الإمارات ترسّخ ثقافة القراءة بضوابط تشريعية

  • 12/30/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يشكّل الإقبال على القراءة خير مؤشر لقياس زخم المشهد الفكري للدول، وأفضل مستوى لتقدم ونماء المجتمعات، ومرآة عاكسة لمدى الوعي الثقافي للأفراد. ولما كانت الحركة الفكرية والثقافية في أي مجتمع تستند إلى دعائم عدة، من ضمنها الركيزة التشريعية التي تمثل المنظومة الأكثر فعالية في حماية حقوق جميع أقطاب مجتمع المعرفة، وتحديد الواجبات والمسؤوليات المنوطة بكل طرف من الأطراف المعنية بالمعرفة، فإن تلك الركيزة هي التي توفر البيئة المحفزة على التميز المعرفي، وهي التي تسهم في ترسيخ ثقافة القراءة. ولقد حرصت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، على توفير جميع السبل لتعزيز الحراك الفكري، وترسيخ مكانة الدولة وجهة للمبدعين والمبتكرين فكرياً وثقافياً، وذلك عبر إطلاق المبادرات والمشروعات التي تشجع جميع فئات المجتمع على القراءة. ويولي المشرّع الإماراتي توفير المنظومة القانونية المتكاملة التي تُغطي جميع نواحي الحياة المعرفية، أهمية كبيرة، ولا سيما القراءة باحتسابها منهلاً رئيساً لاكتساب المعرفة. مرسوم وفي هذا الصدد، يبرُز دور المرسوم بقانون اتحادي رقم (18) لسنة 2016 في شأن القراءة، والذي أصدره المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، إذ تضمن هذا المرسوم بقانون مجموعة من الأحكام، الهادفة إلى دعم النتاج الفكري والجهود الرامية لترسيخ القراءة ثقافة وأسلوب حياة وشمولها جميع الأطراف المعنيّة بالقراءة، ومن ذلك دور النشر الوطنية، والحقيبة المعرفية، والمنشآت التعليمية، ومجتمعات المعرفة. مواد القراءة ويعرّف المرسوم بقانون مواد القراءة بأنها جميع المواد المطبوعة، ومن ذلك الكتب والمجلات والموسوعات والأدلة والدوريات، والمواد السمعية والرقمية، والمواد المخصصة لذوي التحديات في القراءة وغيرها من أوعية المعلومات الأخرى، أما دور النشر الوطنية، فهي المنشآت التي تتولى إعداد المطبوعات وإنتاجها وبيعها، ويُقصد بالحقيبة المعرفية، الحقيبة التي تحوي مجموعةً من مواد القراءة، التي تركز على الجانب المعرفي والعقلي للطفل، وتُمنح من دون مقابل مادي للآباء والأبناء، أما المنشأة التعليمية، فهي المؤسسة التعليمية الحكومية، وكذلك المؤسسات المرخص لها بالعمل في مجال التعليم في الدولة أو المناطق الحرة، كالمدرسة والمعهد والكلية والجامعة كما يُقصد بمجتمعات المعرفة، المجموعات المختلفة التي يشكّلها عدة أفراد ذوي اهتمامات متشابهة بغرض تجميع المعارف التي يمتلكونها بهدف مشاركتها والوصول لمعارف جديدة. بناء وتم بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم (18) لسنة 2016 المُشار إليه، تحديد أهدافه، المتمثلة في دعم تنمية رأس المال البشري والإسهام في بناء القدرات الذهنية والمعرفية وتطويرها لدى جميع أفراد المجتمع؛ وترسيخ سلوك وثقافة القراءة لديهم، وتهيئة سبل التعلم مدى الحياة؛ ودعم الإنتاج الفكري الوطني، وبناء مجتمعات المعرفة في الدولة؛ وضمان استدامة جميع الجهود الحكومية الرامية إلى ترسيخ القراءة في الدولة، وذلك بتحديد المسؤوليات الرئيسة للجهات الحكومية في هذا المجال. ويمتاز المرسوم بقانون بشموليته، إذ إن أحكامه تسري على جميع الجهات الحكومية التي تتولى مسؤولية حماية حق القراءة وتعزيزها وتسهيل نشر مواد القراءة. ويستند المرسوم بقانون إلى مجموعة من المبادئ التوجيهية لضمان المواءمة بين التنفيذ وتحقيق الغايات المستهدفة، وإبراز أهمية القراءة قيمة إنسانية وركيزة أساسية للتطور والنماء. وتشمل هذه المبادئ التوجيهية، مجموعة من القيم الأساسية، ومن أهمها، أن القراءة تنبع من صميم المبادئ الإسلامية والموروث الثقافي والحضاري لدولة الإمارات العربية المتحدة، وأنها تمثل قيمة أساسية من قيم مجتمع الدولة؛ وأن القراءة العنصر الأساس لتحصيل العلم، وتعزيز الإبداع الفكري، والعامل الرئيس لتطوير وإنماء الرصيد الثقافي الوطني، والمدخل الأساسي لتعزيز قيم التسامح والسلام والتعايش في مجتمع الدولة، ومع المجتمعات والثقافات الأخرى. وتعد القراءة بموجب المرسوم بقانون حقاً معززاً للحقوق الأخرى ذات الصلة التي تكفلها الدولة، ومن ضمنها الحق في التعليم وتنمية مهارات القراءة والكتابة؛ والحق في الملكية الفكرية؛ والحق الثقافي عبر إنتاج المحتوى الثقافي والاستمتاع به كما يعدّ المرسوم بقانون القراءة ممكّناً أساسياً للقدرة التنافسية والإنتاجية للدولة وتطورها الاقتصادي، باحتسابها حقاً لجميع أفراد المجتمع، وخصوصاً من هم في مرحلة الطفولة المبكرة، لما لها من أهمية في تشكيل قدراتهم الذهنية. تعزيز القراءة ويركز المرسوم بقانون على تعزيز القراءة باحتسابها أحد الحقوق المصانة، إذ ينص في المادة الخامسة منه، على أنه يجب على الجهات الحكومية المعنية اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان إتاحة الفرصة لجميع الأطفال لتعلم كيفية القراءة كجزء من نظام التعليم الأساسي، وتوفير الفرص المناسبة لجميع أفراد المجتمع، ومنهم الأشخاص ذوو التحديات في القراءة لتعزيز مهارات القراءة لديهم وتوفير مواد القراءة التي تتناسب مع التحديات التي يعانونها. كما يمثل تمكين القراءة أحد محاور المرسوم بقانون اتحادي رقم (18) لسنة 2016 المُشار إليه، إذ ينص على قيام الجهات الحكومية المعنية في القطاعين الصحي والتعليمي في الدولة بالعمل على تطوير القدرات اللغوية للأطفال في المراحل العمرية المبكرة، ورفع وعي الأُسر بأهمية القراءة للمواليد الجدد والأطفال؛ لتوفر وزارة الصحة ووقاية المجتمع والجهات الحكومية المعنية بالقطاع الصحي في الدولة لكل طفل في الدولة ثلاث حقائب معرفية، يتم توزيعها في المدد التي تحددها الوزارة أو الجهة الحكومية المعنية. ووفقاً للمرسوم بقانون يجب أن تضع الجهات الحكومية المعنية البرامج اللازمة لتعزيز مهارات القراءة لدى فئات المجتمع ذات الاعتبارات الخاصة شاملة الأشخاص ذوي التحديات في القراءة ونزلاء المنشآت الإصلاحية والمستشفيات وكبار السن وربات البيوت، وتشجيعهم على ممارسة القراءة بما يناسب مع احتياجاتهم. كما ينص المرسوم بقانون على واجب الجهات الحكومية المعنية بأن تضع الآليات المناسبة لاستخدام المراكز الثقافية والملتقيات والمجالس في الأحياء السكنية، وضرورة قيام وزارة تنمية المجتمع والجهات الحكومية المعنية بقطاع التنمية الاجتماعية بأن تشجع على ثقافة التطوع المعرفي، بإشراك مختلف فئات المجتمع في الترويج للقراءة والمشاركة في مبادرات القراءة للأطفال وكبار السن والمرضى وغيرهم من الذين يعجزون عن القراءة. وبحسب المرسوم بقانون، فإنه يجب على وزارة الاقتصاد والجهات الحكومية المعنية بالترخيص التجاري أن تعمل على إلزام المقاهي في المراكز التجارية بتوفير مواد القراءة بما يناسب عدد العملاء واهتماماتهم، وذلك وفق المعايير التي تحددها السلطات المختصة. مسؤولية ويفرد المرسوم بقانون حيزاً واسعاً للقراءة في النظام التعليمي، إذ أوكل لوزارة التربية والتعليم والجهات المعنية بقطاع التعليم في الدولة مسؤولية تطوير المناهج والأنظمة التعليمية؛ وإلزام المنشآت التعليمية الخاصة تطوير مناهجها الدراسية؛ وإلزام جميع المنشآت التعليمية توفير مكتبات تتناسب مع الاحتياجات التعليمية؛ ووضع معايير دولية لتقييم المكتبات في المنشآت التعليمية؛ وإلزام المنشآت التعليمية وضع خطة سنوية لتشجيع القراءة بين الطلبة، ووضع برامج لتطوير مهارات المعنيين بالقراءة من العاملين لديها؛ بالإضافة إلى اعتماد ثقافة وسلوك القراءة ضمن المعايير الخاصة بتقييم المنشآت التعليمية، ووضع الأنظمة اللازمة لإجراء التقييم المستمر للقدرات اللغوية والذهنية للطلبة، فضلاً عن غرس ثقافة احترام الكتاب والحفاظ عليه بين الطلبة، ووضع الإجراءات اللازمة لإعادة استخدامه أو تدويره أو التبرع به. التزام وعلى صعيد القراءة في محيط العمل، نصّ المرسوم بقانون على التزام الجهات الحكومية المعنية بقطاع الموارد البشرية تمكين الموظف من الحصول على وقت للقراءة التخصصية في مجال عمله، على أن يكون ضمن ساعات العمل الرسمية؛ واتخاذ التدابير المناسبة لدعم أنشطة القراءة وتبادل المعارف والخبرات في محيط العمل؛ وتوفير الفرص للموظفين للحصول على مواد القراءة التخصصية المطبوعة أو الإلكترونية المناسبة. ويذكر المرسوم بقانون أنه يجب على الجهات الحكومية المعنية السعي إلى توفير مكتبات عامة أو مرافق للقراءة في مختلف مناطق الدولة، وتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في إنشاء المكتبات والمراكز الثقافية عبر منحها مجموعة من الحوافز والتسهيلات والأراضي المناسبة وأن توفر الجهات المختصة بإدارة المكتبات العامة خدمات مجانية لجميع أفراد المجتمع مثل استخدام مرافق المكتبة واستعارة الكتب واستخدام الشبكة العنكبوتية والمعلومات الرقمية. كما ينص المرسوم بقانون على أن تضع الجهات الخاصة بإدارة المكتبات العامة الآليات المناسبة لضمان إمكان استخدام مرافق القراءة طيلة أيام الأسبوع وساعات ممتدة، بالإضافة إلى عمل هذه الجهات على إعادة تصميم هذه المكتبات بصورة جاذبة، مراكز خدمية وترفيهية عبر تطوير أنظمتها وتحديث وتنويع المحتوى ليناسب اهتمامات جميع فئات المجتمع باختلاف فئاتهم العمرية وباللغتين العربية والإنجليزية. وينص المرسوم بقانون أيضاً على أن تحفز الجهات الحكومية المعنية مراكز التسوق على توفير مساحات تجارية بأسعار تنافسية لمشروعات المكتبات العامة في مراكز التسوق، بالإضافة إلى إلزام الجهات الحكومية المعنية أن تكون المكتبات العامة مناسبة لاستخدام الأشخاص ذوي تحديات القراءة وذوي الإعاقة الحركية، سواء من ناحية المحتوى أو المرافق أو وسائل القراءة، كما ألزم وزارة الثقافة وتنمية المعرفة إنشاء قاعدة بيانات شاملة وموحدة للمكتبات العامة في الدولة، بما تحويه تلك المكتبات من كتب بالإضافة إلى المكتبات التابعة للمؤسسات العامة، وأن تلتزم المكتبات التي تنطبق عليها الشروط التسجيل وفق ما تحدده وزارة الثقافة وتنمية المعرفة. ووفقاً للمرسوم بقانون يجب أن تعمل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة على تأسيس مكتبة وطنية تمثل أرشيفاً فكرياً لحفظ وأرشفة الإنتاج الفكري المقروء في الدولة من التلف والضياع وإتاحته للجمهور والأجيال القادمة، بالإضافة إلى إلزام دور النشر الوطنية تقديم ثلاث نسخ من كل كتاب منشور في الدولة إلى المكتبة الوطنية لغرض الإيداع القانوني أو نسخة إلكترونية لكل منتج آخر من مواد القراءة. مهام ووفقاً لهذا المرسوم بقانون، يجب أن تتولى وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة الثقافة وتنمية المعرفة وضع برامج التطوير المهني المتخصصة للأشخاص الراغبين في التخصص كأمناء مكتبات أو ناشرين أو محررين أو غيرها من الأنشطة ذات الصلة بتعزيز القراءة، كما أوجب أن تعمل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة على تشجيع إصدار ونشر مواد القراءة باللغة العربية بتقديم الدعم والحوافز في نقل المعارف من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، وأن تمنح التسهيلات وتقدّم المشورة والدعم للترويج للمحتوى الوطني خارج الدولة والمشاركة في المعارض الدولية، بالإضافة إلى التزام الجهات المعنية تنظيم وإدارة المعارض في الدولة بتوفير معاملة تفضيلية لدور النشر الوطنية عند مشاركتها أو تأجيرها مساحات العرض. دور الإعلام وفي ما يخص دور الإعلام، نصّ المرسوم بقانون على تولي المجلس الوطني للإعلام مسؤولية وضع سياسة إعلامية متكاملة لدعم وتشجيع القراءة، كما ألزم وسائل الإعلام العامة المرئية والسمعية والمقروءة، تخصيص برامج ومساحات محددة تناسب جميع فئات المجتمع المختلفة للتشجيع على القراءة، بالإضافة إلى عمل المجلس الوطني للإعلام مع القطاع الخاص شريكاً استراتيجياً على الترويج للقراءة عبر الرسائل المباشرة والضمنية وإنتاج الرسائل الإعلامية الموحدة لتنمية الحس المجتمعي باحتساب القراءة قيمة أصيلة في المجتمع الإماراتي. ووفقاً للمرسوم بقانون، تم منح مجلس الوزراء صلاحية اعتماد الخطة الوطنية العشرية للقراءة، تحت تسمية «الخطة الوطنية للقراءة» وأناط بالجهات الحكومية المعنية مسؤولية متابعة تنفيذها، وذلك عبر مواءمة استراتيجياتها وسياساتها بما يتناسب مع هذه الخطة، بالإضافة إلى قيام هذه الجهات بوضع الخطط السنوية التفصيلية لتنفيذ المبادرات المنبثقة من تلك الخطة. صندوق وطني نص المرسوم بقانون على إنشاء صندوق يسمى «الصندوق الوطني للقراءة» بهدف توفير الدعم المالي للمبادرات المبتكرة التي من شأنها ترسيخ القراءة، وأناط بمجلس الوزراء صلاحية إصدار لائحة تحدد بموجبها رأس مال الصندوق، ومصادر تمويله، وتبعيته، وأسلوب إدارته، وذلك لتمكين هذا الصندوق من تلقي الدعم المالي من جميع الجهات الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى الهبات والتبرعات من الأفراد والمؤسسات. ولقد أفرد المرسوم بقانون مادة خاصة تتضمن إنشاء فعالية، وهي الشهر الوطني للقراءة، إذ يخصص مجلس الوزراء شهراً وطنياً من كل سنة للقراءة بهدف حث المجتمع على القراءة كجزء من أنشطته اليومية، وحثه على المشاركة الفعالة في ترسيخ ثقافة القراءة،بالإضافة إلى إلزام المؤسسات التعليمية المشاركة في فعاليات هذا الشهر. خريطة طريق شكّل المرسوم بقانون اتحادي رقم (18) لسنة 2016 خريطة طريق لترسيخ القراءة أسلوب حياة قانون القراءة أصدر المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، قانون القراءة في 2016 حراك معرفي المشرّع الإماراتي حريص على توفير منظومة قانونية تغطي جميع نواحي الحياة المعرفية محاور تنموية يستهدف المرسوم بقانون اتحادي رقم 18 لسنة 2016 في شأن القراءة تنمية رأس المال البشري تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :