الذكرى الثـامـنة والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة

  • 12/31/2022
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحل‭ ‬علينا‭ ‬الذكرى‭ ‬الثامنة‭ ‬والخمسون‭ ‬لانطلاقة‭ ‬الثورة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المعاصرة‭ ‬يوم‭ ‬غد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬عام‭ ‬2023م،‭ ‬الثورة‭ ‬التي‭ ‬فجرتها‭ ‬حركة‭ ‬التحرير‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬‮«‬فتح‮»‬‭ ‬بسواعد‭ ‬الفتية‭ ‬الذين‭ ‬آمنوا‭ ‬بربهم‭ ‬وعدالة‭ ‬قضيتهم،‭ ‬الفتية‭ ‬الذين‭ ‬خلعوا‭ ‬أرديتهم‭ ‬الحزبية‭ ‬القديمة‭ ‬وغادروا‭ ‬قاعات‭ ‬ومنصات‭ ‬التنظير‭ ‬السياسي‭ ‬لينصهروا‭ ‬في‭ ‬بوتقة‭ ‬الحركة‭ ‬التي‭ ‬آمنت‭ ‬بتحرير‭ ‬الأرض‭ ‬بالكفاح‭ ‬المسلح‭ ‬قبل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الحاكم‭ ‬وشكله‭.‬ انطلقت‭ ‬ثورة‭ ‬المستحيل‭ ‬ثورة‭ ‬‮«‬بساط‭ ‬الريح‮»‬‭ ‬من‭ ‬العدم‭ ‬بالبنادق‭ ‬القديمة‭ ‬ومخلفات‭ ‬الجيوش‭ ‬العربية‭ ‬وبالعزيمة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تلين‭ ‬وبالإيمان‭ ‬بحتمية‭ ‬النصر،‭ ‬وكلما‭ ‬كانت‭ ‬الحركة‭ ‬تبادر‭ ‬وتتقدم‭ ‬الصفوف‭ ‬بتضحياتها‭ ‬الجسام،‭ ‬كانت‭ ‬الجماهير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وجماهير‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬تلتف‭ ‬حولها‭ ‬وتحميها‭ ‬وتوفر‭ ‬لها‭ ‬الحاضنة‭ ‬والملاذات‭ ‬الآمنة،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬‮«‬جمال‭ ‬عبدالناصر‮»‬‭ ‬الظاهرة‭ ‬الأنبل‭ ‬في‭ ‬ليل‭ ‬العروبة‭!‬ ونحن‭ ‬نحتفل‭ ‬بهذه‭ ‬الذكرى‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نقيم‭ ‬مراجعاتنا‭ ‬ونقر‭ ‬بأن‭ ‬قضيتنا‭ ‬تمر‭ ‬بأخطر‭ ‬مراحلها‭ ‬وما‭ ‬يزيد‭ ‬الخطر‭ ‬وضعنا‭ ‬الداخلي‭ ‬المهلهل‭ ‬الهش،‭ ‬فلم‭ ‬نستطع‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2007م‭ ‬عام‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني‭ ‬توحيد‭ ‬شطري‭ ‬الوطن‭ ‬السليب‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬المحتل‭ ‬المحاصر‭ ‬براً‭ ‬وبحراً‭ ‬وجواً‭.‬ يواجهنا‭ ‬الآن‭ ‬خطر‭ ‬تأكيد‭ ‬شرعية‭ ‬نظامنا‭ ‬السياسي،‭ ‬فالرئيس‭ ‬الفلسطيني‭ ‬انتهت‭ ‬ولايته‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬عام‭ ‬2009م‭ ‬والمجلس‭ ‬التشريعي‭ ‬انتهت‭ ‬ولايته‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬عام‭ ‬2010م،‭ ‬ويمدد‭ ‬للرئيس‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬المركزي‭ ‬لمنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬فلم‭ ‬يجتمع‭ ‬أعضاؤه‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1998م،‭ ‬وتوفي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20%‭ ‬من‭ ‬أعضائه‭ ‬رحمهم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭!‬ في‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬الداهم‭ ‬على‭ ‬الكل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الشديدة‭ ‬الخطورة‭ ‬بالغة‭ ‬التعقيد‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬وضوح‭ ‬تعريف‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬نريد‭ ‬التوافق‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬مشروعنا‭ ‬الإنساني‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬توافق‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬والانتماء‭ ‬والثقافة‭ ‬والتاريخ‭ ‬والجغرافيا‭ ‬والعمل‭ ‬السياسي،‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬الهدف‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬طبيعة‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬وشكل‭ ‬المجتمع‭ ‬المبتغى‭.‬ ‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬فكر‭ ‬الاعتدال‭ ‬والوسطية‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر‭ ‬المختلف،‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬تنويري‭ ‬حداثي‭ ‬يحترم‭ ‬عقائد‭ ‬الأفراد‭ ‬ومتصادم‭ ‬مع‭ ‬الاحتلال‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬الإرهاب‭ ‬ولا‭ ‬يهادنه‭ ‬ولا‭ ‬يستأنسه‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬إنهائه‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬المشروعة‭.‬ حكومة‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارتهايد‭ ‬الصهيونية‭ ‬الجديدة‭ ‬برئاسة‭ ‬البارع‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬بلا‭ ‬مضمون‭ ‬ولا‭ ‬نتيجة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬هي‭ ‬حكومة‭ ‬عتاة‭ ‬المستوطنين‭ ‬الصهاينة‭ ‬المجرمين‭ ‬الأكثر‭ ‬دموية‭ ‬وتطرفاً‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الدولة،‭ ‬وستوفر‭ ‬لهم‭ ‬الغطاء‭ ‬السياسي‭ ‬والدعم‭ ‬المالي‭ ‬والحماية‭ ‬العسكرية‭ ‬لقتل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وسرقة‭ ‬أرضهم،‭ ‬وهذا‭ ‬خطر‭ ‬يجب‭ ‬مقاومته‭.‬ على‭ ‬‮«‬فتح‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تستنهض‭ ‬نفسها‭ ‬وتبتعد‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬وهياكلها‭ ‬وعليها‭ ‬تجديد‭ ‬الفكر‭ ‬والمنطلقات‭ ‬واستعادة‭ ‬الفكرة‭ ‬والتمسك‭ ‬بالمبادئ‭ ‬والأسلوب‭ ‬والأهداف،‭ ‬وعليها‭ ‬أن‭ ‬تصحو‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬الكسل‭ ‬والخمول‭ ‬والراحة‭ ‬والدعة‭ ‬والوهم‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬الكثيرين‭ ‬وأنزلهم‭ ‬عن‭ ‬الجبل‭!‬ المهمة‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭ ‬بعد‭ ‬فالاستقلال‭ ‬لم‭ ‬ينجز‭ ‬والدولة‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬وتقرير‭ ‬المصير‭ ‬لم‭ ‬يقر‭ ‬والأرض‭ ‬مازالت‭ ‬محتلة‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬اللاجئون‭ ‬لديارهم‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬الأسرى‭ ‬لأمهاتهم‭ ‬وزوجاتهم‭ ‬وأبنائهم،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬النازحون‭ ‬إلى‭ ‬مدنهم‭ ‬وقراهم،‭ ‬ولم‭ ‬نفكك‭ ‬مخيماتنا‭ ‬ولم‭ ‬نشكر‭ ‬الدول‭ ‬المضيفة‭ ‬لنعود‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬المحرر‭!‬ عاشت‭ ‬فلسطين‭ ‬حرة‭ ‬عربية‭ ‬من‭ ‬النهر‭ ‬إلى‭ ‬البحر،‭ ‬وعاشت‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ممثلا‭ ‬شرعيا‭ ‬وحيدا‭ ‬للشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وعاشت‭ ‬السلطة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الكينونة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬المجد‭ ‬والخلود‭ ‬لشهداء‭ ‬فلسطين‭ ‬والأمة‭ ‬العربية‭ ‬المجيدة،‭ ‬والشفاء‭ ‬للجرحى‭ ‬والانعتاق‭ ‬للأسرى‭.‬ { كاتب‭ ‬فلسطيني‭ ‬مقيم ‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين

مشاركة :