قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن بن محمد القاسم -في خطبة الجمعة-: سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحي مثل القرآن الكريم نزل عليه بها الروح الأمين جبريل عليه السلام، قال جل شأنه:"وأنزل الله عليك الكتاب وعلمك ما لم تكن تعلم"، والحكمة هي السنة باتفاق السلف، فأقواله عليه الصلاة والسلام وأفعاله حق وصدق، قال جل شأنه:"والنجم الى هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى"، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم موافق للعقول والأصول لا ينكره عقل من علم الموضع الذي وضع الله به رسوله صلى الله عليه وسلم من دينه وما افترض على الناس من طاعته، ولا ينفر منه قلب من اعتقد تصديقه فيما قال واتباعه فيما حكم به، والله سبحانه أنزل على رسوله وحيين الكتاب والسنة وأوجب الله على عباده الإيمان بهما والعمل بما فيهما، ومن فرق بينهما وزعم أن القرآن يكفيه في أمر الدين فهو كمن يؤمن ببعض الكتاب ويكفروا ببعض. وأضاف: أرسل الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق على حين فترة من الرسل ودروس من الكتب وتحريف للكلم وتبديل للشرائع، فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلم وتألفت بها القلوب بعد شتاتها، وجعل الهدى والفلاح في اتباعه، والضلال والشقاء في معصيته، أرسله ربه ب بأكمل رسالاته وأفضل كتبه وخاتمة شرائعه، حجة على الخلق وقطعا للعذر، جاء من عند ربه بنور الوحي الذي يجلي كل ظلم، وبه حياة الأرواح، قال تعالى: "أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها"، وتفاصيل الهداية إلى الحق والخير لا تعرف إلا من الوحي، "وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي بهدي به من نشاء من عبادنا". وأضاف: عرف عليه الصلاة والسلام أصحابه وسائر أمته معبودهم وإلههم أتم تعريف حتى كأنهم يرونه ويشاهدونه بأوصاف كماله ونعوت جلاله، وعرفهم الأنبياء وأممهم وما جرى لهم، وما وقع عليهم وما وقع على أممهم معهم حتى كأنهم كانوا بينهم، وعرفهم من طرق الخير والشر دقيقها وجليلها ما لم يعرفه نبي لأمته قبله، ولولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ما اهتدى مسلم إلى عدد ركعات الصلوات، ولا مقادير الزكوات ولا صفة الحج والعمرة ولا أحكام البيوع والأنكحة وغيرها من تفاصيل الدين، قال ابن عمر رضي الله عنهما: "إن الله بعث محمدا ولا نعلم شيئا، وإنما نفعل كما رأيناه يفعل"، قال شيخ الإسلام رحمه الله: سنة رسول صلى الله عليه وسلم تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء بخير الدنيا والآخرة برمته، ولم يحوج الله الخلق إلى أحد سواه في البيان، لذا حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على حفظ سنته وتبليغها إلى الخلق، فقال ليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع.
مشاركة :