على مدى أكثر من أسبوعين، أغلق نشطاء بيئة أذريون الطريق المؤدي من منطقة خانكيندي إلى لاتشين، حيث طالبوا بالوصول إلى الرواسب المعدنية التي تعرضت للاستغلال بشكل غير قانوني من جانب الأرمن المتواجدين في إقليم كاراباخ في أذربيجان. وتخضع المنطقة حاليا للسيطرة المؤقتة لقوات حفظ السلام الروسية، وفقا للبيان الثلاثي- اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الدول الثلاث في نهاية حرب كاراباخ الثانية في نوفمبر 2020. وقال الدكتور فريد شفييف رئيس مركز تحليل العلاقات الدولية في باكو بإذربيجان في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأميركية إن الكثير من صناع السياسة والمراقبين الدوليين أسرعوا إلى دعم الأرمن، وكرروا رواية عن "كارثة إنسانية" وشيكة واتهموا الحكومة الأذرية بتنظيم الاحتجاج على الطريق، والذي من المفترض أن يستخدم لربط الأرمن في إقليم كاراباخ بجمهورية أرمينيا. وربما يكتشف الخبراء الذين يرغبون في قضاء بعض الوقت في التفكير في هذه المسألة أن مشكلة طريق لاتشين لها آثار أعمق وأوسع، وكذلك سياق تاريخي. فقد كانت منطقة لاتشين، هي أول المناطق خارج إقليم ناجورنو كاراباخ الذي يتمتع بحكم ذاتي، التي احتلتها ارمينيا في 18 مايو 1992، خلال النزاع الدموي مع أذربيجان. واعتبر القوميون الأرمن، الذين أطلقوا مشروع استعادة الأراضي لتوحيد إقليم كاراباخ الأذري مع أرمينيا تحت شعار التوحيد في عامي 1987 و1988 أن إنشاء الطريق يعد هدفا استراتيجيا حيويا. وهكذا، أصبح لاتشين "طريق التوحيد" الذي يسمح بنقل إمدادات عسكرية. وفي أبريل 1993، هاجمت أرمينيا من اتجاهين: أرمينيا نفسها وكاراباخ ومنطقة أذرية أخرى هي كيلبجار الواقعة بين منطقة الحكم الذاتي السابقة وأرمينيا. وفي أبريل 1993، هاجمت أرمينيا من اتجاهين: أرمينيا نفسها وكاراباخ ومنطقة أذرية أخرى هي كيلبجار، الواقعة بين منطقة الحكم الذاتي السابقة وأرمينيا. وقال شفييف، الذي شغل منصب سفير أذربيجان في كندا سابقا إنه منذ بداية الصراع في نهاية ثمانينات القرن الماضي، نسجت أرمينيا قصة بشأن إبادة جماعية وتطهير عرقي وشيكين. وفي الوقت نفسه، تم تقديم طريق لاتشين باعتباره رابطا إنسانيا رئيسيا. وعلى الأرض، ومع حدوث أعمال عنف على جانبي النزاع، كانت النتيجة النهائية هي حدوث تطهير عرقي كامل للأذريين من أرمينيا وكاراباخ. وعززت أرمينيا منذ ذلك الحين المستوطنات غير الشرعية في لاتشين بينما كانت تحاول تحويل الوضع إلى أمر واقع في سياق المفاوضات مع أذربيجان حول اتفاق لحل النزاع. وطوال فترة احتلال أرمينيا، أثارت أذربيجان في عدة مناسبات قضية الضرر البيئي واستغلال الجانب الأرمني للموارد الطبيعية. وقد شاركت العديد من الشركات الدولية- بقيادة أرمن عرقيين- على سبيل المثال، شركة "بيس ميتال" ومقرها سويسرا، في استخراج الخام والذهب من كاراباخ وبيعهما في الأسواق الدولية. وفي الواقع، كانت قضية بيئية هي إحدى اللحظات الحاسمة في الأيام الأولى للنزاع. ففي 17 نوفمبر عام 1988، بدأت مظاهرة حاشدة في باكو احتجاجا على خطر يهدد غابة بالقرب من مدينة شوشا من جانب السلطات الأرمنية المحلية. وتحول ما بدأ كاحتجاج بيئي باسم "حركة توبخانا (اسم الغابة)" إلى حركة تحرر وطني. وبعد ذلك، خلال الاحتلال الأرمني، وجدت العديد من بعثات تقصي الحقائق التي أرسلتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى الأراضي المحتلة أن الوضع كارثي. وبعد حرب عام 2020، وأثناء مغادرة منطقة لاتشين بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، قام مستوطنون أرمن بحرق منازل وقطع أشجار. ورأي شفييف أنه وفقا للظروف الحالية، يبدو أن المشكلة الأساسية المتعلقة بطريق لاتشين، ليست الاستخراج غير القانوني للموارد أو الضرر البيئي فحسب، وإنما أيضا استخدامه (أو إساءة استخدامه) لأغراض غير إنسانية.
مشاركة :