يعتبر الاستثمار في رأس المال البشري من أهم أنواع الاستثمار، يتمثل ذلك في نواح عدة، أهمها رعاية الموهوبين التي تؤدي بدورها إلى زيادة دخل الفرد إلى جانب الدخل المحلي، ومن منطلق التفكير في بناء المستقبل وكذلك الحلول للكثير من المشكلات البيئية والاقتصادية ومشكلات موارد الحياة المتفاقمة.كانت مبادرة المملكة العربية السعودية هي الأولى من نوعها، حيث جمع العاشر من ديسمبر الحالي حوالي 100 موهوب ومشارك من أنحاء العالم، بالإضافة إلى أكثر من 10 متحدثين رسميين من أفضل العقول والخبراء والعلماء من دول مختلفة، وقد احتضن المؤتمر العالمي الثاني للموهبة والإبداع في مدينة جدة هذا التنوع الإنساني المثمر تحت عنوان (رحلة نحو المستقبل الجديد).هذا الدور الذي تتبناه المملكة يثبت ريادتها العالمية في تنمية المواهب والأداء المتفوق إلى جانب تمكين الموهبة والإبداع، حيث تضمن المؤتمر مشروعا إنسانيا يدرس الحلول لمشكلات عالمية، ويستشرف مستقبل التقنية والعلم، والملاحظ أن المضامين العلمية التي طرحت، والأساليب الفكرية والإبداعية في إدارة المؤتمر كانت متوائمة مع عقول المشاركين الموهوبة والابتكارية، وقد تمكنت من خلق حيوية كاملة طوال أيام المهرجان، ذلك ما جعل مخرجات المؤتمر تخرج بالصورة العلمية التي لاحظناها.أطلقت المنصة العالمية للموهبة خلال المؤتمر وكانت على أعلى مستوى نتيجة تشارك أفضل العقول العالمية في بنائها، حيث شاركت 20 مجموعة تضم 100 موهوب وموهوبة من 30 دولة في جلسات الأفكار الإبداعية لتحدي البحث عن المواهب في المنصة وتقديمها للجنة التحكيم التي تتكون من 12 عضوا من جنسيات مختلفة، ليتم إعلان الفكرة الفائزة وتكريم مجموعتها، وهذا الحراك الملفت يؤكد ضرورة استخدام هذه القوة الإبداعية وتمكينها في صناعة المستقبل، باعتبار أن الذكاء الجمعي أكثر فعالية في إيجاد حلول المشكلات، يصل إلى القدرة على حماية المجتمعات وتجنب الوقوع في مشكلات جديدة.مذكرة التفاهم التي أبرمتها مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) ستسهم بدورها في تعزيز قدرات الشباب ودعم الإبداع والبحث العلمي بما يتماشى مع رؤية 2030. هذه المذكرة تتضمن أوجه التعاون لتطوير المواهب من خلال تنفيذ برامج متخصصة ومتنوعة لتعزيز اقتصاد المملكة، ولمساعدة الشباب والشابات في تنمية المهارات القيادية وريادة الأعمال ودعم مشاركتهم أيضا في مختلف المجالات العلمية.كانت منصة المواهب العالمية من أبرز مخرجات المؤتمر وتوصياته التي خرجت بالصورة العلمية الدقيقة، إضافة إلى استقطاب الموهوبين وتمكينهم، وتعزيز الذكاء الجمعي بالتقنيات المتقدمة لمواجهة التحديات المحلية والإقليمية والعالمية، كذلك إنشاء منصة رقمية معززة بأدوات التقويم المستمر لتعزيز المهارات الشخصية والتعلم المستمر، وتطوير نموذج عمل مستدام باستخدام التقنيات المتقدمة.كل ذلك يؤدي إلى بناء مجتمع حيوي ويعزز الشراكات ويشرك المتخصصين والخبراء والباحثين لدعم رحلة الموهوبين الذين يعد الاستثمار فيهم استثمارا حقيقيا ومثمرا، فهم قيمة مضافة للتعليم الذي أعدهم، وهم كذلك أيضا لمجتمعاتهم، غير أن العناية بهم تدفعهم إلى العمل بجد وإتقان بطريقة تحقق الرضا النفسي والاجتماعي.[email protected]
مشاركة :