شوقية الأنصاري: «مملكة التأليف» مشروع العمر لرعاية المواهب

  • 12/30/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قالت الأديبة والكاتبة شوقية الأنصاري: «إن أدب الطفل وثقافته يمثل مشروع العمر بالنسبة لها، مشددة على أهمية البدايات والدعم والرعاية بالنسبة لكل المبدعين، وأشارت في حوار خاص لـ»المدينة» إلى أن مشروعها «مملكة التأليف» يستهدف رعاية المواهب العلمية والأدبية، ووصفت إجراءات القبول في برامج فنون المسرح بالمعقدة، مشيرة إلى أن التقنية سلبت عقل ووقت الطفل، فيما اكتفت الأسر بتقديم التعليم والغذاء والترفيه عبر جهاز إلكتروني، ولفتت إلى تقديمها 10 موهوبات في رواية اليافعات بمعرض جدة للكتاب مؤخرًا، فإلى نص الحوار.. مشروع العمر - كيف كانت الانطلاقة وما هي أبرز العوامل المؤثرة عليها؟ لابد من عودة الشريط للطفولة حيث مرحلة القراءة والبحث، فمن أكبر نعم الله العظيم علينا أن نشأت في ظل والد (رحمه الله) عزّز بداخلنا معالم الهوية اللغوية والتربية الجمالية من خلال تلقينه وترديده للأشعار الفصيحة والنبطية، وتوظيف قصّ القصص لتعديل سلوكياتنا، بسرد مشوّق للحكايات الشعبية، وقد غرس فينا حب الحفظ والإلقاء بلغة فصحى، والبحث والتقصي عن مفردات جديدة وحكم وأمثال وتدوينها من كبار السن، وهذه الأجواء الأسرية أشعلت عندى الشغف للانغماس في آداب وفنون لغتنا العربية، والتي نمت مع الدراسة الجامعية ومع الوظيفة المهنية بحضور المؤتمرات المتنوعة وتبادل الخبرات التي ساهمت في تشكيل رحلة الإبداع لدى أغلب الكتاب والمؤلفين، وانطلقت لمحطة جديدة نحو الكتابة فصدر لي ديوان شعري (سواليف الشوق) ودراسة بعنوان (واقع توظيف اللهجة المحلية لتجديد اللغة العربية) ومعجم مدرسي محلي لمحافظة أضم (لهجتي سر فصاحتي) وهناك رواية نسائية كتبت ما يقارب أربعة فصول منها وأوقفتها مع نهاية عام 2018م وكتاب عن سيرة والدي ولكنني أجلتها، لأواصل دعم صوت الطفل الذي زادت لغة تواصله معي فوجدت في رواية الطفل ما يستحق الالتفات لها بتصميم مشروع العمر في أدب الطفل وثقافته. إبداع الطفل منذ الصغر - قلبك على الطفل أدبًا وثقافةً وفكرًا، هذا جيد، ولكن كيف تتعاملين مع ابنتك في البيت؟ من أكبر نعم الله علينا أن خصّنا برسالة التعليم كخلفاء لأنبيائه ورسله، فرحلة الكفاح مع المتعلم لها تأثير كبير على نمط معرفتي وصقل خبرتي الأسرية والمهنية لتتكوّن لدينا المهارات التي تؤهلنا أن نكون عن جدارة (الأم مدرسة)، وجاءت برامج وزارة التعليم في استكشاف المواهب المبدعة من طلبة التعليم العام لتكون نقطة الشرارة لاستثمار مفاتيح فلذات أكبادنا وتيسير رحلة إبداعهم، بين اختبارات قياس موهبة لبرامج مؤسسة موهبة الإثرائية، لتعزيز بصمة حضورها بثقة ودافعية بمشاريع ذات قيم دينية ووجدانية وتطوعية داخل المدرسة، والمشاركة بالأنشطة والإذاعات المدرسية، والتخطيط لمشاركتها في أولمبياد إبداع أكثر من موسم وحققت في عام 2016م المركز الخامس على مستوى الوطن بدراسة بحثية جيولوجية عن جبال السروات، ومنذ ذلك التاريخ وهي تحلم بأن تتخصص في المرحلة الجامعية بتخصص (جيوفيزك) واليوم ولله الحمد انتقلت لهذه الخطوة في استكمال أوراق ابتعاثها في مشروع خادم الحرمين الشريفين للطلبة المبتعثين، إن طموح أطفال الأمس غدا بفضل الله ثم بدعم حكومتنا الرشيدة واقعًا يحكي للأجيال قصة بناء الإنسان، وإذا كان الفيلسوف بيكاسو يعيش في حيرة مع إبداع الطفل «يولد كل طفل وهو مبدع لكن المشكلة كيف نبقيه مبدعًا حين يكبر؟» وأنا أجيب بفلسفتي المتواضعة التي استلهمتها من إبداع الطفولة «حبر وقرطاس في الطفل غراس، فالحكمة من الصغر مفتاح رشد حتى الكبر». مشروع مملكة التأليف - ماذا يعني لك الطفل المثقف والأديب وكيف كان هاجسك وما هو مشروعك الحالي والمستقبلي لجعل الطفل المتألق يبدع؟ الأطفال هم أجيال المستقبل ونهضة الأمم وكثير من المؤسسات التعليمية والاجتماعية والثقافية ما قامت أهدافها إلا لخدمة هذه الفئة من تعليم وتثقيف وتهذيب سلوك واحتواء مواهب، وفي قراءة لواقع ثقافة الأطفال ودعم إبداعهم نجدها تسير في مسارين متناقضين، أولها غياب حضور الطفل عن مشهد أدب الطفل لاكتفاء أسرته بتقديم التعليم والغذاء والترفيه باقتناء جهاز إلكتروني وسد حاجاته الأساسية دون الولوج لعالم إبداعه، وحلت التقنية سالبة لعقله ووقته وغاب التوجيه وانغمس الجيل في رفاهية غير واعية وهي المشكلة التي مازال المجتمع يعاني ويتضجر منها شاكيًا باكيًا، في حين نجد بالمسار الثاني ظهور جيل من الأطفال منافس بأدبه وإنتاجه لأقرانه ولكبار المثقفين حوله، فخاض تجارب في القراءة والبحث والابتكار والتنافس بمسابقات أدبية وعلمية وثقافية، كتب من خلالها القصيد، ونقش روايته بحرف فريد، وسطّر قصته ويومياته بفكر ناقد وأدب أنيق، فكان لزامًا أن نأخذ إبداعه نحو المشهد الثقافي ليكون قدوة لأقرانه وأبناء جيله، وهذه الفئة الأخيرة هي المستهدفة من مشروعي (مملكة التأليف) لتقديم الدعم لها لتنتج معرفتها المكتسبة من القراءة العميقة والبحث الدقيق والبراهين والأدلة التي أوصلتها للحقيقة، لتضعها في منتج ثقافي يبرز جهدها ويعيد ثقتها بقدراتها بعد أن عادت من المنافسات الأدبية والعلمية مكسورة الجناح، ولم تحقق أي مؤشر للفوز مما يُضعف عزيمتها للتنافسية، لأنطلق من مقولة بدر الدين بن جماعة: «كنّا إذا رأينا في الشباب نباهة، ألقينا عليه شباكنا فلا يخرج منها إلا عالمًا»، ويقول د.علي الشبيلي: «لا تدَعوا النجباء على قارعة الطريق تأكلهم هوام الحاجة، والعجز والحسرة» وقد انطلقت من هذه الرسالة في مشروع العمر التطوعي (مملكة التأليف)، لأحقق الهدف بالتخطيط ودعم المواهب بالتدريب وتحسين جودة كتاباتها، فجاءت الإنجازات من عام 2016م حتى 2022م بلغة الأرقام تؤكد الإيمان بمواهب أطفالنا في 12 إنتاجًا معرفيًا بين أبحاث علمية ودواوين شعرية وخواطر أدبية وقصص قصيرة وكتب مشتركة ورواية لليافعات، كل ذلك كان بشراكة تثقيف مع الأسرة أولاً لتكمل دعم حضور طفلها المثقف، ثم بشراكة مجتمعية من نادي الأحساء الأدبي وجامعة الأعمال والتكنولوجيا لتيسير مسيرة دعم مشروعنا الثقافي، ونحقق رسالتنا (مهنة العظماء اكتشاف النجباء). إجراءات الهيئة معقدة - ماذا تأملين من هيئة الفنون الأدائية والمسرح لدعم مواهب الأطفال؟ لا ينكر جميع من وقف على مسرح الفن أثر المسرح المدرسي في بزوغ موهبته، لتتأصل من مدارسنا مهارات الإلقاء والإنشاد والتمثيل وكتابة القصة والمسرحية، ونأمل أن تتحقق الشراكة الثقافية التي أعلن عنها وزير الثقافة لتنمية القدرات الثقافية بالتعاون مع وزارة التعليم من أجل أجيال المستقبل ودعم مواهبهم، وأطفالنا أثبتوا جاهزيتهم لكتابة نص مسرحي وأدائه وإخراجه، ليأتي المعلم والفني ميسرين لخطواته ودعم منجزاته، فيعيش الكبار نقلة إبداعية لمسرح الطفل تتزين بها مسارح الإدارات والمؤسسات الحكومية والمسارح التجارية، والأهم توظيف اللغة العربية كبداية للجاهزية ورفع سقف طموح الطفل مع المسرح دون تعقيدات القبول التي ظهرت أثناء تسجيل الصغار ببرامج هيئة فنون المسرح التدريبية بأن تكون اللغة الإنجليزية شرط لقبول التدريب. المساهمة بمعرض جدة للكتاب - معرض الكتاب بجدة، كان لك وقفة ومساهمة فيه فعالة فماذا عرضتِ وهل الأطفال وقعوا كتابهم، كيف تقيمين التجربة بكل صراحة؟ جناح الطفل بمعرض الكتاب تميز بتقديم عدة فعاليات وأنشطة تدريبية ورقمية وركن للقصص والقراءة والمسرح والخيال العلمي والتراث مما أشعل همة الطفل للأداء والفن الشغوف، كما حرصت إدارة المعرض أن تجعل في كل بواباتها أركان للطفل بمجرد أن يدخل لدوحة الثقافة يجد ما يجذب فكره وإدراكه لثقافتنا وهويتنا العربية. وعن تجربتي مع معرض الكتاب برفقة الطفل الأديب حققت في عام 2019م أول بصمة حضور لمشروعي الثقافي (مملكة التأليف) برفقة سبعة من الطالبات المؤلفات، وهذا العام بمعرض جدة 2022م رافقني أكثر من 15 طفلة ويافعة لتوقيع كتاب (أدب الطفل بأقلام الناشئة) حيث نقش الطفل به إبداعات فاقت حدود عزلته، وتنوّع بين نصوص أدبية وقصص ومقالات وقصائد شعرية، وطبع بإشراف نادي الأحساء الأدبي وبعناية د.ظافر الشهري، أما رواية اليافعات التي شاركنا بها جمهور معرض الكتاب بجدة فهي بعنوان (العنود برهان وحنكة) ترسم أحداثها تلك التحديات التي يواجهها الموهوب المبدع في رحلة بحثه عن الحقيقة وإصراره على الابتكار وخلق روح التنافسية في محيط مجتمعه، واشترك في رسم الرواية أكثر من عشرة طالبات من مدارس عالمية بمحافظة جدة، أبحرن مع الحرف العربي فكريًا وحللن رموز الرواية الأدبية لينقشوا من فكرهم لغة للفنون مبتكرة، وطبعت الرواية بعناية من الدكتور عبدالله صادق دحلان رئيس أمناء جامعة الأعمال والتكنولوجيا وتشكل الشراكة المجتمعية والمؤسسية مرحلة جديدة من مشروعنا الثقافي للطفل المؤلف (برفقة كتاب الطفل يطرق كل باب).

مشاركة :