قدم لنا مركز الشارقة للشعر الشعبي في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة خريطة توضيحية لفن الشعر الشعبي في الأقطار العربية، فالمركز دأب على استضافة مجموعة من الشعراء والشاعرات مرة كل شهر ومن كل دولة عربية لتقديم قراءات في هذا الفن المتصل جذرياً بالمكان والإنسان على امتداد الوطن العربي، وإلى جانب القراءات ينظم المركز قراءات نقدية كما ينظم ندوات متخصصة تعاين جماليات الشعر الشعبي العربي وانتقالاته الفنية من مرحلة إلى أخرى. اهتمام مركز الشارقة بالشعر الشعبي العربي يتكامل مع اهتمام الشارقة بالشعر العربي الفصيح، والفرق بين هذين النوعين من الشعر كالفرق بين جذع شجرة ولحائها، أو بين طفل ومهد الطفل، وأريد القول إن الشعر، إن كان فصيحاً أو شعبياً إنما ينحدر من عائلة واحدة، وإذا كان الشعر الفصيح يطلق عليه ديوان العرب، فإن الشعر الشعبي يمكن أن يطلق عليه ديوان الذاكرة الشعبية، وذلك لحميمية هذا النوع من الشعر واقترابه الشديد من لسان الناس في أقصى درجات عفويتهم وتلقائيتهم الفطرية، وإلى جانب ذلك، فالشعر الشعبي هو نوع من نبض التراث وجوهره.. إنه شعر الحياة، وشعر الناس مهما كانت درجة تعليم وثقافة قائله. الشعر الشعبي قريب من مفهوم القول، ومفهوم الشفاهية، ولذلك، كان الماجدي بن ظاهر يبدأ قصائده بعبارة يقول الماجد..، وبالطبع انتقل الشعر الشعبي من مرحلة القول (الشفاهية) إلى مرحلة التدوين (الكتابة) وأصبح له منظروه، ونقاده، ومؤرخوه في الثقافة العربية، وفي هذا الجانب، اهتمت الكثير من المؤسسات الثقافية الإماراتية بثقافة وتاريخ الشعر الشعبي.. اهتمت بجمعه من أفواه كبار السن، وفي الإمارات باحثون متخصصون بهذا النوع من الشعر قاموا ميدانياً بالكشف عما هو منسي منه أو ما لم ينشر قبل أن يطويه النسيان. هذه الأيام، يستضيف مركز الشارقة للشعر الشعبي باحثين ونقاداً وشعراء شعبيين من السودان، ونحن نعرف كم هو زاخر السودان وغني بحكاياته وأساطيره وثقافته التراثية والشعبية. السودان بلد ثقافة عريقة وتاريخ ثقافي عريق، والسودانيون شعب مثقف وقارئ وودود، والسودانيون أيضاً أهل كرم ولطافة وخلق رفيع، وهم أبناء مكان عامر بجغرافية حية تنطوي على مخزون كبير من الجماليات وإرث الطبيعة وهداياها الكريمة وروحها الصافية. كل ذلك، وكل هذه الجمالية سوف تنعكس في القصيدة السودانية الشعبية، وبالطبع، بلسان عفوي تلقائي مثل عفوية شعب يحب الشعر، كما يحب الحياة. yosflooz@gmail.com