حذرت أوساط اقتصادية ألمانية من الدخول في نزاع تجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية. وقال زيجفريد روسفورم رئيس اتحاد الصناعات الألمانية "آخر ما قد نحتاج إليه هو الدخول في نزاع تجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية. في ظل الوضع العالمي الراهن زادت أهمية التعاون عبر الأطلسي عما كانت عليه في أي وقت مضى". وتابع روسفورم أنه "يتعين على الاتحاد الأوروبي إيجاد إجابة ذكية تتعلق بالسياسة الصناعية والتركيز على الابتكارات والتقنيات المستقبلية، كرد فعل على القانون الأمريكي لخفض التضخم، ولا يتعين عليه القيام بقعقعة سيوف كاذبة". وقال روسفورم لـ"الألمانية"، "إن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه الفوز في نزاع تجاري ضد الولايات المتحدة الأمريكية، لأنه ببساطة لا يمتلك العضلات اللازمة لذلك". من جانبه، دعا بيتر أدريان رئيس غرفة الصناعة والتجارة الألمانية إلى وضع "أجندة لجعل الاتحاد الأوروبي أكثر قدرة على المنافسة". وينص القانون الذي وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن في آب (أغسطس) الماضي على ضخ استثمارات بمليارات الدولارات في حماية المناخ. وتم ربط تقديم إعانات دعم وإعفاءات ضريبية "بموجب هذا القانون" بأن تستخدم الشركات منتجات أمريكية أو تنتج بنفسها داخل الولايات المتحدة. وهناك كثير من الانتقادات لهذا الأمر في أوروبا، حيث هناك مخاوف من حدوث أضرار للشركات المحلية الأوروبية. وكانت الحكومة البريطانية قد أبلغت نظيرتها الأمريكية بقلقها من تداعيات خطة الدعم الهائلة للشركات المحلية، ولا سيما المصنعة للسيارات الكهربائية، في رسالة كشفت عنها وسائل إعلام بريطانية أخيرا. وجاء في الرسالة أن "خطة الولايات المتحدة تهدد بإلحاق الضرر بعدة اقتصادات حول العالم، والتأثير في سلاسل التوريد العالمية للبطاريات والمركبات الكهربائية ومصادر الطاقة المتجددة عموما"، وفق مقتطف منها، نشرته الصحيفتان البريطانيتان "فاينانشيال تايمز" و"ذي تايمز". وقالت كيمي بادينوش وزيرة التجارة الدولية البريطانية في رسالة إلى كاثرين تاي الممثلة التجارية الأمريكية، "إن الخطة تقوض أهدافنا المشتركة لتعزيز التجارة الحرة والعادلة دوليا"، وطلبت منها "توضيحات". وكان الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى قد أعربت عن مخاوفها بشأن خطة الدعم أمام منظمة التجارة العالمية في منتصف كانون الأول (ديسمبر). وتبدي بروكسل منذ أشهر قلقا بشأن تأثيرات قانون خفض التضخم، وهي خطة بقيمة 420 مليار دولار وضعها الرئيس الأمريكي جو بايدن ومكرسة إلى حد كبير للمناخ وأقرها الكونجرس في الصيف الماضي. تشمل هذه الخطة، من بين أمور أخرى، إعانات وتخفيضات ضريبية للشركات التي تصنع منتجاتها في الولايات المتحدة، ولا سيما في قطاعات السيارات الكهربائية والطاقات المتجددة. إلى ذلك، دعت أوساط اقتصادية بارزة في ألمانيا إلى تسهيل قواعد الهجرة في ظل النقص الكبير في العمالة المتخصصة في ألمانيا. وقال بيتر أدريان رئيس غرفة الصناعة والتجارة الألمانية، "لدينا في ألمانيا صعوبات كبيرة في التوسع في شركات، لأننا نفتقر ببساطة إلى العمالة الماهرة". بينما ذكر هولجر شفانيكه الأمين العام للاتحاد المركزي للصناعات اليدوية، أن هناك حاليا نحو 250 ألف وظيفة شاغرة في الحرف اليدوية وحدها، وتابع "إننا في حاجة ملحة إلى كوادر متخصصة". وأضاف أدريان "لا تزال هناك عوائق كثيرة في الطريق أمام هجرة الكوادر المتخصصة"، وشدد على ضرورة عدم تعقيد الإجراءات عبر القنصليات والسفارات في خارج ألمانيا. وقال شفانيكه "يستغرق استخراج تأشيرات وقتا طويلا، لأن القنصليات مثقلة الكاهل"، وأشار إلى أنه لا يزال يتم عمل كثير من الأمور يدويا. يأتي ذلك في وقت تسبب فيه نقص العمال المهرة في تآكل الاقتصاد الألماني بشكل متزايد، باعتباره عقبة أمام الشركات، بحسب دراسة حديثة نشرت نتائجها أمس الأول. وأظهر مؤشر العمال المهرة لمعهد "إيفو" للبحوث الاقتصادية وبنك التنمية الألماني الحكومي "كيه إف دابليو"، أن النشاط التجاري فيما يقرب من نصف جميع الشركات الألمانية ضعف في الربع الأخير من هذا العام، بسبب عدم وجود عدد كاف من الموظفين. وقالت فريتسي كولر-جايب كبيرة الاقتصاديين في بنك التنمية الألماني "ألمانيا على أعتاب تغيير هيكلي ديموغرافي ذي أبعاد تاريخية". وأظهرت الدراسة أن الوظائف الشاغرة تظل على هذا النحو لمدة خمسة أشهر في المتوسط، وفي الوقت نفسه لم تزد الإنتاجية بالنسبة إلى كل موظف، ما يعني إمكانية حدوث ركود مستدام بسبب نقص الموظفين. وجاء في الدراسة "إذا استمر هذا الأمر، وانخفض عدد الأشخاص العاملين لأسباب ديموغرافية، فقد تحدث مرحلة من الانكماش الدائم للناتج المحلي الإجمالي في غضون ثلاثة إلى أربعة أعوام". ويتجلى النقص في العمال المهرة بشكل خاص في قطاع الخدمات، ففي بداية تشرين الأول (أكتوبر) اشتكت أكثر من 48 في المائة من الشركات في هذا القطاع من عدم تمكنها من العثور على عدد كاف من الموظفين.
مشاركة :