الفلسطينيون والنضال من أجل فضح الأساطير الصهيونية

  • 12/27/2022
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يمثّل‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيصال‭ ‬الرواية‭ ‬الحقيقية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أحد‭ ‬أوجه‭ ‬النضال‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الرئيسية‭. ‬ويرتبط‭ ‬ذلك‭ ‬بأن‭ ‬الهجمة‭ ‬الصهيونية‭ - ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭ ‬ارتكزت،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬على‭ ‬ترويج‭ ‬الرواية‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬وسيلة‭ ‬مهمة‭ ‬لتجنيد‭ ‬الدعم‭ ‬المالي،‭ ‬والعسكري،‭ ‬والبشري،‭ ‬والسياسي‭ ‬للعصابات‭ ‬الصهيونية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لإسرائيل‭.‬ تستند‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬أساطير‭ ‬خداع‭ ‬كبيرة،‭ ‬وإلى‭ ‬سردية‭ ‬مضلّلة‭ ‬للواقع‭ ‬القائم،‭ ‬وإلى‭ ‬مصفوفة‭ ‬مصطلحات‭ ‬تحريفية‭ ‬للحقائق‭.‬ الأسطورة‭ ‬الأولى‭: ‬انبثقت‭ ‬من‭ ‬التشويه‭ ‬الميثولوجي‭ ‬الذي‭ ‬تتبنّاه‭ ‬الرؤية‭ ‬الدينية‭ ‬الإنجيلية‭ ‬والأوساط‭ ‬البروتستانتية‭ ‬الإنجليزية‭ ‬المتطرّفة،‭ ‬أن‭ ‬فلسطين‭ ‬هي‭ ‬أرض‭ ‬الميعاد‭ ‬التي‭ ‬منحها‭ ‬الله‭ ‬للشعب‭ ‬اليهودي‭ ‬المختار،‭ ‬والذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتجمّع‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬ليأتي‭ ‬المسيح‭ ‬المنتظر،‭ ‬وتقوم‭ ‬القيامة‭. ‬وهي‭ ‬رؤية،‭ ‬وللمفارقة،‭ ‬جوهرها‭ ‬لا‭ ‬سامي،‭ ‬لأن‭ ‬حصيلتها‭ ‬إبادة‭ ‬من‭ ‬يرفض‭ ‬التحوّل‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬اليهودي،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الأسطورة‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬أسطورةً‭ ‬أخرى‭ ‬بأن‭ ‬فلسطين‭ ‬كانت‭ ‬أرضاً‭ ‬بلا‭ ‬شعب‭ ‬لشعب‭ ‬بلا‭ ‬أرض،‭ ‬في‭ ‬تنكّر‭ ‬كامل‭ ‬لوجود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬تمتدّ‭ ‬جذوره‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭. ‬ وفي‭ ‬التطبيق‭ ‬العملي،‭ ‬تغذّت‭ ‬تلك‭ ‬الأسطورة‭ ‬بنتائج‭ ‬جريمة‭ ‬الهولوكوست‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬النازية‭ ‬الألمانية،‭ ‬وحملات‭ ‬العداء‭ ‬للسامية‭ ‬التي‭ ‬تكرّرت‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬قرونا،‭ ‬لتبرير‭ ‬تنفيذ‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ (‬نكبة‭ ‬1948‭)‬،‭ ‬وتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وإحلال‭ ‬المهاجرين‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬بيوتهم،‭ ‬وعلى‭ ‬أرضهم،‭ ‬وفي‭ ‬أماكن‭ ‬قراهم‭ ‬وبلداتهم‭ ‬الخمسمائة‭ ‬التي‭ ‬دمرت‭. ‬وكأن‭ ‬جريمة‭ ‬النازيين‭ ‬التي‭ ‬ارتكبوها‭ ‬في‭ ‬الهولوكوست‭ ‬امتدت‭ ‬لتشمل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬أصبحوا‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬إدوارد‭ ‬سعيد‭ ‬‮«‬ضحايا‭ ‬الضحايا‮»‬‭.‬ الأسطورة‭ ‬الثانية‭: ‬أن‭ ‬الأقلية‭ ‬الصهيونية‭ ‬الصغيرة‭ ‬انتصرت‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬1948‭ ‬على‭ ‬خمسة‭ ‬جيوش‭ ‬عربية‭ ‬معتدية،‭ ‬علماً‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬لاندلاع‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬كانت‭ ‬المجازر‭ ‬التي‭ ‬شنّتها‭ ‬العصابات‭ ‬الصهيونية‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وأن‭ ‬مجموع‭ ‬المقاتلين‭ ‬في‭ ‬الجيوش‭ ‬العربية‭ ‬مع‭ ‬المجاهدين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬11‭ ‬ألفاً‭ ‬مقابل‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬مسلح‭ ‬صهيوني،‭ ‬ولم‭ ‬يتجاوز‭ ‬في‭ ‬نهايتها‭ ‬22‭ ‬ألفاً‭ ‬مقابل‭ ‬120‭ ‬ألف‭ ‬جندي‭ ‬إسرائيلي‭ ‬مع‭ ‬فرق‭ ‬هائل‭ ‬في‭ ‬التسليح‭ ‬لمصلحة‭ ‬الجانب‭ ‬الإسرائيلي‭.‬ الأسطورة‭ ‬الثالثة‭: ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬صدت‭ ‬عدوان‭ ‬ثلاثة‭ ‬جيوش‭ ‬عربية‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬وانتصرت‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬تكرار‭ ‬لأسطورة‭ ‬انتصار‭ ‬داود‭ ‬على‭ ‬جوليات‭ ‬الجبار‭. ‬علماً‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬العدوان‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬الأردن‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ومصر‭ ‬وسوريا‭ ‬كان‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المدعوم‭ ‬بكل‭ ‬الوسائل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬تكرار‭ ‬للعدوان‭ ‬الثلاثي‭ ‬الذي‭ ‬شاركت‭ ‬فيه‭ ‬إسرائيل‭ ‬مع‭ ‬فرنسا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬ضد‭ ‬مصر‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬بسبب‭ ‬تأميمه‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭. ‬وكانت‭ ‬الأسطورة‭ ‬الثالثة‭ ‬وسيلة‭ ‬استخدمت‭ ‬بفاعلية‭ ‬لترويج‭ ‬إسرائيل‭ ‬القوية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الغربي،‭ ‬وتجنيد‭ ‬الدعم‭ ‬لها‭ ‬قاعدةً‭ ‬استراتيجيةً‭ ‬للمصالح‭ ‬الاستعمارية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬ وواجهت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬الصهيونية‭ ‬معضلة‭ ‬تبرير‭ ‬وجود‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وآثار‭ ‬النكبة،‭ ‬بالسردية‭ ‬المضلّلة‭ ‬لوصف‭ ‬النضال‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المشروع‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬وإدّعاء‭ ‬أنها‭ ‬الضحية‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الدائر،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬تمتلك‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬أقوى‭ ‬جيوش‭ ‬العالم،‭ ‬وتحتكر‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بأكملها‭. ‬ولا‭ ‬تتوقف‭ ‬السردية‭ ‬المضللة‭ ‬عند‭ ‬أي‭ ‬حدود‭ ‬للمنطق‭ ‬في‭ ‬ادّعاءاتها‭ ‬وأكاذيبها،‭ ‬وفي‭ ‬إخفائها‭ ‬الحقائق‭ ‬والواقع،‭ ‬مستخدمة‭ ‬اللوبي‭ ‬الصهيوني‭ ‬وأذرعه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬لمهاجمة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ينتقد‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬أو‭ ‬يطالب‭ ‬بإنهاء‭ ‬الاحتلال،‭ ‬أو‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬الوصف‭ ‬الدقيق‭ ‬لنظام‭ ‬الأبارتهايد‭ ‬والتمييز‭ ‬العنصري‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بل‭ ‬تحولت‭ ‬هذه‭ ‬السردية،‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الأعوام،‭ ‬إلى‭ ‬آلة‭ ‬هجومية‭ ‬شرسة‭ ‬تنشر‭ ‬الإرهاب‭ ‬الفكري‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يتجرّأ‭ ‬على‭ ‬قول‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬الدولي،‭ ‬أو‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬وتموّل‭ ‬الحكومة‭ ‬وأجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أدوات‭ ‬متخصّصة‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬مهاجمة‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والدولي،‭ ‬ومنظمات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومؤسسات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬NGO‭ ‬Monitor‮»‬‭ ‬و‮«‬UN‭ ‬Watch‮»‬و‮«‬UK‭ ‬Lawyers‮»‬،‭ ‬بغرض‭ ‬تجفيف‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬بقاء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬وطنه‭ ‬وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬مؤامرة‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭.‬ وفي‭ ‬عُرف‭ ‬هذه‭ ‬السردية،‭ ‬كل‭ ‬فلسطيني‭ ‬يقاوم‭ ‬الاحتلال‭ ‬ولو‭ ‬بالكلام‭ ‬هو‭ ‬إرهابي،‭ ‬أو‭ ‬محرّض‭ ‬عنيف،‭ ‬ويوسم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يدعم‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬باللاسامية،‭ ‬أما‭ ‬اليهود‭ ‬الرافضون‭ ‬للسياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والاحتلال‭ ‬فيصنّفون‭ ‬‮«‬كارهين‭ ‬للنفس‮»‬‭. ‬وتمثل‭ ‬مصفوفة‭ ‬المصطلحات‭ ‬التي‭ ‬فُرضت‭ ‬على‭ ‬الإعلام‭ ‬الدولي،‭ ‬وخصوصا‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬الكبرى،‭ ‬وتسلّلت‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العربية،‭ ‬وسيلة‭ ‬إضافية‭ ‬لإخفاء‭ ‬الحقائق‭ ‬والترويج‭ ‬للمفاهيم‭ ‬والروايات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ومنها‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية‭ (‬والقتل‭ ‬الإرهابي‭ ‬للفلسطينيين‭) ‬والمقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المشروعة‭ ‬ووصفها‭ ‬جميعاً‭ ‬‮«‬بالعنف‮»‬‭. ‬أو‭ ‬وصف‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بـ«النزاع‮»‬،‭ ‬لإخفاء‭ ‬وجود‭ ‬الاحتلال‭ ‬ونظام‭ ‬الأبارتهايد‭ ‬والتمييز‭ ‬العنصري‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬أو‭ ‬الادّعاء‭ ‬بأن‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬ليست‭ ‬مناطق‭ ‬محتلة،‭ ‬بل‭ ‬أراضا‭ ‬متنازعا‭ ‬عليها‭. ‬ومن‭ ‬الأمثلة‭ ‬الأخرى‭ ‬الوصف‭ ‬الذي‭ ‬تكرّر‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬قول‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬بلينكن،‭ ‬أخيرا،‭ ‬بضرورة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬يهودية‭ ‬وديمقراطية،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توضيح‭ ‬كيفية‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬هاتين‭ ‬الصفتين،‭ ‬عندما‭ ‬يُمارس‭ ‬نظام‭ ‬الأبارتهايد‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬وضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬أراضي‭ ‬1948‭.‬ ومن‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬المصطلحات‭ ‬والرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬اقتحمت‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬عربية،‭ ‬بل‭ ‬واقتحمت‭ ‬مفاهيمها‭ ‬عقول‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬اندفعوا‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬تطبيع‭ ‬مع‭ ‬منظومةٍ‭ ‬تمارس‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأطول‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬ونظام‭ ‬الأبارتهايد‭ ‬العنصري‭ ‬الأسوأ‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية،‭ ‬وفيما‭ ‬يمثل‭ ‬رشّاً‭ ‬للملح‭ ‬على‭ ‬الجرح،‭ ‬تُستخدم‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬مبرّراً‭ ‬للتطبيع‭.‬ ‮‬وقد‭ ‬واجهت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬الصهيونية‭ ‬معضلة‭ ‬تبرير‭ ‬وجود‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وآثار‭ ‬النكبة،‭ ‬بالسردية‭ ‬المضلّلة‭ ‬لوصف‭ ‬النضال‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المشروع‭ ‬بالإرهاب‭.‬ ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬واجهت‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أزمات‭ ‬عديدة،‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬صور‭ ‬المجزرة‭ ‬الوحشية‭ ‬لمخيمي‭ ‬صبرا‭ ‬وشاتيلا‭ ‬عام‭ ‬1982،‭ ‬وصور‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الشعبية‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬اخترقت‭ ‬وعي‭ ‬العالم‭ ‬وعرّت‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬ومنظومته‭ ‬باعتبارها‭ ‬جهاز‭ ‬قمع‭ ‬وحشيا‭ ‬ضد‭ ‬شعبٍ‭ ‬يناضل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حريته‭. ‬وتكررت‭ ‬الأزمات‭ ‬مع‭ ‬مشاهد‭ ‬المجازر‭ ‬الوحشية‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬المتكرّرة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وفي‭ ‬صور‭ ‬جدار‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬وفي‭ ‬شراسة‭ ‬الاستيطان‭ ‬التوسّعي‭ ‬الاستعماري‭. ‬ويمثل‭ ‬صعود‭ ‬الفاشية‭ ‬العارية‭ ‬للحكم‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحكومتها‭ ‬العنصرية‭ ‬المتطرفة‭ ‬القادمة‭ ‬تحدياً‭ ‬كبيراً‭ ‬آخر‭ ‬للرواية‭ ‬الاسرائيلية‭.‬ غير‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُصلح‭ ‬نفسها‭ ‬بنفسها‭. ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬دحض‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلا‭ ‬بآلة‭ ‬إعلامية‭ ‬وسياسية‭ ‬قادرة‭ ‬ومنظمة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أن‭ ‬النجاحات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬كانت‭ ‬دائماً‭ ‬مرتبطة‭ ‬بمتانة‭ ‬المؤسسات‭ ‬واللوبيات‭ ‬الصهيونية‭ ‬ومثابرتها‭ ‬وقوة‭ ‬تنظيمها‭. ‬وما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬دحض‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وتفنيدها‭ ‬سيكونان‭ ‬دوماً‭ ‬مرتبطين‭ ‬بتوافر‭ ‬شرطين‭: ‬أولا،‭ ‬مقاومة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وهي‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لإجبار‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬عيونه‭ ‬لرؤية‭ ‬الواقع،‭ ‬والتوقف‭ ‬عن‭ ‬إغلاق‭ ‬أذنيه‭ ‬عن‭ ‬سماع‭ ‬الحقيقة‭. ‬وثانياً،‭ ‬وجود‭ ‬منظومة‭ ‬إعلام‭ ‬ودعاية‭ ‬فلسطينية‭ ‬منظّمة‭ ‬وقوية‭ ‬لإيصال‭ ‬الحقيقة‭ ‬للعالم‭. ‬‮«‬فما‭ ‬من‭ ‬شيء‭ ‬يحدُث‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬وصفه‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬قالت‭ ‬الكاتبة‭ ‬فرجينيا‭ ‬وولف‭.‬ لدى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سلاح‭ ‬جبار‭ ‬لا‭ ‬تملكه‭ ‬الآلة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وهي‭ ‬الحقيقة‭ ‬كما‭ ‬هي،‭ ‬لكنها‭ ‬تبقى‭ ‬قوة‭ ‬كامنة‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تُفعّل‭ ‬بالمقاومة‭ ‬والإعلام‭ ‬المنظم‭.‬ { الأمين‭ ‬العام‭ ‬للمبادرة‭ ‬ الوطنية‭ ‬الفلسطينية

مشاركة :