بدأت منصة (فاوندري Foundry) بدبي ابتداء من 23 نوفمبر الماضي، موسم الشتاء بتقديم أعمال مجموعة من الفنانين ومن بينهم الفنان التشكيلي الإماراتي خالد البنا الذي شارك بثلاثة أعمال فنية حديثة حملت عنوان (Cycle) اعتمد فيها تقنية الفك والتركيب وتدوير المواد والخامات الأكثر انتشاراً في الفن حالياً، وكان للفنان البنا تجربة سابقة، استخدم فيها المواد والخامات التي كانت رائجة، في الأسواق الشعبية الإماراتية في العقود الماضية، وأصبحت اليوم نادرة بسبب تحول الناس عن استعمالها، أو بسبب توقف الشركات المنتجة لها عن توريدها إلى البلد. نفذ الفنان البنا جانباً مهماً من تجربته الفنية بتقنية الأبيض والأسود والطباعة، هذه التقنية التي شغف بها وأحبها واستخدمها في بداية مشواره الفني، وكان هذا نوعاً من التحدي، حيث واجهته صعوبات كبيرة في إظهار الفكرة والسيطرة على بنية العمل الفني وعناصره، من خلال هذين اللونين، ولكنه تمكن في النهاية من إنتاج عمل فني متجانس منهما، لما يكتنزان من غنى وثراء وتدرجات لونية غير محدودة. تحوير وتجريد يؤكد الفنان البنا أن تصوره للأشياء، وتلمسه لها، جعلاه يقوم بتحوير الأشكال وتجريدها من أصولها ودلالاتها وتحويلها إلى أشكال هندسية متناسقة وغير متناسقة أحياناً. أشكال هلامية ذات أبعاد غير محدودة، ما نتج عنه عمل فني غني متكامل الأبعاد والمقومات والخصائص. ولأن الفنان البنا في الأساس مهندس معماري، فقد تأثر بالأشكال الهندسية كالمربع والدائرة والمستطيل والمثلث، وقام بتوظيفها في خلق تكوينات مفعمة بالقيم الفنية الجمالية والتعبيرية، قيم ضمنها معمار عمله الفني بشكلٍ متوارٍ، بهدف منح المتلقي متعة اكتشافها، والتمتع بها بحرية كاملة، وفقاً لثقافته الفنيّة، الأمر الذي يمنحه جرعة مضاعفة من الاستمتاع بما يشاهده. عودة إلى اللون في العام 2009 ولج الفنان البنا عالم الألوان الباذخة، الثرية، والصارخة، المستلهمة من المشغولات والحرف الشعبية، وذلك بتوظيفه للأقمشة المستعملة في الثياب المحلية التراثية في إنجاز لوحة جديدة، تحمل الكثير من القيم البصرية الجمالية والدلالية الغنية، الزاخرة بها الثياب والمشغولات القماشية التي ما زالت تحتفظ بها الحياة الشعبية الإماراتية، مضمناً إياها جملة من الأفكار والمفاهيم والقيم البصرية والفكرية الحديثة، القادرة على مشاغلة بصر وبصيرة المتلقي العادي، والفنان التشكيلي والحرفي في آنٍ معاً، فهي بحمولاتها من الأشكال والألوان، قادرة على تصيد العين الباحثة عن الجماليات البصرية الشعبية الساحرة وإطرابها، وبالتالي تقوم بتحريض الفنانين التشكيليين على البحث فيما تكتنز عليه المشغولات النسيجية التراثية من قيم بصرية ودلالية، ومن ثم تدوير المناسب والملائم منها، سواء في لوحات مسندية معاصرة، أو حرف ومشغولات استعمالية بمفهوم حديث، ورؤية معاصرة. هوية وطنية لقد أراد الفنان البنا من أعماله هذه، طرح فكرة الهوية الوطنية والدعوة لمناقشتها، والتأكيد على الأصالة المنبثقة من روح المجتمع وذائقته البصرية، التي هي وليدة تراكمات لموروثات سكنت وجدان الإنسان الشعبي الإماراتي، وأخذت طريقها إلى فكره وعاداته وتقاليده ومسكنه وثيابه وحاجاته الاستخدامية اليومية الأخرى، فهذه الأشياء مجتمعة هي الحاضن الحقيقي للثقافة الشعبية الباقية والراسخة التي لا يمكن لرياح العولمة، مهما اشتدت، إلغاؤها أو تذويبها. الزمن الجميل يُصر الفنان البنا على منح منجزه الفني سمة محلية وتوظيف مفردات البيئة في أعماله، وله في هذا الحقل الكثير من التجارب، منها قيامه باستعادة ذكرى الأشخاص الذين كانوا موجودين في المجتمع الإماراتي ولهم تأثير كبير على جوانب عديدة منه، لكنهم رحلوا ولم يبقَ منهم سوى صورهم الضوئية التي قام بجمعها وعرضها ضمن إطار فني، بهدف التذكير بهم وبالزمن الجميل الذي تواجدوا فيه. هذا المشروع الفني الوطني هو جزء من سعيه الدائم لجعل الذاكرة الوطنية حية ومتوهجة عبر الفن ومن خلاله. رافعات تجربة تتوزع التجربة الفنية التشكيلية للفنان خالد البنا على حقلين رئيسين وهما: تجربته مع تقنية الأبيض والأسود والطباعة، وتجربته مع الألوان بتقنية التلصيق (الكولاج). هاتان التجربتان هما الرافعة الأساسية لتجربته الفنية، وأبرز ملامحها الناضجة والمتميزة. فعلى صعيد تقنية الأسود والأبيض والطباعة، أنجز العديد من الأعمال التي يمكن تصنيفها وفقاً لطريقة استعماله لها، ما بين أعمال منفذة بانفعال وحركة تلقائية، وأعمال مدروسة في عملية توزيع المساحات البيضاء والسوداء والرمادية متنوعة الأشكال والعناصر الصلبة واللينة، وأخرى جدارية كبيرة. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :