«حرب باردة» بين رئيس تونس والمعارضة

  • 1/1/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بات واضحا أن حدة الأزمة السياسية في تونس تتفاقم، مع اتساع الهوة بين الفاعلين الرئيسيين في المشهد بوتيرة مضطردة، وذلك منذ الاعلان عن نتائج الدور الأول للانتخابات التشريعية التي شهدت إقبالا ضعيفا غير مسبوق في تونس لم يتجاز 11% لتصل «الأزمة السياسية» اليوم إلى ما يمكن اعتباره «حربا باردة» تدار بين الرئيس التونسي، قيس سعيد، وجميع خصومه دون استثناء بالتلميح وبالتصريح. ويبدو أن الاتحاد العام للشغل في تونس قرر أيضا التصعيد، خاصة وأن العلاقة بين اتحاد الشغل والحكومة ومن ورائها الرئيس قيس سعيد أشد توتّرا. وفي ترجمة لما أعلنه أمين عام اتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، حول أن الفترة المقبلة ستشهد تحركات قطاعية وجهوية، قررت الجمعية العامة للنقل، تنفيذ إضراب عام يومي 25 و26 يناير/ كانون الثاني الجاري، بعد الإضراب الذي شنّته الجمعية العامة للإعلام بالتزامن مع الإنتخابات التشريعية.   المعارضة تطاالب بحوار يرسم خطة لفترة انتقالية وفي ظل مناخ الحرب الباردة، اجتمعت الأصوات المعارضة، بشكل صريح أو غير مباشر للمطالبة بحوار ينتهى برسم خطة لفترة انتقالية تضع حدا للمسار السياسي للرئيس الذي  طرحه منذ25  يوليو/ تموز2021 وتنزيل مسار جديد باصلاحات سياسية ودستورية تأخذ بعين الاعتبار ما تراكم من أخطاء والفشل منذ 2011 الى اليوم. هذا تصور القوى السياسية «الوازنة»، التي تعارض اليوم الرئيس قيس سعيد من مواقع عدة، وهي تعتبر أن النتيجة الحتمية لفشل الدور الأول من الانتخابات التشريعية وضع حد لمسار 25 يوليو/ تموز، بحسب تعبير المحلل السياسي التونسي،حسان العيادي، لكن في المحصلة يوحد الرئيس هذه القوى ويتعامل معها على أنها كيان واحد يتطرق إليه في كلماته بضمير الجمع الغائب «هم» ويجعلهم مجموعة متجانسة متناغمة تتآمر على الشعب وعلى مساره السياسي.   تصاعد حدة الصراع السياسي هنا يتضح أن رد رئيس الجمهورية وتلميحه بسقوط آخر ورقة توت عن معارضيه، يتجاوز الرفض ليكون بمثابة تصعيد وتلويح بأن المسار لن يقتصر على استكمال الدور الثاني من الانتخابات التشريعية، بل سيستمر لترسيخ كل أسسه وبناه الدستورية لتنطلق عملية المحاسبة وفق ارادة الشعب. ويرى «العيادي»، أن رفض مختلف المبادرات السياسية واستباق أخرى على غرار مبادرة المنظمات الاجتماعية المنتظر استكمال بنودها، يضع البلاد في اتون صراع سياسي تتصاعد حدته مع كل خطوة يقطعها هذا الطرف او ذاك. لا يقتصر الرئيس هنا على وضع أحزاب ومنظمات في سلة واحدة بل يدفعها إلى التصعيد ضده واللجوء إلى حلول قصوى بدورها، فرفض الرئيس أن يستمع للجميع، بما في ذلك اتحاد الشغل، سيجبر الأخير على تنزيل تلويحه بحشد الشارع على الأرض باعتباره السبيل الوحيد المتبقى أمامه.   وضع سياسي واجتماعي شديد الخطورة ومع تصاعد حدة «التوترات» و«الاحتجاجات» داخل المشهد السياسي، فقد تزامن إعلان حالة الطوارىء خلال شهر يناير/كانون الثاني الجاري، مع طرح مبادرات لإنقاذ البلاد، الأمر الذي لا يمكن فهمه إلا ضمن إطار وضع سياسي واجتماعي شديد الخطورة، بحسب تقدير المحلل السياسي التونسي، كمال بالهادي، وأنه من المهم التأكيد على أن جملة الحركات الاحتجاجية كانت ترفع الشعارات الاجتماعية ولكن الأخطر فيها هو حالة القطيعة التامة بين مكونات المجتمع المدني والسياسي وبين السلطة السياسية القائمة !!   الشهر الحالي ربما يكون ساخنا في تونس وإعلان حالة الطوارىء خلال  الشهر الجاري(يناير/كانون الثاني)، هو أمر يدعو للريبة، خاصة فيما يتعلق بالأوضاع الأمنيةـ بحسب صحيفة الشروق التونسية ـ وهو مؤشر على أن هذا الشهر ربما يكون ساخنا بالقدر الذي يدعو الجميع ـ من رئيس الجمهورية والمكونات السياسية والاجتماعية ـ لتحمل مسؤولياتهم كاملة، حتى لا تنزلق البلاد إلى ما هو خطير. التحذير من طوفان يجرف الجميع! ويؤكد «بالهادي»، أن الشعب التونسي قد عانى الويلات خلال السنوات الماضية، وهي سنوات تعيسة وكبيسة، ولم ير فيها التونسي أي فرح، بل  بالعكس، فكل المكتسبات التي تحققت في العقود الماضية هي في تراجع مريع، ويخطىء كل من يتباهى بأنها كانت سنوات وردية، ومع كل هذا البؤس العام الذي تعيشه منذ 2011  فإن صبر التونسيين ليس «صبر أيوب»، والناس يتحملون على قدر طاقتهم، ونعتقد أن الصبر بدأ ينفذ، وطاقة التحمّل هي الأخرى بصدد النضوب، وإذا ما خرج التونسيون للشوارع هذه المرة سيكونون طوفانا يجرف الجميع!

مشاركة :