ترأس سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، أمس الخميس، وفد الدولة المشارك في الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي الذي دعت إليه السعودية، لبحث تداعيات الاعتداء على سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد. وترأس الاجتماع الشيخ صباح خالد الحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي وبحضور عدد من وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وإياد مدني أمين عام منظمة التعاون الإسلامي. وأكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في كلمته أمام الاجتماع أن الاعتداءات التي تعرضت سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد تعد جزءاً من سلسلة اعتداءات مستمرة تتعرض لها البعثات الدبلوماسية في إيران وبشكل ممنهج منذ 35 عاماً. وقال إن الاعتداءات الإيرانية على البعثات الدبلوماسية لم تسلم منها سفارة دول إسلامية أو أجنبية، دون أن تبذل حكومة طهران أي جهد لإيقاف هذا العبث لحرمة البعثات الدبلوماسية سوى بعض بيانات الإدانة التي تصدر عن المسؤولين في إيران. وشدد الجبير على أن الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة وقنصليتها في مشهد تمثل انتهاكاً واضحاً وسافراً لحرمتها ولكافة الاتفاقيات والمعاهدات والقوانين الدولية التي تجرم ذلك وتحمل حكومة الدولة المضيفة المسؤولية الكاملة لحمايتها وحماية منسوبيها من أي اعتداءات. وأضاف أن مسؤولية حكومة الدولة المضيفة تتطلب منها اتخاذ الإجراءات وليس إصدار بيانات هدفها رفع العتب أكثر من حماية البعثات الدبلوماسية بشكل عملي. كما أشار الجبير إلى أن الاعتداءات على بعثة المملكة الدبلوماسية تأتي في إطار السياسات العدوانية لحكومة إيران وتدخلها المستمر في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وإمعانها في التحريض والتأجيج وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية في المنطقة التي تعتبر السبب الرئيسي لحالة التأزم وعدم الاستقرار والحروب التي تشهدها منطقتنا ومن دولة عضو لم تحترم ميثاق منظمتنا ولا مبادئها المستمدة من ديننا الإسلامي الحنيف. وقال وزير الخارجية السعودي إنه: بلغ بحكومة إيران التحدي والاستفزاز إلى الدرجة التي يعلنون فيها وبتفاخر أن بلادهم باتت تسيطر على أربع عواصم عربية، وأنهم يدربون 200 ألف مقاتل في عدد من بلدان المنطقة، مما يشكل دليلاً واضحاً على سياسات إيران الحالية تجاه جيرانها ودول المنطقة العربية. ولفت إلى أن الاعتداء على بعثة المملكة في إيران حظي بإدانة واسعة من دول العالم ومنظماته الإقليمية والدولية بما فيها مجلس الأمن ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية مضيفاً في ظل هذه الحقيقة فإن منظمة التعاون الإسلامي مطالبة اليوم باتخاذ موقف صارم ينبثق من مبادئ ميثاقها ويستند إلى مبادئ وأحكام الاتفاقيات والقوانين الدولية. وأكد الجبير في ختام كلمته أن المملكة العربية السعودية لطالما دعت إلى بناء أفضل العلاقات مع إيران تستند إلى مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الدول مستدركا القول إلّا أن دعوات المملكة وللأسف الشديد لم تحظ بأي استجابة من قبل حكومة طهران سوى بأقوال تناقضها الأفعال الحقيقية على الأرض. من جانبه، قال وزير الخارجية الكويتي، رئيس الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء خارجية المنظمة، صباح خالد الحمد الصباح، إن تجاوب 37 دولة من الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي مع الدعوة السعودية لعقد اجتماع طارئ لبحث تداعيات الاعتداءات التي طالت مبنى سفارة المملكة في طهران، وقنصليتها في مشهد، يعكس بشكل واضح الأهمية التي توليها الدول الأعضاء لهذا الأمر المهم. وقال الصباح في كلمته إن أمتنا الإسلامية تمر بتحديات صعبة تستوجب علينا أكثر من أي وقت مضى زيادة التمسك بقيم الدين الإسلامي الحنيف. وجدد وزير الخارجية الكويتي الدعوة للحكومة الإيرانية، للاضطلاع بمسؤولياتها لتوفير كافة أوجه الضمانات لحماية البعثات الدبلوماسية الموجودة على أراضيها، والالتزام بمجمل القوانين والمواثيق الدولية، كما جدد الوزير الكويتي الدعم والتأييد لجهود المملكة العربية السعودية في جميع المواقف التي اتخذتها لمكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه، وأيا كانت مصادره ودوافعه. وشدد الصباح على أهمية التزام الدول الأعضاء في المنظمة بالأهداف والمبادئ الواردة في ميثاق المنظمة التي تنص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، واحترام سيادة واستقلال ووحدة أراضي كل دولة عضو. بدوره، أكد أمين عام منظمة التعاون الإسلامي إياد مدني أن التدخل في شؤون أي دولة من الدول الأعضاء من شأنه أن يخلّ بمقتضيات ميثاق منظمتنا الذي التزمنا بكل فصوله ومبادئه، والذي ينصُّ في فقرته الديباجية العشرين على التقيد الصارم بمبدأ عدم التدخل في الشؤون التي تندرج أساساً ضمن نطاق التشريعات الداخلية لأية دولة، واحترام سيادة واستقلال ووحدة كل دولة عضو. وقال مدني إن استمرار تأزم العلاقات بين بعض دولنا الأعضاء يسهم في تعميق الشروخ في الكيان السياسي الإسلامي، ويكرِّس الاصطفافات السياسية أو المذهبية التي تبعدنا عن التصدي الفعّال للتحديات الحقيقية التي تهدد مصير دولنا الأعضاء وشعوبها. ولفت مدني إلى أن واقع الانقسام الإسلامي والخلافات البينية المزمنة يؤثر سلباً على أداء منظمة التعاون الإسلامي ويضعف من قدرتها على الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها، ويخدش مصداقيتها أمام الرأي العام الإسلامي والدولي؛ ويجعلها في موضع المساءلة أمام أمتنا الإسلامية. وشدد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي على أن الظرفية الراهنة وما تشهده المنطقة الإسلامية، وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط، من أزمات متلاحقة ومتشابكة، يستدعي التحرك بإرادة جماعية من أجل تنقية الأجواء من خلال بناء جسور التفاهم واستعادة الثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء بما يخدم مصالحها ويسهم في تحسين واقع شعوبها وبناء مستقبلها. ودان البيان الختامي الاعتداءات التي تعرضت لها بعثات المملكة العربية السعودية الدبلوماسية في طهران ومشهد. واعتبر أنها تشكل خرقا واضحا للقوانين الدولية. وأكد البيان الختامي أن هذه الاعتداءات تتنافى مع ميثاقي منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة اللذين يدعوان إلى حل النزاعات بالطرق السلمية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وأعرب عن تأييده الكامل لجهود السعودية وجميع الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره أياً كان مصدره وأهدافه. وأشار إلى أن المجلس الوزاري يؤيد الإجراءات الشرعية والقانونية التي اتخذتها السعودية في مواجهة الاعتداءات على بعثاتها الدبلوماسية في إيران مؤكدا على البيانات الصادرة عن الدول الأعضاء وغير الأعضاء ومجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية التي دانت واستنكرت بشدة الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية السعودية. وذكر البيان الختامي أنه بناء على طلب من دولة الإمارات العربية المتحدة فقد تمت إضافة فقرة تنص على إدانة تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ومنها البحرين واليمن وسوريا ودعمها للإرهاب. وأكد أهمية توطيد علاقات حسن الجوار بين الدول الأعضاء لما فيه خير ومصلحة الشعوب اتساقاً مع ميثاق منظمة التعاون الإسلامي. وطالب البيان بالعمل على نبذ الأجندة الطائفية والمذهبية لما لها من آثار مدمرة وتداعيات خطيرة على أمن واستقرار الدول الأعضاء وعلى السلم والأمن الدوليين. ودعا إلى دعم كافة الجهود السياسية لتحقيق تسويات دائمة على أساس ميثاق منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة والقانون الدولي.
مشاركة :