمية في الأردن، في خطوة تأتي بعد تلميح طهران إلى دور للرياض في الاحتجاجات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية منذ أشهر. واندلعت في إيران منذ 16 سبتمبر/أيلول احتجاجات أعقبت وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق. وقضى العشرات، بينهم عناصر من قوات الأمن، في الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات. واتهم مسؤولون إيرانيون "أعداء" الجمهورية الإسلامية، تتقدمهم الولايات المتحدة، بالضلوع في الاحتجاجات. كما تحدّثوا عن دور للسعودية، الخصم الإقليمي لإيران خصوصا عبر وسائل إعلام ناطقة بالفارسية خارج طهران، تعتبرها "معادية" وتتهمها بتلقّي تمويل من الرياض. وكتب عبداللهيان تغريدة على حسابه بتويتر "حضرت مؤتمر بغداد- 2 في الأردن لنؤكد دعمنا للعراق، وعلى هامش الاجتماع أتيحت لي الفرصة أيضا للحديث الودي (مع) بعض نظرائي ومنهم وزراء خارجية عمان وقطر والعراق والكويت والسعودية"، مضيفا في تغريدته المنشورة بالعربية "أكد لي الوزير السعودي (الأمير فيصل بن فرحان) استعداد بلاده لاستمرار الحوار مع إيران". ومثّل كل من أمير عبداللهيان والأمير فيصل بن فرحان بلديهما في "مؤتمر بغداد 2" الذي استضافه الأردن بمشاركة العراق ودول الجوار، إضافة إلى فرنسا. وبدأ الخصمان الإقليميان عقد حوار في بغداد اعتبارا من أبريل/نيسان 2021، سعيا لتحسين العلاقات المقطوعة بينهما منذ مطلع 2016، إلا أن الحوار دخل في حال من المراوحة في الأشهر الماضية، وأجريت آخر جولة معلنة منه في أبريل/نيسان 2022. وعلى رغم إعلان بغداد في يوليو/تموز التحضير للقاء علني بين وزيري الخارجية الإيراني والعراقي، لم يتم إلى الآن تحديد موعد للقاء كهذا، أو الكشف علنا عن جولات حوار إضافية. وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني قد دعا السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني إلى تغيير سلوكها "غير الودي" حيال بلاده، مؤكدا أن طهران ستواصل إتباع المسار الدبلوماسي مع الرياض. وكرر مسؤولون إيرانيون انتقاد المملكة منذ بدء الاحتجاجات. وقال وزير الأمن (الاستخبارات) إسماعيل خطيب إنه في الاحتجاجات "كانت يد النظام السعودي تُشاهد بوضوح في إنفاق الأموال"، وذلك في حوار مع موقع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي نشر في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني. وأضاف بشأن السعودية "إنّ مصيرنا وسائر دول المنطقة مترابط"، محذرا من أن "أي انعدام للاستقرار في دول المنطقة يُمكن أن يسري إلى الدول الأخرى، وإنّ أي زعزعة للاستقرار في إيران قد تسري إلى دول المنطقة". كما وجّه قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي أواخر أكتوبر/تشرين الأول تحذيرا إلى "السعودية ووسائل الإعلام تحت سيطرتها"، مضيفا "أنتم الذين تحرّضون الناس وتزرعون بذار الفتنة (...) فكروا بما يمكن أن يحصل لكم". وتساند كل من السعودية وإيران أطرافا متقابلة في صراعات بأنحاء المنطقة من بينها في سوريا واليمن. واستضاف العراق خمسة اجتماعات بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين منذ العام الماضي في محاولة لتهدئة التوترات وكان آخر تلك الاجتماعات في أبريل/نيسان.

مشاركة :