نعاني حاليا من (فقر) بالمواهب الغنائية، بعد أن كانت السعودية تزخر بأجمل الأصوات الغنائية على المستوى العربي منذ الثلاثين سنة الأخيرة، ولكن الأحوال تبدلت وتوقفنا لظروف معينة على أساطير ومواهب لم نستطع أن نجد لهم بديلا أو مكملا لمسيرتهم. شح المواهب الفنية مشكلة عالمية وليست سعودية فقط، ولكن هناك أساليب وطرقا متعددة لاكتشاف النجوم الشباب ودعمهم وإيجاد خط نجومية خاصة بهم حسب كل جيل وكل ذوق يتغير مع الزمن، لدينا عقارب الساعة متوقفة عند تقريبا الفنان محمد عبده الذي من الصعوبة أن يكون له بديل لأعوام عديدة، كونه قدم إرثا غنائيا كبيرا ومهولا ومنوعا ثقافيا ومناطقيا، ولكن هل نتوقف عند محمد عبده ونعيش على أطلاله، بالطبع لا، فالنجمان طلال مداح -رحمه الله- ومحمد عبده قدما تاريخا غنائيا كبيرا وغنيا وأسسا فنا سعوديا خاصا وله شخصيته المميزة، ولكن تواجدهما أفرز نجوما مساندين بالساحة الغنائية وإن كانوا لم يصلوا فنيا لمكانتهما ولكن قدموا فنا يمثل شخصياتهم وتواجدوا كمساندين للنجوم الكبار في الفترة الحالية وتلك الفترة محمد وطلال. كانت شركات الإنتاج الغنائي بالسعودية هي الرافد المهم الذي دعم المواهب الغنائية السعودية، بعد -بطبيعة الحال- الملحنين والشعراء المحترفين الذين كانوا يكتشفون المواهب الغنائية ويقدمونها على طبق من ذهب للشركات الفنية الغنائية، وتقوم بالاستفادة منهم بدعمهم فنيا وتحقيق الأرباح منهم من خلال مبيعات الكاسيت والسي دي في تلك الفترة، حتى جاءت ثورة الإنترنت وقضت من خلال القرصنة والطرق غير الشرعية على الشركات الفنية ومن ثم المواهب التي يتم اكتشافها. كانت أشهر شركات الإنتاج بالسعودية والتي وصلت شهرتها عربيا شركات: فنون الجزيرة، صوت الجزيرة، التكامل، الأوتار الذهبية وأخيرا روتانا، وكان من أشهر مكتشفي المواهب والداعمين لهم الأمير الشاعر محمد العبدالله الفيصل -رحمه الله- مالك شركة التكامل، والملحنون سامي إحسان وصالح الشهري وطلال باغر -رحمهم الله-، فكانت أي موهبه غنائية إذا مرت من خلالهم فهذا دليل على هذه الموهبة والتوقع لمستقبل مزدهر لها. البرامج الفنية التي تبثها القنوات الفضائية هي تجارية بحتة، وتعتمد على التمثيل والغرائب من أجل الإثارة التلفزيونية، ولكنها على مر البرامج العربية المتنوعة لم تقدم المواهب الحقيقية كما كان يقدم برنامج استديو الفن وصاحب فكرته الراحل سيمون أسمر، نعم لا نعول كثيرا على برامج الإثارة واستعراض بعض النجوم كلجان تحكيم، ولكن لا بد أن نعترف أن المواهب الفنية السعودية تمر بمرحلة شحيحة رغم أن الوقت تغير والإمكانيات زادت، فهل سنعيش على أطلال محمد وطلال ومساندة عبدالمجيد وراشد وعبادي لهم، أو يتم الالتفات لهذا الأمر بكل جدية.
مشاركة :