افتتح نائب رئيس جمهورية إندونيسيا البروفيسور معروف أمين، ومعالي الوزير الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، اليوم الخميس الثامن والعشرين من شهر جمادى الأولى 1444هـ، المؤتمر الدولي الثاني لدول آسيان تحت عنوان "خير أمة"، بمشاركة 130 شخصية من الوزراء والمفتين ورؤساء الجامعات والمراكز والجمعيات الإسلامية، وقيادات دينية وثقافية بدول آسيان. ونوّه نائب الرئيس الإندونيسي في كلمته أن هذا المؤتمر أصبح منصة للشراكة والتعاون بين إندونيسيا والدول الآسيوية وخاصة المملكة في مختلف المجالات، وفي مقدمتها التعليم والبحث والدراسات، مشددا على أهمية دور الدين في مواجهة التحديات والأزمات التي تعصف بالعالم، من خلال الإعداد الجيد للموارد البشرية وتوظيفها، لأنه الأساس لبناء أمة حضارية متطورة، والعقيدة الإسلامية تحث على التفوق والتطور من خلال الخيرية، لذلك فإن الالتزام الصادق بتعاليم الدين الإسلامي، يسير بالأمة لتحقيق هذا الهدف. وأشار البروفيسور معروف أمين إلى أن "خير أمة" هو تعبير عن أمة نموذجية رائدة، تضمن المصالح وتحقق العدل بين الناس، من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليس فقط في العبادات وإنما في مختلف المجالات، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وبيئيا أيضا، مؤكدا على تلازم هذا المبدأ مع العدل والوسطية التي قام عليهما الإسلام. وفي ختام كلمته، دعا نائب رئيس الجمهورية الإندونيسية مسلمي بلاده والقارة الآسيوية، إلى الاستفادة من هذا المؤتمر وتطوير مساهماتهم الخيرة عالميا، لتحقيق شعار المؤتمر "خير أمة" من خلال الوسطية والاعتدال ونبذ خطابات الكراهية والمفاهيم الخاطئة. من جانبه، أكد معالي الوزير الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، في كلمته التي ألقاها في افتتاح أعمال المؤتمر، على أن أَهل الإسلام أهل خيرية فيما يعتقدون ويعملون، وأعظم الخيرية هو تحقيق التوحيد لله تعالى وعبادته على الوجه الذي يرضيه سبحانه، وتجريد المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم واتباع نصوص الكتاب والسنة بفهم الصحابة الكرام، مشددا على أن هذه الخيرية هي الوسطية التي أكرمنا الله بها في قوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً). وأوضح معاليه أن الوقت المعاصر تميز بثورة عالم التقنية والإعلام، مما يتطلب الحاجة إلى العمل وفق ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، كما عمل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده، والاكتفاء بما جاء في القرآن والسنة بلا ابتكار ولا زيادة ولا نقصان.. مؤكداً أهمية العمل على الفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية. وأشار معاليه إلى أن الأمة الإسلامية لن تكون خير أمة إذا فرطت في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة أو أدخلت في الإسلام ما ليس منه من الأمور التي تخالف ما في القرآن والسنة، مبيناً أن هناك من اجتهد وفق فهم خاطئ لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية جر على الإسلام والمسلمين ويلات مما تسبب في تخلف وتأخر الأمة الإسلامية.. مؤكداً أنه لابد من التمسك بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية فقط وفهمهما الفهم الصحيح النقي الصافي الذي كان عليه صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده. وأضاف معاليه أن بيان خيرية الأمة وكمال دينها وثبات منهجها وشمولها، يتطلب بيان مصادر خيرية الأمة من الكتاب والسنة والتخلق بها، والوقوف أمام مهدداتها ممن يسيئون لهذا الدين ويشوهون صورته الناصعة، سواء كانوا من أهله، أو من غيرهم ممن يحمِل فكر الغلو والتطرف والإرهاب ويدعم العنف، أو ممن يحمل فكر الانحلال، محذرا من محاولات تسيس الدين واستغلاله لمصالح حزبية أو شخصية، ما يستوجب تضافر الجهود في التصدي لهذه المحاولات، والسعي في تعزيز خيرية الأمة التي لا تتحقق إلا بتعزيز التعاون والتواصل والتكامل بين كافة القطاعات، وعلى جميع المستويات. وبيّن معالي الوزير أن المملكة أصبحت نموذجا متميزا يجمع بين الأصالة والمعاصرة في الحفاظ على ثوابت الدين والملة، والقيام بأمر الله وتحقيقِ توحيده مع الأخذ بأسباب التقدم والحضارة، حتى غدت بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد حفظهم الله، مَضرب المثل بين الدول في تقدمها في كافة المجالات، فهي مملكة الخير والبذل والعطاء، والمواقف المشرفة على الصعيد الإسلامي والعالمي دون تمييز في معتقد أو لون أو جنس. وعن جهود المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، أشار معالي الدكتور عبداللطيف آل الشيخ ــ في كلمته ــ إلى أن هذه الجهود نابعة من استشعار القيادة الرشيدة بأهمية خدمة الإسلام والمسلمين في مختلف البلدان، انطلاقا من المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتق ولاة أمرها وقيادتها منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله، وحتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، ولقد سعوا بكل طاقاتهم وقدَموا كل ما هو غال ونفيس من أجل خدمة الإسلام والتيسير على المسلمين ومساعدتهم. وشدد معالي الوزير على أن المملكة انتهجت في ذلك نهج الاعتدال والوسطية، لأنها تأسست على الكتاب والسنة وتحكيم الشريعة الإسلامية التي هي شريعة العدل والرحمة والإحسان، وقد ظهر هذا النهج المعتدل الوسطي في سياسات المملكة وأنظمتها الداخلية والخارجية، وبذلت جهودا عظيمة لترسيخ قيم الاعتدال والوسطية، ونبذ مظاهر الغلو والتطرف بكل ما أوتيت من طاقة وإمكانات، من خلال تطبيق تعاليم الإسلام السمحة بمختلف مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية والتعليمية، ورعاية العلماء ودعم جهودهم في نشر النهج الوسطي المعتدل، وجهودها الجبارة في خدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين، وزوار الحرمين الشريفين من مختلف بلدان العالم الإسلامي، وتبنيها لقضايا المسلمين العادلة ورعايتها والدفاع عنها في المحافل الدولية، وجهودها الحثيثة في محاربة فكر الغلو والانحراف والتطرف بكل أشكاله في جميع الميادين. وفي ختام كلمته، توجه معالي الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ بالشكر إلى جمهورية إندونيسيا، ونائب رئيس الجمهورية، ولنظيره الإندونيسي لتعاونهما ودعمهما لإنجاح للمؤتمر، وكذلك لسعادة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى إندونيسيا وأصحاب الفضيلة المشاركين، وجميع العاملين في هذا المحفل الكبير من الجانب السعودي والإندونيسي. ويعقد المؤتمر ــ المقام في مدينة بالي بجمهورية إندونيسيا ــ جلساته على مدى يومين بواقع أربع جلسات رئيسية يتخللها عدد من المحاور.
مشاركة :