في وقت واصل فيه الفيدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة للمرة السابعة على التوالي في 2022، يبرز الحديث عن نسب السيولة لدى الشركات والتي تستخدم لتوضيح الأوضاع المالية لها وكمؤشر أيضا على الملاءة وقدرتها على الصمود وتلبية احتياجاتها في بيئة مرتفعة لأسعار الفائدة. واستخدام نسب السيولة ليست مجرد مقياس لمقدار النقد الذي تمتلكه الشركة بل هو أيضا مقياس لمدى سهولة قيامها بجمع نقود كافية أو تحويل الأصول إلى نقد، وتشمل السيولة الأصول المختلفة مثل الذمم المدينة والأوراق المالية والمخزون. وتختلف مؤشرات السيولة عن مؤشرات الملاءة إذ تركز بشكل أكبر على الحسابات المالية الجارية، فيما تقيس مؤشرات الملاءة المالية قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها المالية الكاملة بما فيها سداد التزامات الديون ومواصلة العمليات التجارية. ونسلط الضوء على الأنواع المختلفة لنسب السيولة وآلية تطبيقها على الشركات: نسبة التداول تعد نسبة التداول أو ما يصطلح على تسميتها بـ"Current Ratio" أحد المعايير المحاسبية الهامة والتي تستخدم كمقياس على سيولة الشركة وينظر إليها كأقدم النسب وأوسعها انتشارًا، وتُستخدم كمعيار أولي وجوهري للتعرف على قدرة المؤسسة على مواجهة التزاماتها قصيرة الأجل من موجوداتها المتداولة. وتقيس نسبة التداول عدد مرات تغطية الأصول المتداولة للخصوم المتداولة للشركة ويمكن حسابها بقسمة أصول الشركة على خصومها.، فإذا كان للشركة أصول متداولة بقيمة 50 مليون ريال وخصوم متداولة بقيمة 33 مليون ريال، فإن نسبة التداول تكون 1.5 . وإذا كانت نسبة التداول للشركة أكبر من 1 ودون 2 فهذا يعني أن الشركة مهيأة لتغطية التزاماتها ونفقاتها التشغيلية قصيرة الأجل. وجرى العرف على استخدام نسبة التداول كمقياس عام للسيولة لأنها تقدم أفضل مؤشر مفرد عن مدى تغطية المطلوبات المتداولة بموجودات يُتوقع أن يتم تحويلها إلى نقد في موعد يتزامن وموعد سداد المطلوبات المتداولة. وينظر المحللون إلى تدني نسبة السيولة بقلق لكونه مؤشرًا لمشكلات في التدفق النقدي على المدى القصير وقد تؤدي إلى تعثر الشركة عن سداد ديونها. ولا يجوز استخدام تلك النسبة لقياس أوضاع السيولة لدى كافة الشركات إذ إن شركات بقطاعي الكهرباء والاتصالات من المتوقع أن تكون نسبة التداول لديها أقل كثيرًا من 2 : 1 بسبب ضخامة الاستثمار في الموجودات الثابتة وعدم وجود بضائع مادية لديها، ويعوض انخفاض تلك النسبة لديها انتظام التدفقات النقدية. لذا فإن نسبة التداول المناسبة تتحدد في ضوء نوع الصناعة وطبيعة الموجودات المتداولة ومدى انتظام التدفقات النقدية. نسبة السيولة السريعة تًستعمل نسبة السيولة السريعة أو Quick Ratio لاختبار النقود وأشباهها لدى المؤسسة في مواجهة التزاماتها القصيرة الأجل دون الاضطرار إلى تسييل موجوداتها من البضاعة. وضمن هذه الشروط، تعتبر هذه النسبة مقياسًا أكثر تحفظًا للسيولة من نسبة التداول لاقتصارها على الأصول الأكثر سيولة، ولأنها تستثني البضاعة والمدفوعات مقدمًا من البسط. وتحتسب نسبة السيولة السريعة بقسمة الأصول المتداولة مطروحاً منها المخزون على الخصوم المتداولة، وبطرح أرقام المخزون من الأصول المتداولة يتمكن المستثمر من معرفة مدى قدرة الشركة على تغطية التزاماتها المتداولة دون اللجوء إلى تصفية المخزون. ونسبة السيولة السريعة التي تبلغ واحدا صحيحا فأكثر مؤشر جيد على أن الشركة ستتمكن من تغطية أي مصاريف فورية، وأن لديها القدرة على سداد التزاماتها قصيرة الأجل. ويعتبر المحللون التدني عن الرقم سالف الذكر بمثابة ناقوس خطر، إذ سيتعين على المؤسسة تسييل البضاعة من أجل الوفاء بالتزاماتها القصيرة الأجل. وانحراف نسبة السيولة السريعة عن المعدل القياسي هو وجه آخر للضغط على السيولة، ويؤكد حاجة المؤسسة لتصفية بعض بضاعتها لتتمكن من دفع ديونها قصيرة الأجل. نسبة النقد ينظر المحللون أيضا باهتمام بالغ إلى نسبة النقد (Cash ratio) لدى الشركة لأن موجودات المؤسسة من النقد والأوراق المالية هي الموجودات الأكثر سيولة، وهي بالتالي التي سيُعتمد عليها في الوفاء بالالتزامات بشكل رئيسي خاصة إذا لم تتمكن المؤسسة من تسييل موجوداتها الأخرى. ولكن تدني هذه النسبة لا يعني في كل الأحوال سوء وضع السيولة لدى المؤسسة لأنه قد تكون لها ترتيبات اقتراض مع البنوك تحصل بموجبها على النقد عند الحاجة. التدفق النقدي للديون نسبة التدفق النقدي إلى الديون وهي من مقاييس قدرة المؤسسة على خدمة دينها، عبارة عن العلاقة بين التدفق النقدي من العمليات والدين القائم. ويتم احتساب تلك النسبة من خلال قسمة النقد المتحقق من العمليات على إجمالي الديون القصيرة الأجل والطويلة الأجل ويقصد بالنقد المتحقق من العمليات صافي الربح ويضاف إليه الاستهلاكات والإطفاء. في السوق الأمريكي ويشير تقرير حديث صادر عن "ستاندرد آند بورز" إلى أن مراكز السيولة لدى الشركات واصلت تراجعها في الربع الثالث من العام الجاري مع تراجع مطرد في النقد وأشباه النقود مقارنة مع المطلوبات الحالية لتلك الشركات في دليل دامغ على تضرر سيولة الشركات من تشديد السياسات النقدية للبنوك المركزية حول العالم في مواجهة التضخم الجامح. وبلغت نسبة متوسط معدل النقد لدى الشركات الأميركية المصنفة على الدرجات الاستثمارية للوكالة نحو 18 % بنهاية سبتمبر الماضي من 18.6 % بنهاية الربع الثاني، في وقت واصل فيه ذلك المعدل اتجاه الهابط منذ الربع الثاني 2020 في أوج جائحة كورونا. ومعدل النقد يشاع استخدامه على نطاق واسع لتقييم أوضاع السيولة الآنية للشركات الأميركية وقدرتها على تحمل أوضاع متشددة من السياسات النقدية، إذ يصل سعر الإقراض التجاري للبنوك نحو 7.5% مع نطاق هامش بنحو 3% للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ما يجعل تكلفة اقتراضها في خانة العشرات للمرة الأولى منذ 2007.
مشاركة :