إطلاق نار على قناة تلفزيونية اتُّهمت بالإساءة لنساء جنوب لبنان

  • 12/29/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تدحرج الاعتراض على مقطع ساخر عرضته قناة «الجديد» التلفزيونية اللبنانية في الأسبوع الماضي، إلى احتجاجات مذهبية ومناطقية، ارتفعت فيها حدة الخطاب على مدار الأيام الماضية، وصولاً إلى الاعتداء على المحطة بإطلاق النار فجر الأربعاء على مبنى المحطة، غداة إطلاق قنبلة «مولوتوف» حارقة عليها فجر الثلاثاء أيضاً، وسط حملة تضامن سياسية مع القناة. وبدأ السجال ليل الأربعاء الماضي حين بثت القناة في برنامج ساخر تقدمه الإعلامية داليا أحمد، مقطعاً ساخراً ضمن فقرة تقدمها ممثلة كوميدية، قالت فيه إن أهالي الجنوب باتوا يمتلكون عيوناً خضراء وزرقاء وشعراً أشقر، بعد حالات التزاوج مع قوات حفظ السلام العاملة في الجنوب (اليونيفيل)، واستخدمت مصطلحاً شعبياً ساخراً استكمالاً للفكرة، أثار اعتراضاً واسعاً، حيث اعتبره جنوبيون «إساءة للمرأة الجنوبية». وظهرت الممثلة ليل السبت ضمن نشرة الأخبار المسائية على القناة ليل السبت لتوضيح المقاصد، حيث نفت الإساءة لأهل الجنوب ونسائهن، ورفضت الاعتذار عما قدمته، ما جدد السجال الذي وصلت أروقته إلى «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الذي أصدر بياناً استنكر فيه ما ورد، مطالباً بالاعتذار، ومتوعداً بتقديم شكوى قانونية لدى القضاء اللبناني. كذلك، أصدر رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب إبراهيم الموسوي، وهو أحد ممثلي «حزب الله» في البرلمان، بياناً طالب فيه «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع» باتخاذ موقف ضد ما عُرض، وذلك بموازاة حملة مستمرة في مواقع التواصل وعلى لسان رجال دين. وغداة رمي القنبلة الحارقة باتجاه مبنى المحطة، ذكرت القناة أمس أن مجهولين أطلقوا النار قرابة الواحدة بعد منتصف الليل باتجاه قناة «الجديد»، لافتة إلى أن دويّ الرصاص سُمع في أرجاء المنطقة. وقالت إن القوى الأمنية فتحت تحقيقاً بالاعتداء الثاني على القناة في غضون يومين، وهي تقوم بمسح شامل لمبنى الجديد والمباني المجاورة بحثاً عن آثار الرصاص. وقالت نائبة رئيس مجلس إدارة قناة «الجديد» كرمى خياط إن الاعتداءات المتكررة على المحطة ليست مبررة، لافتة إلى أن «التجييش الذي حصل في مواقع التواصل الاجتماعي على مدار يومين قبل الاعتداءات بقنبلة المولوتوف أو إطلاق النار، أوصل إلى هذه النتيجة»، مشيرة إلى «محاولة صهينتنا، وإصدار بيان من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بدا أنه تحت ضغط، سعّر الحملة ضد القناة». وقالت خياط لـ«الشرق الأوسط» إن «المقطع الذي جرى تداوله في مواقع التواصل كان مجتزأً، ووضحنا مقاصدنا فيه، وأكدنا أننا لا نسيء لأي طرف، وكنا متعاونين إلى أقصى الحدود، بالتأكيد لا موقف لنا ضد أحد، ولا نية للإساءة»، ورغم ذلك، «توجهوا للعاملين بالمحطة بكلام عنصري، وأكثر من ذلك، أباحوا دمنا»، معربة عن استغرابها في هذا الوقت لمثل هذا التصعيد الذي وصفته بأنه «لا مثيل له». وقالت خياط: «نحن في العادة نخاطب جميع شرائح اللبنانيين، ونتوجه لكل الناس ونعرض كل الآراء ونحترمها، ولو طُلب منا ظهور أي من المعترضين على الشاشة للاعتراض وإدلاء موقف، بالتأكيد كنا سنفتح الهواء لاعتراضهم، لأننا نكفل حرية الرأي والتعبير ونمارسها، وهي ليست المرة الأولى التي نواجه فيها اعتراض الناس والجمهور، لكن ما حصل أن هناك حملة تحريض ممنهجة وغير بريئة». وتصاعدت الحملة بشكل قياسي عندما رفضت الممثلة الاعتذار. وقالت مصادر نيابية في «الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط» إن القصة «كان يمكن أن تنتهي بالاعتذار»، لافتة إلى أن الاتصالات مع المحطة التي سبقت التوضيح «قدمت تعهدات بأن هناك اعتذاراً ستقدمه الممثلة، لكن تفاجأ الجميع أنها لم تعتذر وبقيت مصرة على إساءتها للنساء الجنوبيات والأمهات اللواتي يتحدرن من المنطقة». وحُكي أمس عن تدخل من قبل مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم للتوسط بين الطرفين، لكن خياط لم تؤكد هذه المعلومة بشكل مباشر، مشيرة إلى أن اللواء إبراهيم «اتصل وتضامن معنا بعد تعرض القناة للقنبلة الحارقة، وكان يطمئن على الوضع وعلى العاملين». وقالت خياط في الوقت نفسه «إننا نكنّ للواء إبراهيم كل الاحترام، وهو يلعب دوراً إيجابياً باحتواء الوضع المتوتر بالبلاد، لكن المبدأ أنه لا يمكن التوازي بين الاعتراض، وإطلاق النار أو استخدام القنابل الحارقة. لا تسوية تقوم على فكرة أن هذا مقابل ذاك. إذا كان اللواء يحاول تهدئة الأمور، فذلك يكون لمصلحة البلد الذي يعاني معيشياً واقتصادياً وسياسياً، فيما لا يحتمل البلد أي توتر إضافي في هذه الظروف». وتعرضت المحطة لاختبارات مماثلة في السنوات الماضية، حيث حاول محتجون اقتحامها، وشهدت مداخلها اعتصامات لمحتجين على مضمون سياسي أو ساخر، كما قُطع بث المحطة في أكثر من منطقة بينها الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية عن شبكات بث «الكابل» اعتراضاً على مضمون ورد على المحطة، كما تعرضت لاعتراضات سابقة بالتكسير أو رمي قنابل حارقة على المبنى الواقع في بيروت.

مشاركة :