مؤرخ أمريكي: انتصار الغرب في أوكرانيا قد يقود إلى حرب عالمية ثالثة

  • 1/3/2023
  • 01:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن‭ - (‬د‭ ‬ب‭ ‬أ‭): ‬يقول‭ ‬المؤرخ‭ ‬الاسكتلندي‭ ‬الأصل،‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجنسية‭ ‬نيال‭ ‬فيرجسون،‭ ‬عن‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ومخاوف‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬ثالثة‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الحرب‭ ‬هي‭ ‬الجحيم‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬حربا‭ ‬محدودة‭ ‬النطاق،‭ ‬فهي‭ ‬بالطبع‭ ‬جحيم‭ ‬لمن‭ ‬يعانون‭ ‬ويلاتها‮»‬‭. ‬ وكتب‭ ‬فيرجسون‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬نشرته‭ ‬وكالة‭ ‬بلومبرج‭ ‬للأنباء،‭ ‬إن‭ ‬الحروب‭ ‬العالمية‭ ‬هي‭ ‬أسوأ‭ ‬عمل‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬بنو‭ ‬البشر‭ ‬ضد‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬مقال‭ ‬كتبه‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬هنري‭ ‬كيسنجر،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬كيف‭ ‬نتجنب‭ ‬حربا‭ ‬عالمية‭ ‬أخرى‮»‬‭. ‬ وذكر‭ ‬كيسنجر‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1914‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬تدرك‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬‮«‬كيف‭ ‬عززت‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬وقد‭ ‬ألحقت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬دمارا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬ببعضها‭ ‬البعض‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬أغسطس‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1916‭ ‬بعد‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬وسقوط‭ ‬ملايين‭ ‬الضحايا،‭ ‬بدأت‭ ‬الدول‭ ‬المقاتلة‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ (‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭) ‬محاولة‭ ‬استكشاف‭ ‬آفاق‭ ‬إنهاء‭ ‬المذبحة،‭ ‬وقد‭ ‬فشلت‭ ‬مساعيها،‭ ‬رغم‭ ‬تدخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬ وطرح‭ ‬كيسنجر‭ ‬سؤالا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬مقاله‭: ‬‮«‬هل‭ ‬يجد‭ ‬العالم‭ ‬نفسه‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬مماثلة‭ (‬لفرصة‭ ‬عام‭ ‬1916‭) ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬فيه‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬وقفا‭ ‬مؤقتا‭ ‬لعمليات‭ ‬عسكرية‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬هناك؟‮»‬‭. ‬ وتساءل‭ ‬فيرجسون‭: ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬سبيل‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬أم‭ ‬مقدر‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬تصعيدا‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير؟‭ ‬ وكما‭ ‬أشار‭ ‬كيسنجر‭ ‬في‭ ‬مقاله،‭ ‬هناك‭ ‬قوتان‭ ‬نوويتان‭ ‬في‭ ‬منافسة‭ ‬على‭ ‬مصير‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬أحداهما‭ ‬روسيا،‭ ‬التي‭ ‬تخوض‭ ‬بالفعل‭ ‬حربا‭ ‬تقليدية،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬تخوض‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬القتال‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬حيث‭ ‬توفران‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬أليكس‭ ‬كارب،‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬‮«‬بالانتير‭ ‬تكنولوجيز‭ ‬أنكوربوريشن‮»‬‭ ‬لبرامج‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬وتحليل‭ ‬البيانات‭ ‬الضخمة،‭ ‬بـ«قوة‭ ‬أنظمة‭ ‬الحرب‭ ‬الخوارزمية‭ ‬المتقدمة‮»‬‭. ‬ وقال‭ ‬كارب‭ ‬لصحيفة‭ ‬الواشنطن‭ ‬بوست‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬يعادل‭ ‬امتلاك‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ ‬تكتيكية،‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬خصم‭ ‬يمتلك‭ ‬أسلحة‭ ‬تقليدية‭ ‬فحسب‮»‬‭. ‬فهل‭ ‬تخيل‭ ‬أحد‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك؟‭ ‬ وهناك‭ ‬مشكلتان‭ ‬واضحتان‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬أمريكا‭: ‬الأولى‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬أنظمة‭ ‬الأسلحة‭ ‬الخوارزمية‭ ‬تعادل‭ ‬قوة‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬التكتيكية،‭ ‬ربما‭ ‬يجد‭ ‬بوتين‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬مدفوعا‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ (‬النووية‭)‬‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬النوع‭ ‬الأول‭. ‬والمشكلة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬أنه‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬قد‭ ‬فوضت‭ ‬كييف‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬توقيت‭ ‬إجراء‭ ‬مفاوضات‭ ‬سلام،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الشروط‭ ‬المسبقة‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬بها‭ ‬كييف‭ ‬لا‭ ‬تقبلها‭ ‬موسكو‭. ‬ ويرى‭ ‬فيرجسون‭ ‬أنه‭ ‬مقدر‭ ‬لحرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬أن‭ ‬يمتد‭ ‬بها‭ ‬الأجل‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬مسدود،‭ ‬وفاة‭ ‬بوتين‭ ‬مثلا‭ ‬والتوصل‭ ‬إلى‭ ‬ترسيم‭ ‬جديد‭ ‬للحدود‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭. ‬ ويقول‭ ‬فيرجسون‭ ‬إن‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬تذكرنا‭ ‬بأن‭ ‬تعطيل‭ ‬التجارة‭ ‬يشكل‭ ‬سلاحا‭ ‬حيويا‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬وأنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬عظمى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بإنتاج‭ ‬الأسلحة‭ ‬الحديثة‭ ‬بكميات‭ ‬كبيرة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬واردات‭ ‬من‭ ‬عدمه‭. ‬ وقد‭ ‬استهلك‭ ‬طرفا‭ ‬النزاع‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬كميات‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬القذائف‭ ‬والصواريخ،‭ ‬والطائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار‭ (‬مُسيرات‭)‬،‭ ‬والعربات‭ ‬المدرعة‭. ‬ والسؤال‭ ‬المطروح‭ ‬هو‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬تستطيع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مواصلة‭ ‬ذلك؟‭. ‬ وكما‭ ‬أشارت‭ ‬الباحثة‭ ‬جاكي‭ ‬شنايدر،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬هوفر،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬استنفدت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مخزونات‭ ‬الأسلحة،‭ ‬بما‭ ‬يشمل‭ ‬حوالي‭ ‬ثلث‭ ‬مخزون‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬صواريخ‭ ‬جافلين،‭ ‬و25%‭ ‬من‭ ‬صوارخ‭ ‬ستينجرز‮»‬‭. ‬ووفقا‭ ‬لـ«المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬كميات‭ ‬قذائف‭ ‬المدفعية‭ ‬التي‭ ‬تنتجها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬خلال‭ ‬عام،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تكفي‭ ‬فحسب‭ ‬عشرة‭ ‬أيام‭ ‬أو‭ ‬أسبوعين‭ ‬من‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب‮»‬‭. ‬ وأشار‭ ‬تقرير‭ ‬لوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الطاقة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬لشركات‭ ‬صناعة‭ ‬الصواريخ‭ ‬التكتيكية،‭ ‬وطائرات‭ ‬الأجنحة‭ ‬الثابتة،‭ ‬والأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬قد‭ ‬خفضت‭ ‬إنتاجها‭ ‬بواقع‭ ‬النصف‭. ‬ وأوضح‭ ‬فيرجسون‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬واجهته‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬ثلاثينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬وأنها‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كررت‭ ‬نفس‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬الحكومات‭ ‬البريطانية‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬العقد،‭ ‬فستصبح‭ ‬أمريكا،‭ ‬المنهكة‭ ‬ماليا،‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬ردع‭ ‬محور‭ ‬وليد،‭ ‬يضم‭ ‬روسيا‭ ‬وإيران‭ ‬والصين،‭ ‬من‭ ‬المخاطرة‭ ‬بإثارة‭ ‬صراعات‭ ‬متزامنة‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬أوروبا،‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والشرق‭ ‬الأقصى‭. ‬ ويرى‭ ‬فيرجسون‭ ‬أنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حريصة‭ ‬بشدة‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬مواصلة‭ ‬خوض‭ ‬حرب‭ ‬اقتصادية‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬قد‭ ‬تجد‭ ‬فيه‭ ‬بكين‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬اليابان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1941،‭ ‬أي‭ ‬ليس‭ ‬أمامها‭ ‬خيار‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تهاجم‭ ‬أولا،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر،‭ ‬أملا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬نصر‭ ‬عسكري‭. ‬ وسوف‭ ‬يشكل‭ ‬ذلك‭ ‬واقعا‭ ‬خطيرا‭ ‬للغاية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬وضع‭ ‬الصين‭ ‬اليوم‭ ‬أقوى‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬اليابان‭ ‬آنذاك‭. ‬ وفي‭ ‬الختام‭ ‬يقول‭ ‬المؤرخ‭ ‬الأمريكي‭ ‬فيرجسون‭ ‬إن‭ ‬كيسنجر‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬فيما‭ ‬يساوره‭ ‬من‭ ‬خوف‭ ‬باندلاع‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬ثالثة،‭ ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬الحربين‭ ‬الأولى‭ ‬والثانية‭ ‬صراعات‭ ‬صغيرة‭: ‬حروب‭ ‬البلقان‭ (‬1013-1012‭)‬،‭ ‬وغزو‭ ‬إيطالي‭ ‬لإمبراطورية‭ ‬الحبشة‭ (‬1936‭)‬،‭ ‬والحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬الإسبانية‭ (‬103-1936‭)‬،‭ ‬والحرب‭ ‬الصينية‭-‬اليابانية‭ (‬1937‭). ‬ وربما‭ ‬يبدو‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬تسير‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬للغرب‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬قد‭ ‬تكون،‭ (‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬سيناريو‭ ‬ممكن،‭ ‬نذير‭ ‬شؤم‭) ‬لحرب‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقا‭. ‬

مشاركة :