وأشاد الحبر الأعظم السبت ب"نبل كبير" ميّز البابا الفخري الذي توفي بعد قرابة عقد على تنحيه عام 2013 ليصبح أول بابا يستقيل من حبريته منذ ستة قرون. وسيترأس البابا فرنسيس الأحد صلاة لمناسبة اليوم العالمي للسلام في كاتدرائية القديس بطرس، قبل إقامة صلاة التبشير ومخاطبة المؤمنين في ساحة القديس بطرس الساعة 11,00 ت غ. وبدأت التحضيرات لمراسم دفن البابا الراحل التي سيترأسها البابا فرنسيس صباح الخميس في الكاتدرائية. وسيسجى جثمان الراحل لثلاثة أيام قبل الدفن ليتسنى للمؤمنين وداع البابا الذي أثار جدلا بين الكاثوليك بدفاعه القوي عن قيم تقليدية. وقال الفاتيكان إن مراسم جنازة بنديكتوس ستكون "رسمية لكن بسيطة"، وسيدفن بعدها في أحد سراديب كاتدرائية القديس بطرس. - رجلان باللباس الأبيض البابوي - توالت الإشادات السبت من كل أنحاء العالم بلاهوتي لامع، بذل جهدا لفرض سلطته على الكنيسة التي كانت تصارع سلسلة من الأزمات من بينها فضيحة ارتكاب رجال دين اعتداءات جنسية. وأشاد الرئيس الأميركي الكاثوليكي جو بايدن، ب"تفاني البابا للكنيسة" فيما استذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين البابا "المدافع عن القيم المسيحية التقليدية". وتضع وفاة البابا الفخري حدا لتعايش غير معتاد بين رجلين يرتديان اللباس الأبيض البابوي، بنديكتوس وفرنسيس، في الدولة الصغيرة. وتدهورت صحة البابا بنديكتوس قبل فترة، وكان قد انسحب بشكل شبه تام من الحياة العامة عندما أعلن البابا فرنسيس أن حالته ساءت. وتوفي صباح السبت في دير والدة الكنيسة في الفاتيكان، حيث أقام منذ إعلانه تنحيه في 2013 مشيرا إلى تراجع قدراته الذهنية والصحية. وفي صلاة لمناسبة نهاية العام مساء السبت، أشاد فرنسيس بسلفه "العزيز جدا" واستذكر "شخصه النبيل واللطيف". وكان فرنسيس قد أثار العام الماضي احتمال تنحيه في حال عجزه عن القيام بمهامه. - "حارس العقيدة" - ولد بنديكتوس في 16 نيسان/أبريل 1927 في ماركتل أم إن في بافاريا. وأصبح لدى بلوغه 78 عاما أول بابا من أصل ألماني في العصر الحديث. ونُكست الأعلام السبت في دار بلدية ماركتل حيث أقيم قداس خاص في الكنيسة التي تعمّد فيها. وقال أحد الأهالي ويدعى كارل مايكل نوك (55 عاما) إن وفاته "ربما كانت خلاصا" مشيدا بالبابا الراحل لتنحيه، ومدافعا عن سجله. وبنديكتوس المقرب لفترة طويلة من يوحنا بولس الثاني، والكاردينال الكبير في التسلسل الهرمي للكنيسة الكاثوليكية، كان أبرز المرشحين ليصبح الحبر الأعظم في 2005. لكنه قال في وقت لاحق إن "الشعور الذي راودني: المقصلة". وبعكس سلفه فرنسيس اليسوعي الذي يحب الاختلاط بين أبناء رعيته، فإن بنديكتوس كان مثقفا محافظا أصبح رئيس مجمع العقيدة والإيمان في روما حتى انتخابه في 2005. وبذل جهودا مضنية لاحتواء عدد من الفضائح التي شهدتها الكنيسة خلال فترة حبريته، ليس أقلها فضيحة تحرش رجال دين جنسيا بالأطفال. حامل راية المحافظين طاردت فضيحة الانتهاكات الجنسية البابا الألماني في الأشهر الماضية بعدما اتُهم في تقرير صحافي في ألمانيا في كانون الثاني/يناير 2022 بإساءة إدارة العنف الجنسي في الثمانينات عندما كان رئيس أساقفة ميونيخ. وكسر صمته ليطلب "الصفح" لكنه أكد أنه لم يتستر مطلقًا على الإساءة للأطفال والتقى عددا من الضحايا. وأثارت تصريحاته مرارا الجدل، كتلك التي أغضبت المسلمين في أنحاء العالم إلى فضيحة غسيل الأموال وصولا إلى فضيحة في العام 2012 عندما سرب مساعده الشخصي وثائق سرية للفاتيكان في ما أطلقت عليها تسمية "فاتيليكس". وسيتذكره الناس لاهوتيا "لكنه لم يكن يملك الشخصية المعنوية اللازمة للبابا" على ما قال الخبير في شؤون الفاتيكان الإيطالي ماركو بوليتي. لكن بعد استقالته، بقي بنديكتوس حامل راية الجناح المحافظ في الكنيسة. ورأى بوليتي في تصريحات لوكالة فرانس برس أن بوفاة بنديكتوس يفقد الذين حاربوا نظرة أكثر ليبرالية لفرنسيس "رمزا حيا".
مشاركة :