أوكرانيا ساحة تنوع لأنظمة الدفاع الجوي من باتريوت إلى كروتال وإيريس - تي باريس - يضاف نظام باتريوت الذي وعدت واشنطن بإرساله إلى أوكرانيا إلى أنظمة أخرى للدفاع الجوي قدمها بالفعل حلفاء كييف الغربيون. وتؤمن هذه الأنظمة المعقدة مساعدة حاسمة في مواجهة الضربات الروسية لكن التنسيق بينها ليس بالأمر السهل. والأشهر الأخيرة، تم تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي متقدمة من الولايات المتحدة ودول أوروبية، لكنها لا تزال بحاجة إلى المزيد. فهي تحتاج إلى دفاعات جوية ليس فقط لاعتراض الصواريخ التي تطلق على بنيتها التحتية، ولكن أيضا لمنع روسيا من تحقيق التفوق الجوي بالقرب من خط المواجهة. ومن المحتمل أن يكون توريد بطاريات باتريوت إلى أوكرانيا محدودا من حيث الكمية، إذ هناك طلبات كثيرة من العديد من الدول حول العالم للحصول عليها، كما أن سعرها مرتفع، وتتطلب تدريبا كبيرا لتشغيلها. ولكل هذه الأسباب، لم يكن قرار إرسال باتريوت سريعا، وتم تجاهل مناشدات أوكرانيا الأولية للحصول على صواريخ من هذا النوع. في ظل الصعوبات على الأرض اختارت روسيا إستراتيجية الضربات المكثفة على البنية التحتية الأوكرانية ولاسيما الطاقة مما يحرم ملايين الأوكرانيين من الماء والكهرباء والتدفئة وقال كاميل غران الباحث في المجموعة الفكرية الأوروبية “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” والمساعد السابق للأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) إنه “من وجهة نظر عسكرية محضة ليس من السهل بالضرورة امتلاك مجموعة متنوعة من الأنظمة”. وأضاف غران “هناك خصوصا صعوبة لوجستية في تشغيل أنظمة متعددة”. ومن المنظومة الفرنسية “كروتال” إلى النرويجية “ناسامز” والألمانية “إيريس – تي” والإيطالية “ابسايد – 2000” و“هوك” وقريبا الأميركية “باتريوت” يعمل الغربيون بالفعل على تسريع تسليم الأنظمة المضادة للطائرات والصواريخ إلى أوكرانيا، وبالتالي خلق دفاع “منوع” من بعض المعدات الحديثة وأخرى القديمة. لكن لكل من هذه الأنظمة التي تمت إضافتها إلى البطاريات الأوكرانية المضادة للطائرات الموروثة من الحقبة السوفييتية منطقها الخاص، إلى جانب احتياجات التدريب لكل منها ومشاكل الإمداد وإدارة مخزون الصواريخ. وقال غران إنه يتوقع “ألاّ يكون هناك اتصال كامل وقابلية للتشغيل بين جميع هذه الأنظمة بسبب تنوعها وتعقيد تشغيلها لكن يمكننا أن نتخيل أن قيادة الدفاع الجوي الأوكرانية ستنجح في جعلها قابلة للتعايش عبر تسريع تأهيل مشغليها”. وأوضح مصدر عسكري فرنسي أنه “عندما لا تكون الأنظمة مصممة محليًا لتكون قابلة للتشغيل المتبادل فإن جعلها تعمل معًا وتحسين استخدامها يشكل تحديًا حقيقيًا لمركز القيادة”. وأضاف المصدر “الخطر الذي يمكن أن نواجهه مع أنظمة الدفاع أرض – جو هو خصوصا خطر النيران الصديقة ويزداد ذلك في الوقت الذي نلاحظ فيه في أوكرانيا استخدام أسلحة جوية بشكل أوضح مما كان عليه الوضع في بداية النزاع ومن الجانبين”. لكن بالنسبة إلى أوكرانيا فقد أصبحت مسألة تعزيز الدفاع المضاد للصواريخ حاسمة منذ أسابيع. ففي ظل الصعوبات على الأرض، اختارت روسيا في الواقع منذ أكتوبر إستراتيجية الضربات المكثفة على البنية التحتية الأوكرانية، ولاسيما الطاقة مما يحرم ملايين الأوكرانيين من الماء والكهرباء والتدفئة كل يوم. ولإنشاء “درع الدفاع الجوي” الذي طلبه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من حلفائه الغربيين من الضروري إنشاء ما يسميه الجيش دفاعًا أرضيًا متعدد الطبقات يغطي الهجمات قصيرة المدى ذات الارتفاع المنخفض ومتوسطة المدى مع الارتفاع المتوسط وبعيدة المدى مع الارتفاع العالي. ويفترض أن تتيح المستويات الثلاثة حماية الأهداف الإستراتيجية الأوكرانية مثل المدن الكبيرة أو البنى التحتية الرئيسية أو مراكز القوة من الصواريخ البالستية أو صواريخ كروز أو حتى الطائرات دون طيار. صواريخ باتريوت التي وعدت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بإرسالها إلى أوكرانيا قادرة خصوصا على إسقاط صواريخ عابرة وصواريخ بالستية قصيرة المدى وطائرات على ارتفاع أعلى بكثير من قدرات وسائل الدفاع التي تم توفيرها حتى الآن. مصلحة وجودية واضحة لأوكرانيا في امتلاك جميع أنواع الأسلحة والذخيرة مصلحة وجودية واضحة لأوكرانيا في امتلاك جميع أنواع الأسلحة والذخيرة وهذه قدرة حاسمة بينما تشعر دوائر الدفاع الغربية والأوكرانية بالقلق من احتمال تسليم صواريخ بالستية إيرانية إلى روسيا. وتخطط الولايات المتحدة حاليا لتزويد أوكرانيا ببطارية صواريخ باتريوت تبلغ كلفة كل صاروخ منها ثلاثة ملايين دولار. وقالت فكتوريا فيدورتشاك الباحثة الأوكرانية في معهد الدفاع السويدي لفرانس برس “هناك مصلحة وجودية واضحة لأوكرانيا في امتلاك جميع أنواع الدفاع الجوي بسبب قصف روسيا المستمر للأراضي الأوكرانية بصواريخ روسية عبر استخدام مصادر مختلفة للنيران”. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا سقط ألفا صاروخ على الأقل في أوكرانيا حسب معهد الأبحاث البريطاني “رويال يونايتدسيرفيسز اينستيتيوت” في تقرير نُشر في أوائل نوفمبر. وقالت فيدورتشاك “إذا كان هناك نظام متاح قادر على تغطية كامل الأراضي الأوكرانية، فمن الواضح أن ذلك سيكون سيناريو مثاليًا”، ولكن تنوع الأنظمة المقدمة “هو الواقع الذي يجب التعامل معه والاستفادة منه إلى أقصى حد”. ويعتبر ماثيو والين الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي، وهو مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية، أن صواريخ باتريوت “لن تحدث فارقا على المدى الزمني القصير، لأنها نظام معقد يستغرق شهورا من التدريب”. ويشير إلى أن “كل بطارية باتريوت تحتاج إلى فريق عمل مكون من 90 جنديا، على الرغم من الحاجة إلى 3 عسكريين فقط لتشغيلها بشكل مباشر. وفي الحالة الأميركية، تتمتع أطقم ومدربو باتريوت بسنوات من الخبرة، مما يساعد على العمل بفعالية. أما أوكرانيا فليس لديها أي من هذا، وسوف يستغرق الأمر وقتا طويلا للتدريب وبناء الخبرة. وعلى المدى المتوسط، ربما من 6 أشهر إلى سنة أو أكثر”.
مشاركة :