الأزهر هو أحد المراكز الإسلامية الكبرى الشديدة التخصص، وضمن جدرانه تُدرس أصول علوم الدين ويتخرج منه الدعاة، وفي مركزه للإفتاء يتواجد عشرات الدكاترة والعلماء المختصين بعلوم الإسلام وأصول الشريعة، وهو قطعاً أكثر علماً وأعلى مقاماً من أي فرد، مهما اعتقد في نفسه وخاصة من تكررت فتاوى التشدد والتكفير منه. *** أتى في فتوى مركز الإفتاء بالأزهر التي نشرت في 30/12/2018 ما يلي: دعا الإسلام إلى قيم التعايش والتسامح والاحترام، وربَّى اتباعه على ذلك، وهي قيم لا تتنافى مطلقاً مع اعتزاز كل صاحب دين بدينه وتمسكه به، فكلما زاد المسلم فهماً للإسلام زاد احتراماً لغيره. وأضاف: تهنئة المسيحيين بأعيادهم تندرج تحت باب الإحسان إليهم والبر بهم، كما أنها تدخل في باب لين الكلام وحسن الخطاب وجميع هذه الأمور أمرنا الله عز وجل بها مع الناس جميعاً دون تفرقة. وتابع الأزهر القول: «كما أن جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم يتوافق مع مقاصد الدين ويبرز سماحته ووسطيته.. إلى آخر الفتوى المهمة. *** يستضيف قادة الدول الغربية والمسيحية كل عام في أعيادنا الإسلامية علماء وشخصيات إسلامية لتهنئتهم وتهنئة المسلم للمسيحي أو المسيحي للمسلم أو غيرهم من أديان لا تعني أن المهنئ يعتقد بصحة عقيدة من يقوم بتهنئته، كما ادعى أحدهم، لذا فإنَّ المسيحي عندما يهنئ المسلم لا يعني ذلك أنه أصبح يؤمن بما نؤمن به، وأنه سيحرم على نفسه بعد التهنئة أكل لحم الخنزير وشرب النبيذ وسيقوم بالصلاة معنا وصيام رمضان والحج لمكة، وبالمثل من السخف الشديد القول إن تهنئة المسلم للمسيحي تعني أن المسلم أصبح يؤمن بما يؤمن به المسيحي في معتقده. *** آخر محطة: (1) يجب أن يُعرَف أن المبادرة بالسلام أو التهنئة ومثلها المشاركة بالعزاء للمسيحيين واليهود وغيرهم لا علاقة لها بقضايا الإيمان والكفر، بل تصب كما أتى في فتوى كبار علماء الأزهر مجتمعين - لا صغارهم منفردين - ضمن مكارم الأخلاق وأقرب للصحة، فما دام الإسلام قد سمح بالزواج من الكتابية وجعلها تربي أبناءه وهي على معتقدها فمن المستبعد أن يحرم أو يكفر زوجها وأبناءها حال تهنئتهم لها. (2) خلق قاعدة متشددة ومتطرفة يجعل من التهنئة أنها تعني الإيمان بما يؤمن به من تتم تهنئته.. يعني كذلك عدم تهنئة المسلمين بعضهم لبعض كونهم منقسمين بشكل طبيعي إلى عشرات المكونات والعقائد والمدارس الفقهية. (3) هناك عشرات ملايين المسلمين ممن يعيشون ويعملون في الدول المسيحية.. فهل من الحكمة أن نمنعهم من تهنئة المسيحيين في بلدانهم؟!
مشاركة :