تواصل- ترجمة: تصاعدت حدة المخاوف لدى المحللين الأمريكيين من أن تراجع الولايات المتحدة عن تحالفها القوي مع المملكة العربية السعودية، في سبيل التقارب وتحقيق السلام مع إيران قد يفقد ثقة المنطقة بها؛ ما يسمح لقوى أخرى بأن تحل محل واشنطن كالصين أو روسيا. واعتبر البعض أن استمرار الولايات المتحدة في تقاربها مع إيران يدفع الرياض لاتخاذ خطوات في سياستها الخارجية ربما لا تتوافق مع السياسة الخارجية الأمريكية. وتأتي زيارة الرئيس الصيني للمملكة كرسالة إلى صناع القرار في واشنطن بأن هناك قوة جديدة عظمى مستعدة لأن تحل محل فراغ السلطة الذي خلفته الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، طالب الكاتب الأمريكي بريت ستيفنز في مقال نشره بصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الولايات المتحدة بالوقوف بجانب المملكة ضد إيران. واعتبر الكاتب أن تخلي الولايات المتحدة عن تحالفها المستمر منذ 71 عاماً مع الرياض يعرض أمريكا للخطر، فالمملكة تحارب تنظيم القاعدة منذ عقود، وسحبت الجنسية من أسامة بن لادن، ودفعت طالبان لطرده من أفغانستان. وأضاف: أن الاستخبارات السعودية لعبت دوراً حيوياً وفعالاً في إفشال هجمات إرهابية كبرى من بينها تفجير طائرات شحن متجهة للولايات المتحدة، مؤكداً أن أمريكا لن تكون أكثر أمناً بدون هذا النوع من التعاون. وذكر أن تخلي الولايات المتحدة عن التحالف مع المملكة في الوقت الراهن فكرة سيئة جداً في ظل ما تواجهه المملكة من ضغوط اقتصادية متزايدة؛ نتيجة انخفاض أسعار النفط والتهديد الإيراني. وأشار إلى أن الدعم العسكري الروسي لنظام بشار الأسد في سوريا والأسلحة المتقدمة لإيران يعني أن أعداء المملكة الإقليميين يتمتعون الآن بحماية قوة نووية كبرى هي روسيا؛ وهو ما يفسر سبب عصبية المملكة، واتخاذ سياسات خارجية حرة ربما لا تتوافق مع السياسة الخارجية الأمريكية. وتناول فشل الاتفاق النووي في وقف النشاط الاستعماري لإيران التي حصلت على 100 مليار دولار مما يعوض خسائرها من انخفاض أسعار النفط، كما أطاح المتشددون بآمال أمريكا بعد توقيع الاتفاق النووي في تعزيز المعتدلين بإيران؛ وذلك بعدما رفضوا ترشح الآلاف من المعتدلين في الانتخابات البرلمانية خلال شهر فبراير القادم. وحذر الكاتب من أن ابتعاد واشنطن عن الرياض سيقربها إلى الروس والصينيين والاستمرار في اتباع سياسة خارجية ربما لا ترضي واشنطن. وقالت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية في تقرير لها: إن زيارة الرئيس الصيني للسعودية وجولته التي تشمل كذلك مصر وإيران تتم مراقبتها عن كثب، في ظل سعي بكين لتوسيع قدرتها على الوصول إلى نفط الشرق الأوسط، واحتمالية أن تحل محل واشنطن كأكبر قوة خارجية تتمتع بالنفوذ وتعمل في المنطقة المضطربة بالشرق الأوسط، وأشارت الصحيفة إلى أن الرياض تمثل حالياً المصدر الأول للنفط الخام إلى الصين. وأضافت الصحيفة أنه في ظل تصعيد التوترات بين المملكة وإيران يعتقد البعض أن هدف زيارة الرئيس الصيني هي تعزيز الفكرة لدى الرياض وطهران بأنه سيكون من الحكمة احتضان الصين وليس واشنطن كشريك المستقبل. ونقلت عن باتريك كرونين المحلل الأمني بواشنطن أن الصين تريد أن ينظر إليها على أن القوة النامية التي تستطيع استعادة الانضباط في الشرق الأوسط المضطرب، حيث لم يعد ينظر إلى الولايات المتحدة على أنها القوة التي تهيمن على سياسات المنطقة. وأضاف: أنه حتى الآن تبدو سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة مقلوبة رأساً على عقب تماماً؛ لأن الولايات المتحدة بسعيها للسلام مع إيران تنفر أصدقاءها السعوديين وغيرهم في المنطقة، والصين تحاول أن تملأ الفراغ الحالي الذي خلفته الولايات المتحدة. وذكر أن الصين مستعدة لأن ينظر إليها على أنها القوة الخارجية المحايدة التي بإمكانها تقليص التوترات وتحقيق التنمية في وقت تفقد فيه الولايات المتحدة نفوذها وربما مصداقيتها أيضاً في المنطقة، معتبراً أن توقيت تحرك بكين اختار الوقت السليم في ظل انخفاض أسعار النفط عالمياً. وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا أدخلت نفسها بشكل أعمق في شؤون الشرق الأوسط بتصعيد حملتها العسكرية في سوريا، وكثير أولئك الذين يتحدثون عن أن النهج الصيني سيركز على الاقتصاد، وفي الوقت الذي ينظر فيه على أن روسيا اختارت أن تقف بشكل أكبر مع إيران عن السعودية، فإن بكين تجنبت أن تختار طرفاً على آخر. وذكرت الصحيفة أن هناك ما يشير إلى تنامي التواجد الصيني عسكرياً في المنطقة بعد الإعلان في نوفمبر الماضي عن بناء أول قاعدة بحرية لها خارج أراضيها في جيبوتي شرقي أفريقيا.
مشاركة :