السينما السورية في عام 2022: حركة الإنتاج لا تزال رهينة الأوضاع الاقتصادية

  • 12/24/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عام مضى تحركت فيه السينما السورية في مسارات متصاعدة حينا ومتراجعة حينا آخر، لكن المؤكد أن العديد من السينمائيين فيها ما زالوا قادرين على تحقيق أحلامهم في رؤى سينمائية مختلفة. في هذا المقال، نستعرض أبرز ملامح الإنتاج السينمائي السوري خلال العام الحالي الذي أوشك على الانتهاء والذي يبدو أنه إنتاج لا يزال رهين الأوضاع الاقتصادية الحرجة التي يمر بها البلد. تابع المشهد السينمائي داخل سوريا نشاطه خلال عام 2022 وهو محاط بالكثير من الطموحات التي يحملها مبدعون وعراقيل يفرزها وضع راهن. وعلى الرغم من تسيد المؤسسة العامة للسينما الحضور السينمائي الأهم داخل البلاد، لكن نشاطات خاصة واكبت الحدث وشكلت حضورا مهما في المشهد السينمائي السوري، كان أهمها إنتاج فيلمين روائيين طويلين هما “كازي روز” إخراج وائل رمضان و”فيك آب” للمخرج أحمد إبراهيم أحمد. وأرخى الوضع المالي المأزوم في سوريا بظلاله على الشأن السينمائي، وأثر في حركة الإنتاج، إذ تراجع إنتاج الأفلام الطويلة من أربعة أفلام إلى إثنين، بينما أنتجت ثمانية أفلام قصيرة وخمسة عشر فيلما في مشروع دعم سينما الشباب المخصص للهواة، وهذا رقم متراجع جدا مقارنة بإنتاجات الأعوام السابقة في كلا الشكلين. وامتد الضرر إلى بعض النشاطات الموازية، وكان أوضحها في مجال النشر السينمائي، حيث تراجعت إلى حد كبير أعداد منشورات سلسلة الفن السابع التي تصدر عن المؤسسة العامة للسينما، فبعد أن كانت الإصدارات تصل إلى ستة عشر كتابا في العام الواحد، لم يصدر خلال العام 2022 سوى كتابين، والسبب نقص حاد في مادة الورق أو بعض مستلزمات الطباعة بسبب العقوبات الاقتصادية على سوريا. خط إنتاج جديد أفلام المؤسسة العامة للسينما حققت حضورا لافتا في المشهد السينمائي والثقافي العراقي أفلام المؤسسة العامة للسينما حققت حضورا لافتا في المشهد السينمائي والثقافي العراقي بقراءة سريعة سنجد أن المؤسسة العامة للسينما أنتجت خلال عام 2022 فيلمين روائيين طويلين هما “حي المنازل” عن سيناريو للكاتب سامر محمد اسماعيل وإخراج غسان شميط، الذي يعود لنشاطه في تقديم السينما الروائية بعد غياب عدة سنوات قدم خلالها عددا من الأفلام الوثائقية الطويلة. ويحكي الفيلم سيرة أسرة تعيش في دمشق في وسط شعبي والأحداث التي تحيط بها خلال أيام الحرب. والفيلم الثاني كان تجربة جديدة جمعت بين المخرج باسل الخطيب والفنان دريد لحام بعد فيلمي “دمشق حلب” و”الحكيم”. الفيلم من تأليف تليد الخطيب ويحمل اسما مؤقتا “العائلة”. وتظهر فيه ملامح عن الحياة الاجتماعية القاسية التي يحياها بعض الأطفال في ظل وجود تشوهات اجتماعية وما يمكن أن تحدثه من مصاعب في حيواتهم. كما أنهت المؤسسة في العام 2022 العمليات الفنية لفيلم “أيام الرصاص” وهو من تأليف أحمد عدرة وأيمن زيدان وإخراج أيمن زيدان، ويحكي عن شخصية رجل أمن تقاعد من عمله ويحاول العودة إلى مكانته ووضعه الاجتماعي السابق. أما في شكل الفيلم الروائي القصير، فأنتجت مؤسسة السينما ثمانية أفلام قدمت خلالها طيفا من السينما الشبابية، وكانت كلها في شكل الفيلم الروائي الذي يقدم حالات اجتماعية مختلفة، وحملت أسماء تقدم للمرة الأولى أفلاما سينمائية قصيرة منها روبين عيسى الممثلة السورية المعروفة التي قدمت فيلما حمل اسم “فيلم طويل جدا”، كما قدمت تاتيانا أبوعسلي فيلم “دعاء”، وكذلك قدم محمد سمير طحان فيلم “أماني”، وقدم علي إبراهيم فيلم “تركواز”، أما فراس محمد فقدم فيلما جديدا له مع المؤسسة جاء أقرب إلى البنية التجريبية وحمل اسم “خردة”، وقدمت لوتس مسعود فيلم “الخروج إلى الداخل”. وفي مشروع دعم سينما الشباب، قدمت مؤسسة السينما خمسة عشر فيلما قصيرا حملت مجموعة من الأفكار التي تراوحت بين الذاتي والاجتماعي، وهي تأتي بعد مرحلة تعثر تراجعت خلالها إنتاجات هذه السلسلة بسبب جائحة كورونا وما سببته من انقطاعات في العمل . ورغم تراجع فعالية الإنتاج في المؤسسة العامة للسينما في 2022، لكن المؤسسة استحدثت لنفسها خطا إنتاجيا جديدا، بدأت ملامحه سابقا من خلال بعض الأفلام الوثائقية أو الروائية، لكنها في الموسم الحالي حولته إلى حالة إنتاجية واضحة المعالم تحقق من خلالها حضورا سينمائيا جديدا ومرنا. السينما المنتجة داخل سوريا سواء ما قدمته المؤسسة العامة للسينما أو بعض الجهات الخاصة حققت بعض الجوائز الشكل الإنتاجي الجديد الذي أوجدته المؤسسة هو الأفلام متوسطة الطول، التي تقارب مدتها ساعة من الزمن، وتسعى من خلاله لضمان تقديم عدد أكبر من الأفلام يعوض النقص على مستوى إنتاج الفيلم الطويل كما يقدم مساحات إبداعية جديدة ومختلفة ويقدم صيغة إنتاجية مرنة تقاوم صعوبات الإنتاج المحيطة بالأفلام الطويلة، كونها تتميز بكلفة إنتاجية منخفضة وتتطلب عدد أيام تصوير أقل وغيره. في هذا التوجه، أنتجت المؤسسة العامة للسينما، الجهة الرسمية الوحيدة الداعمة للفن السابع، ثلاثة أفلام روائية متوسطة الطول. حمل الأول اسم “الأم السورية شمس لا تغيب”، وهو مأخوذ عن رواية “يوم ليس كباقي الأيام” للكاتبة كفى ثابت كنعان أعد لها السيناريو وأخرج الفيلم عوض القدرو. ويحكي الفيلم عن أمهات الشهداء ومدى المعاناة التي يتعرضن لها جراء فقد أبنائهن. أما الفيلم الثاني فحمل اسم “إنعاش” وهو من تأليف وإخراج عمرو علي في أول تعاون له مع مؤسسة السينما، يحلل فيه عبر حكاية تجري معظم أحداثها في مشفى حقيقة المشاعر الإنسانية وكيف يحمل البعض عواطف الشر والجشع تجاه الآخرين حتى لو كانوا من المقربين. والفيلم الثالث حمل اسم “بوح” وهو من تأليف وإخراج أيهم عرسان صاحب العديد من الأفلام الروائية القصيرة التي قدمها سابقا وحقق بها جوائز عديدة. فيلم “بوح” يذهب إلى مساحات وجدانية تخص شريحة المثقفين والفنانين، يروي حكاية مخرج مسرحي تتصارع أناه الفنية مع عوالم زوجته الممثلة المسرحية، ويرصد ما يكون بينهما من تنافس ومخاطر مهنية وحياتية . حضور دولي التحكم في مدة الفيلم للحد من التكلفة المادية التحكم في مدة الفيلم للحد من التكلفة المادية لم يكن نشاط المؤسسة العامة للسينما محصورا في سوريا، بل تعداه إلى المنصات الدولية، وقد ترجم ذلك من خلال فعاليتي أسبوع الفيلم السوري التي نظمت في بغداد وكذلك مهرجان سينما المرأة الدولي الذي أقيم بالتعاون مع سفارة دولة الفلبين في دمشق. فبعد غياب التظاهرات السينمائية السورية عن العراق مدة عقود، حققت السينما السورية من خلال أفلام المؤسسة العامة للسينما حضورا لافتا في المشهد السينمائي والثقافي العراقي، حيث نظمت تظاهرة للسينما السورية خلال شهر يونيو تحت شعار “من بغداد هنا دمشق” وكانت ثمرة تعاون بين وزارتي الثقافة في البلدين وبرعاية هيئة الإعلام والاتصالات في العراق. أقيمت التظاهرة على مسرح الرشيد في قلب مدينة بغداد وعرض خلالها ثلاثة عشر فيلما أربعة منها روائية طويلة: “دمشق حلب” و”الإفطار الأخير” و”غيوم داكنة” و”الظهر إلى الجدار”، وتسعة أفلام قصيرة هي: “من الداخل” للمخرجة لبنى البدوي و”فوتوغراف” للمخرج المهند كلثوم و”مقهى المفاتيح” للمخرج علي العقباني و”الدائرة السحرية” للمخرج فراس محمد و”عنها” للمخرجة رباب مرهج و”جواد” للمخرج أيهم عرسان و”استيقاظ متأخر” للمخرج بشار عباس و”عم يوجعك شي” للمخرج حازم زيدان و”اللقطة الأخيرة” للمخرج القاسم أحمد . وعلى الصعيد غير العربي، وفي تعاون بين وزارة الثقافة - المؤسسة العامة للسينما وسفارة جمهورية الفلبين بدمشق والنادي الدبلوماسي السوري، أقيم في شهر مارس المهرجان السينمائي الدولي الأول لسينما المرأة تحت عنوان “المرأة تصنع التغيير” في أوبرا دمشق بمشاركة إحدى عشرة دولة متمثلة في فلسطين وتشيلي وباكستان والفلبين وبيلاروسيا وجنوب أفريقيا والهند وإندونيسيا وفنزويلا والأرجنتين وسوريا بصفتها الدولة المضيفة. وتضمن المهرجان عرض مجموعة من الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة والقصيرة، كما أقامت مخرجة من جنوب أفريقيا ورشة عمل مع عدد من طلاب السينما في سوريا. وكان المهرجان فرصة لنقل التراث والبيئة العالمية لكل المتفاعلين معه كما قالت القائمة بأعمال جمهورية الفلبين في سوريا فيدا ثريا فيرزوسا في حينه “المهرجان السينمائي الدولي الأول للمرأة هو نسختنا الحديثة عن قصص الحكواتي تماماً مثل كل الكنوز السينمائية القادمة من 11 دولة مشاركة، تعرض لتوضح أن هذا الحدث الدبلوماسي الثقافي يسلط الضوء على الدبلوماسية الرقمية في رؤية تتيح إمكانية تقديم سينما عالمية هنا في سوريا من خلال التكنولوجيا”. منتدى معرفي مشهد من فيلم خردة مشهد من فيلم خردة بعد توقف قسري قرابة العام عادت نشاطات بيت السينما الذي تقيمه المؤسسة العامة للسينما، والذي أوجد انطلاقة ثانية له في العام 2022، حقق بها حضورا جماهيريا أوسع وأعمق. كان الرهان بتقديم أفلام لها وقع هام عند الجمهور أو كونها تشكل أعلاما في تاريخ السينما العالمية. كانت البداية مع فيلم “ستموت في العشرين” للمخرج أمجد أبوالعلاء، وهو الفيلم السوداني الذي حقق جوائز هامة في السينما العالمية كان من أهمها جائزة أسد المستقبل الذهبي في مهرجان فينيسيا. كما عرض فيلم “بيلفاست” المرشح لسبع جوائز أوسكار نال منها جائزة أفضل سيناريو أصلي وهو من تأليف وإخراج كينيث براناه. وثالث العروض كان الفيلم الإيراني الشهير “البطل” للمخرج أصغر فرهادي والذي حقق به جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان كان السينمائي في فرنسا. وفي عودة إلى السينما الأميركية قدم فيلم “الأب” للممثل الشهير أنتوني هوبكنز والذي نال عنه جائزتي البافتا والأوسكار كأفضل ممثل، وهو من سيناريو وإخراج فلوريان زيلر، كما ضمت عروضه الفيلم الأميركي الشهير “النافذة الخلفية” لألفريد هتشكوك وهو أحد كلاسيكيات سينما التشويق في العالم. وكذلك عرض فيلم “أضواء المدينة” للفنان العالمي شارلي شابلن، ومن شرق آسيا قدم فيلم “مذكرات جريمة” من كوريا الجنوبية للمخرج بونغ جون وهو الذي حقق حضورا عالميا هاما بفيلمه اللاحق “الطفيلي”. كان التطور اللافت في عروض بيت السينما هو برمجته لعروض للسينما السورية في شكل الفيلم الروائي القصير، حيث قدم أفلاما من إنتاج المؤسسة وحتى من القطاع الخاص، فقدمت أفلام “نوم عميق” للمخرج خالد عثمان و”العين الساحرة” للمخرج حازم زيدان و”اللقطة الأخيرة” للقاسم أحمد و”الناس يلي فوق” لفراس محمد و”سارة” للمخرج علاء أبوفراج و”قطرات” للمخرج أيهم عرسان. ووثقت عروض الأفلام السورية علاقة بيت السينما بجمهوره وخلقت حالة تفاعل خاصة، وحققت من خلال الندوات التي تقام بإدارة فراس محمد ورامي نضال المسؤولين عنه حضورا لافتا. جوائز قليلة الضرر امتد إلى نشاطات موازية، كان أوضحها في مجال النشر ، حيث تراجعت منشورات سلسلة الفن السابع الضرر امتد إلى نشاطات موازية، كان أوضحها في مجال النشر ، حيث تراجعت منشورات سلسلة الفن السابع حققت السينما المنتجة داخل سوريا سواء ما قدمته المؤسسة العامة للسينما أو بعض الجهات الخاصة بعض الجوائز. ففي الفيلم الطويل نال فيلم “الطريق” ثلاث جوائز في أيام قرطاج السينمائية وهي جائزة الجمهور وجائزة أفضل سيناريو للكاتب عادل محمود وعبداللطيف عبدالحميد وجائزة أحسن ممثل للفنان موفق الأحمد. كما نال فيلم “غيوم داكنة” للمخرج أيمن زيدان جائزة الإبداع في المهرجان اللبناني للسينما والتلفزيون وجائزة السيناريو في مهرجان الرباط لسينما المؤلف. ونال فيلم “الظهر إلى الجدار” جائزة الإبداع الفني في المهرجان اللبناني للسينما والتلفزيون. وفي مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط نالت جيانا عنيد جائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم “حكاية في دمشق” للمخرج أحمد إبراهيم أحمد، كذلك حقق فيلم “الاعتراف” إخراج باسل الخطيب جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان سومر السينمائي في العراق. وفي الفيلم القصير حقق فيلم “مدينة الملاهي” للمخرج نور خير الأنام الجائزة الذهبية في مهرجان الإسكندرية السينمائي، ونال فيلم “فوتوغراف” للمخرج المهند كلثوم جائزة أفضل إخراج في مهرجان النور السينمائي الدولي بالمغرب وكذلك الجائزة الكبرى في مهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير في المغرب. بينما نال فيلم “مقهى المفاتيح” للمخرج علي العقباني الجائزة الثانية في مهرجان الداخلية السينمائي في عمان، وحظي فيلم “هناك قصص كثيرة عن النحل” لمخرجه سوار الزركلي بتنويه في مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي بالمغرب، وكان فيلم “عنها” للمخرجة رباب مرهج قد نال أكبر عدد من الجوائز السينمائية، وهي جائزة التنويه الخاصة في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة وجائزة أحسن إخراج في الدورة الرابعة لمهرجان الدشيرة الدولي السينمائي للفيلم القصير وجائزة لجنة التحكيم من سينما المقهى بتازة بالمغرب وجائزة مفتاح العودة لأفضل فيلم عن المرأة باسم المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد في مهرجان العودة السينمائي الدولي، كما حصل على تنويه خاص من لجنة تحكيم مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير بآيت ملول المغرب.

مشاركة :