عن عمر ناهز 84 عاماً، رحل، اليوم (الثلاثاء)، د.محمد عناني، الملقب بـ«عميد المترجمين العرب»، وصاحب الإسهام «الأكبر» في نقل روائع الأدب الإنجليزي إلى العربية طوال أكثر من نصف قرن. وقد نعت وزيرة الثقافة المصرية د.نيفين الكيلاني، الراحل، واصفة إياه بـ«المثقف الموسوعي»، مؤكدةً في منشور لها على موقع «فيسبوك»، أن «الثقافة العربية خسرت برحيله قامة أدبية كبيرة، فقد عشق الكلمة وأبحر في فنونها المختلفة». وعدّ د.محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، الراحل «صاحب مدرسة علمية عريقة ويمثل قيمة وقامة رفيعة المستوى، ومسيرته الأكاديمية والأدبية والثقافية حافلة بالعمل والعطاء»، مشدداً في نعيه على الصفحة الرسمية للجامعة، أنه «سيبقى حياً في نفوس تلامذته ومريديه لأجيال قادمة». وصدر لعناني ما يقرب من 130 كتاباً باللغتين العربية والإنجليزية تتوزع بين التأليف والنقد فضلاً عن الترجمة. ومن أبرز مؤلفاته «السجين والسجان»، و«السادة الرعاع»، و«جاسوس في قصر السلطان»، و«الترجمة الأسلوبية»، و«النقد التحليلي»، و«التيارات المعاصرة في الثقافة العربية»، و«الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق». أما في مجال الترجمة، فينصبّ إسهامه الأكبر على نقل معظم التراث المسرحي لويليام شكسبير بشكل مدقق وبلغة رفيعة المستوى، حسب النقاد، حتى إنه كان يلجأ لطبعات مختلفة صدرت في أزمنة متباعدة للمسرحية الشكسبيرية الواحدة حتى يدقق معلومة أو يضع هامشاً توضيحياً يسهم في إضاءة النص. وُلد عناني عام 1939 بمحافظة البحيرة (دلتا مصر)، وحصل على درجة البكالوريوس 1959 في اللغة الإنجليزية من جامعة القاهرة 1959، ثم درجة الماجستير من جامعة لندن 1970، والدكتوراه من جامعة «ريدينغ» 1975. نال الراحل الكثير من الجوائز والتكريمات المختلفة منها جائزتا الدولة في «الترجمة»، و«الآداب» و«وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى»، و«جائزة الملك عبد الله الدولية في الترجمة». من جانبه، يشير ماهر البطوطي، الكاتب والمترجم والمحرر بالأمم المتحدة، إلى أنه «بحكم اقترابه من الراحل في السنوات الأخيرة من حياته تعرف على الوجه الإنساني لمثقف كان يقضي جل وقته في الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية، والتردد على المتاحف إلى جانب التنقيب في أمهات المراجع العالمية». ويقول البطوطي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «عناني أثرى المكتبة العربية بالعشرات من الكتب التأسيسية، فأنجز على سبيل المثال ترجمة 20 مسرحية لشكسبير، كما ترجم (الفردوس المفقود) لجون ميلتون، وكان له دور رائد في النهضة المسرحية التي عرفتها مصر في عقدي الستينيات والسبعينيات، فكتب عدداً من الأعمال المسرحية التي مثلّت البلاد في الخارج كما شارك في إصدار أول مجلة متخصصة تعنى بشؤون المسرح».
مشاركة :