بين وقوع حادثة لوكربي واتهام ليبيا، جرت العديد من المشاورات بين ساسة من بريطانيا واميركا واجهزة استخباراتهما، رسا الامر على توجيه الاتهام الى ليبيا، لأنها كانت الحلقة الأضعف ضمن سلسلة المناهضين لسياسة اميركا الاستعمارية في المنطقة. قال مسؤول ليبي "نصت اتفاقية التسوية مع ليبيا (..) على أنه لا يجوز بعد دفع الأموال والتعويضات (لأهالي الضحايا) فتح أي مطالبات جديدة عن أي أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل تاريخ الاتفاقية”. ملف قضيّة لوكربي جرى إغلاقه كُلِّيًّا في 14 أغسطس العام 2008 بعد اتّفاقٍ مع الولايات المتحدة وليبيا، أصدر الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في 2008 مرسوما رئاسيا ينص على التزام بلاده بالإنهاء التام لأي مطالبات مستقبلية وإقفال أي قضايا فتحتها عائلات الضحايا سواء أكان أمام المحاكم المحلية أم الأجنبية. منتصف نوفمبر الماضي، تم اختطاف أبو عجيلة محمد مسعود المريمي، الضابط المتقاعد بالمخابرات الليبية من منزله في طرابلس من قبل الميليشيات التي تتبع الحكومة وتم نقله الى مدينة مصراته ومن هناك تم تسفيره الى أميركا. منذ ايام اعلنت اميركا عن تسلم المتهم رسميا، وقد صرح رئيس الحكومة الدبيبة بانه قام بتسليم المتهم الى اميركا بحجة تخليص ليبيا من وسم الارهاب. أين صوت القضاء والنائب العام، ام انها اسكتت بفعل المحسوبيات؟ الشارع الليبي بكافة أطيافه يستهجن التصرف الذي قامت به الحكومة بتسليم احد رعاياها، رغم اغلاق الملف نهائيا، سياسيا وقانونيا، المؤكد ان الدبيبة يسعى من وراء ذلك الى تثبيت اركان حكمه بالجزء الغربي من البلاد عبر اغداق الاموال على زعماء الميليشيات. أما بقية مناطق البلاد فلا سلطان له عليها. وبحجة عدم وجود دستور فان الدبيبة لن يسلم السلطة لأي جسم غير منتخب شعبيا (ونسي او تناسى انه نفسه غير منتخب شعبيا بينما جاء بواسطة شراء ذمم بعض اعضاء لجنة الـ75 باعتراف ستيفاني ويليامز؟!) حتى لو وصل الامر به الى البقاء بالسلطة 30 عاما!؟ هنا لا يفوتنا التذكير بتصريح السفير الاميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند الذي يقيم عادة في تونس، منذ أيام قليلة لمجلة "جون أفريك" الفرنسية ردًا على سؤال حول التوترات الحالية بين المجلس الأعلى للدولة في ليبيا والدبيبة، بأن الولايات المتحدة تعتبر الدبيبة رئيسًا للحكومة الانتقالية "ولا نحتاج إلى فريق آخر من الوزراء الانتقاليين"، و"أكدنا بشكل صريح لكل الأطراف الليبية أن البلاد يجب أن تعقد انتخابات في أسرع وقت ممكن." كلنا ندرك بان الدبيبة احد مسببات عدم اجراء الانتخابات في ديسمبر الماضي بترشحه للرئاسة رغم تعهده بعدم الترشح لدى اختياره لرئاسة الحكومة الانتقالية، وبالتالي فان الحديث من قبل الدبيبة والإدارة الاميركية عن سعيهم الى اقامة انتخابات حرة ونزيهة، لا يعدو كونه ضحك على ذقون الشعب الليبي الذي لم يعد قادرا على توفير ابسط سبل العيش، بينما تنفق الحكومة العميلة مليارات الدولارات، في امور لا تعود بالنفع على المواطن، بل تزيد من مآسيه. أي نوع من الديمقراطية نعيشها التي شنف الغرب بها آذاننا؟ حكومة تبعثر الاموال رغم سحب الثقة منها من قبل مجلس النواب اخر الاجسام التشريعية المنتخبة شعبيا، أية شفافية بشان صرف الاموال وهي توزع على هيئة هبات ومنح (صريرات) لشراء الذمم؟ أي نوع من الرفاهية نعيشها رغم الايرادات الضخمة الناتجة عن تصدير النفط والغاز ونحن نتسول رواتبنا التي لا تسمن ولا تغني من جوع امام المصارف؟ أي امن وأمان نتمتع به ونحن معرضون للاستيقاف في عديد النقاط الميليشياوية داخل المدن وخارجها. عن أي دولة نتحدث؟ مؤسساتها السيادية لا تمتثل للسلطة التشريعية النافذة، بينما يعين مدراؤها من قبل الاطراف الخارجية ويجتمعون بهم ويملون عليها ما يريدون فعله؟ نعتونا باننا قصارى نظر ويجب ان لا نكون كالحيوانات ونرضى برغيف الخبز المنخفض السعر، فإذا بهم يرفعون سعر رغيف الخبز أضعافا مضافة ومع ذلك غير صحي وجود نسبة كبيرة من برومات البوتاسيوم والملفات بالخصوص قابعة في الادراج. رفعوا الدعم عن المواد الغذائية الاساسية رغم ان دول الغرب الرأسمالية لا تزال ترفد مواطنيها وتدعم الاشياء الضرورية. ونحن على اعتاب ذكرى الاستقلال (24 ديسمبر) يريدون اعادة فتح ملف قضية لوكربي لكي يتم نهب المزيد من الاموال ومصادرة ما تبقّى من اموال مجمدة بالخارج، وممارسة السيادة الاممية علينا، لأن من يتولون زمام امورنا اليوم اثبتوا انهم قصر/ناقصي اهلية، عملاء بدرجة نذالة مع مرتبة الخيانة العظمى. نحن فعلا دولة لا شرقية ولا غربية من حيث النظام الاقتصادي، كما اننا لا نعيش في دولة بكل المعايير التنظيمية، إننا نعيش في غابة مليئة بالوحوش والحيوانات المفترسة والعالم الذي اوقعنا في هذا المأزق يتلذذ بماسينا، ولدعاة العودة الى النظام الفدرالي الذين يشكلون حراكات لإعادة فرضه. نقول ان النظام الفدرالي تم اسقاطه العام 1963 أي قبل ظهور النفط. هيهات هيهات لما تحلمون. فالوطنيون من كافة انحاء البلاد سيكونون لكم بالمرصاد ولن تكون ليبيا الا دولة موحدة ذات سيادة.
مشاركة :